الرمادي... مطلوب 9 مليارات دولار للعودة إلى ما قبل «داعش»

مسؤول محلي: موازنة الدولة لإعادة الإعمار تساوي صفرًا

الرمادي... مطلوب 9 مليارات دولار للعودة إلى ما قبل «داعش»
TT

الرمادي... مطلوب 9 مليارات دولار للعودة إلى ما قبل «داعش»

الرمادي... مطلوب 9 مليارات دولار للعودة إلى ما قبل «داعش»

تشير الوقائع على الأرض في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار (108 كم غرب بغداد)، إلى الآثار الكارثية التي خلفتها الحرب ضد تنظيم داعش الذي سيطر على المدينة في 4 يناير (كانون الثاني) 2014. ومنذ ذلك التاريخ وحتى تحريرها في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2015، يتفق أغلب الأهالي والمسؤولين، على أن ما تعرضت له المدينة غير مسبوق في تاريخ العراق المعاصر.
في هذا السياق، كشف قائمقام الرمادي، إبراهيم الجنابي لـ«الشرق الأوسط»، عن أرقام مذهلة للمنازل والبنى التحتية المدمرة في المدينة وحجم الأموال المطلوبة لإصلاحها. حيث ذكر أن «إجمالي المبلغ المطلوب يبلغ نحو 9 مليارات دولار، تتوزع بواقع 3 مليارات لأعمار 45 ألف وحدة سكنية مدمرة بالكامل، إلى جانب 7 آلاف وحدة سكنية مدمرة جزئيا».
وبخصوص البنى التحتية للمدينة، يقول الجنابي: «لدينا 63 جسرًا مهدمًا، و63 مؤسسة حكومية متضررة كثيرًا، إلى جانب تدمير 200 من أصل 450 مدرسة، إضافة إلى أن أغلب الشوارع متضررة نتيجة العمليات العسكرية والعبوات الناسفة التي كان يزرعها (داعش)، والمبلغ بمجموعه يمكننا من العودة بالأوضاع إلى مرحلة ما قبل (داعش)».
ويمكن من خلال المعطيات المتوفرة في قضاء الرمادي وحده، تصور حجم الأضرار والأموال اللازمة لإعادة أعمار عموم محافظة الأنبار التي يسكنها نحو مليون و800 ألف مواطن، وتعادل مساحتها نحو ثلث أراضي العراق، وقد احتل (داعش) أغلب أقضيتها ونواحيها، وما زال يسيطر على بعض مناطقها.
وبشأن المساعدات التي تقدمها الحكومة لعملية إعادة الأعمار، نفى الجنابي وجود «جهد يذكر في هذا الصدد». وأضاف: «موازنة الأعمار تساوي صفرا، التقشف وانخفاض أسعار النفط أثرا كثيرا، نعم خصصت موازنة تنمية الأقاليم لعام 2017 مبلغ 23 مليار دولار عراقي لعموم محافظة الأنبار، يذهب أكثر من نصفه للموازنة التشغيلية ومرتبات الموظفين».
وكشف قائمقام الرمادي عن عزمه «إعلان عودة جميع مناطق الرمادي في منتصف شهر فبراير (شباط) الحالي، بمعنى السماح لجميع الأهالي في العودة إلى مناطقهم، بعد أن كان البعض غير قادرين لأسباب أمنية على العودة إلى ديارهم».
وبشأن دور بعض المنظمات الأممية في تقديم المساعدة لبعض العوائل لترميم منازلهم، ذكر الجنابي «لدينا منظمات أممية مختلفة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى جانب بعض المنظمات العربية، قدمت مبلغ نحو 5 آلاف دولار إلى كثير من العوائل المهدمة دورها؛ لغرض مساعدتها على ترميم الحد الأدنى من المنزل، وبالتالي إمكانية العودة والسكن فيه من جديد». مضيفا: «هناك منظمة كويتية قامت ببناء 12 مدرسة وفق نظام (الكرفان)».
يشار إلى أن القاطع الجنوبي من مدينة الرمادي، الذي يشمل أحياء (البكر والحوز والتأميم والملعب والقادسية) تضرر بنسبة 90 في المائة نتيجة الأعمال العسكرية، فيما لم يتضرر القاطع الشمالي إلا بنسب قليلة؛ استنادًا إلى مصادر من مدينة الرمادي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم