برنامج مكافحة «التشدد الإسلامي» بديلا لمكافحة العنف

خبراء: مرسوم ترمب يرفع من احتمالات الخطر الإرهابي

برنامج مكافحة «التشدد الإسلامي» بديلا لمكافحة العنف
TT

برنامج مكافحة «التشدد الإسلامي» بديلا لمكافحة العنف

برنامج مكافحة «التشدد الإسلامي» بديلا لمكافحة العنف

كشفت مصادر مسؤولة في الحكومة الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تعتزم تغيير تسمية برنامج «مكافحة التطرف العنيف» إلى برنامج مكافحة «التشدد الإسلامي». واعتبر مراقبون هذا القرار المرتقب صدوره في أي لحظة بمثابة حصر لجهود مكافحة آيديولوجيات العنف في مكافحة التشدد فقط. ويأتي هذا التطور في وقت حذر فيه الكثير من المسؤولين الأميركيين السابقين والخبراء الأمنيين من أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحظر دخول رعايا سبع دول ذات غالبية إسلامية، قد يرتد سلبا على الولايات المتحدة، عبر تزايد مخاطر الاعتداءات الإرهابية التي قد تستهدفه. ويرى هؤلاء أن المرسوم الأخير الذي يفترض أن يسري لمدة 90 يوما، والذي صاحبه مرسوم آخر يوقف قبول اللاجئين لفترة 120 يوما، يمكن أن يزيد من الشعور بالاضطهاد لدى بعض المسلمين بما يخدم المتشددين منهم، كما سيعرقل جهود السلطات الأميركية لقيام مزيد من التعاون مع الرعايا المسلمين في البلاد. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن المصادر التي تحفظت على أسمائها، التأكيد على أن التغيير لن يقتصر على التسمية بل يمتد إلى المهام والوظائف والأهداف، حيث سيتوقف البرنامج عن ملاحقة جماعات عنف غير إسلامية مثل تلك التي تؤمن بتفوق الجنس الأبيض على غيره، أو ملاحقة أي جماعات أخرى نفذت تفجيرات أو عمليات إطلاق نار في الولايات المتحدة، إذا لم تكن إسلامية. وكانت إدارة أوباما خلال فترتي رئاسته قد عمدت إلى استعمال مصطلح «التطرف العنيف» دون وصف الظاهرة ودون ربطها بالإسلام أو المسلمين، لكن ترمب يصر على تسميتها بـ«الإرهاب الإسلامي»، ولا يعول ترمب كثيرا على قدرة الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة للعب دور في مكافحة التطرف. ويأتي تغيير تسمية هذا البرنامج تنفيذا لوعود انتخابية قطعها ترمب على نفسه قبل فوزه بالرئاسة. وكثيرا ما كان ترمب يجاهر أثناء حملته الانتخابية بانتقاد الرئيس السابق باراك أوباما واصفا إياه بالضعيف لرفضه استخدام مصطلح «التطرف الإسلامي». وكان ترمب كذلك يسخر من منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون لأنها كانت تردد ما يقوله أوباما بأن «الدولة الإسلامية» ليست إسلامية وليست دولة، في إشارة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسمي نفسه تنظيم داعش.
ويخشى البعض من أن يؤدي تغيير التسمية إلى جعل عمل الحكومة أكثر صعوبة مع المسلمين الأميركيين الذين يبدون ترددا بالفعل في التعاون مع الإدارة الجديدة حسب رأي وكالة رويترز لا سيما بعد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترمب يوم الجمعة بمنع دخول مواطني سبع دول تقطنها أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين سابقين أن بعض المتشددين أعربوا عن سرورهم بقرار ترمب غداة صدوره، واعتبروه «المجند الأول للمتطرفين دفاعا عن الإسلام». وقارن بعض الجهاديين على مواقع التواصل الاجتماعي بين هذا المرسوم وما سموه بالغزو «المبارك» للعراق الذي قامت به الولايات المتحدة عام 2003. لأنه مهد لزيادة مشاعر العداء للولايات المتحدة وبالتالي لتنامي دور المنظمات المتطرفة.
وقالت فرح بانديث المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي، إن القرارات الأخيرة لترمب «لا تجعل الولايات المتحدة أكثر أمانا» مضيفة أن العكس هو الذي حصل لأنها «أعطت فرصا إضافية لتنظيم داعش». وفي رسالة مفتوحة وجهها عشرات الزملاء السابقين لبانديث إلى إدارة ترمب، اعتبروا أن هذا المرسوم «يوجه رسالة خطأ إلى الرعايا المسلمين في البلاد والعالم، مفادها أن الحكومة الأميركية هي في حرب ضدهم على أساس الدين». وأعرب الموقعون على هذه الرسالة عن قناعتهم بأن المرسوم ستكون له «تداعيات سلبية على المدى الطويل» على الأمن القومي للولايات المتحدة. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الثلاثاء أن المرسوم «يطلق موجة من القلق والغضب يمكن أن تسهل الدعاية للمنظمات الإرهابية التي نريد جميعا محاربتها». وكان ترمب سارع إلى الربط بين الاعتداءات الأخيرة في أوروبا، واستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين المسلمين بغالبيتهم الساحقة، واتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها «ارتكبت خطأ كارثيا» عندما فتحت أبواب بلادها أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين بشكل خاص. ويرفض الخبراء هذا الربط الذي قام به ترمب. إذ تبين أن غالبية مرتكبي الاعتداءات الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا كانوا من مواطني البلد المستهدف. كما أن أحدهم لم يكن من رعايا إحدى الدول السبع الواردة على لائحة ترمب السوداء وهي سوريا وإيران والعراق والسودان واليمن والصومال وليبيا.
من جهته، قال الخبير ديفيد ايبسن إن «كل الدول التي يمكن أن تمثل خطر تطرف ليست على اللائحة». واعتبر ايبسن أن المحك هو في مدى قدرة المجموعات المتشددة على الوصول إلى المجندين المحتملين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مستخدمين خصوصا مراسيم ترمب الأخيرة.
وختم أن «الجهوزية العالية للدعاية التي يبثها تنظيم داعش مع (القاعدة) تشكل مشكلة كبيرة»، داعيا إلى «ممارسة الضغط على مواقع التواصل الاجتماعي لإزالة كل ما هو دعائي» لهذين التنظيمين.
لكن في المقابل يقول البعض الآخر إن البرنامج غير فعال، ويركز على من يقطنون الولايات المتحدة ولا علاقة له بجهود مكافحة التشدد على الإنترنت التي تديرها وزارة الدفاع الأميركية.
وكان مسؤولون أميركيون في الوكالات الأمنية قد أعربوا عقب فوز ترمب بالرئاسة عن خشيتهم من إقدامه على إلغاء برامج مدنية لمكافحة التطرف أسستها إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، بما فيها برامج ينخرط فيها عرب أميركيون أو مسلمون أميركيون.
ورجح عاملون في هذه البرامج أن ترمب قد عقد العزم على تهميش أو استبعاد الأميركيين المسلمين أو الأميركيين العرب من المساهمة في البرامج الفيدرالية حيث إنه قد سبق لـه أثناء حملته الانتخابية أن شكك في ولائهم للولايات المتحدة. غير أن بعض العاملين في هذه البرامج أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنها ليست أمنية ولا عسكرية بل مجموعات عمل مساندة تعمل على تحليل ودراسة ظاهرة التطرف والاستعانة بالجاليات المحلية ورجال الدين والإعلام لمقارعة جذور التطرف الديني وغير الديني.
ويصف ترمب الإرهابيين المسلمين بأنهم في منتهى البشاعة والقذارة: «يقطعون الرؤوس ويجزون الرقاب». كما يصر على الاعتراف بالاسم الحقيقي للإرهاب، قائلا «إنه الحقيقة إرهاب إسلامي وتطرف إسلامي ويجب تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة».
يشار إلى أن الكونغرس الأميركي كان قد خصص العام الماضي عشرة ملايين دولار لدعم جهود مكافحة التطرف العنيف وتسلمت وزارة الأمن الداخلي بالفعل أول دفعة منها قبل أسبوع واحد من تنصيب ترمب للرئاسة. وخلال العامين الماضيين ألقت السلطات باللوم على أفكار متطرفة وعنيفة بوصفها الدافع وراء إطلاق نار عشوائي وجماعي نفذه من يعتقدون في تفوق البيض على غيرهم من الأجناس داخل كنيسة يرتادها أميركيون من أصل أفريقي في تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا، فيما كانت تلك الأفكار لدى إسلاميين متشددين دافعا وراء عمليات إطلاق نار وتفجيرات في كاليفورنيا وفلوريدا ونيويورك.
ويعكس التسريع في تغيير التسميات مدى التأثير الآيديولوجي الذي يمثله مستشار الأمن القومي للرئيس الجديد وهو الجنرال المتقاعد مايكل فلين الذي يصف المتطرفين الإسلاميين «بالسرطان» الذي يتوجب استئصاله. وكان فلين قد اختلف مع الرئيس السابق باراك أوباما حيث كان يشغل في عهده منصب مدير وكالة الاستخبارات العسكرية (دي آي إيه)، نتيجة رفض أوباما وصف التطرف بالإسلامي. وكان فلين يجادل أن المسلمين أنفسهم يصفون التطرف لديهم بهذا الوصف فما الذي يجعل الإدارة الأميركية تتحرج من ذلك، وتسبب هذا الخلاف في عزل فلين من منصبه وهو نفس السبب الذي جعل ترمب يقربه إليه.



بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كازاخستان، الأربعاء، في زيارة تستمر يومين تهدف لتوطيد العلاقات مع حليفة بلاده الواقعة في وسط آسيا في ظل تفاقم التوتر على خلفية حرب أوكرانيا.

ورغم انضوائها في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تقودها موسكو، فإن كازاخستان أعربت عن قلقها حيال النزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات مع رفض رئيسها قاسم جومارت توكاييف التغاضي عنه.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسفيستيا» الروسية قبيل زيارة بوتين، أكد توكاييف دعم بلاده «الحوار السلمي» من دون أن يأتي على ذكر أوكرانيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جانبه، أشاد بوتين بـ«التقارب الثقافي والروحي والقيمي» بين كازاخستان وروسيا، وذلك في مقال نشر في صحيفة «كازاخ» الرسمية، قائلا إنه يساعد في تطوير «العلاقات الودية والقائمة على التحالف» مع أستانا بشكل أكبر.

وبث الإعلام الرسمي الروسي مقطعا مصورا لطائرة بوتين لدى هبوطها في أستانا الأربعاء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل الاستقبال في مقر الرئاسة أكوردا في أستانا بكازاخستان... 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

تدهورت العلاقات التجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة مع منع موسكو بعض الصادرات الزراعية من كازاخستان غداة رفض الأخيرة الانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وجعل بوتين توسيع تحالف الاقتصادات الناشئة أساسا لسياسة روسيا الخارجية، مسوّقا لمجموعة «بريكس» على أنها قوة موازية لما يعتبرها «هيمنة» الغرب على العالم.

تأتي زيارة بوتين على وقع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب حرب أوكرانيا، إذ أطلقت روسيا صاروخا تجريبيا فرط صوتي باتّجاه جارتها الأسبوع الماضي، بينما أطلقت كييف صواريخ بعيدة المدى زودتها بها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على روسيا لأول مرة.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعا توكاييف إلى حل سلمي للنزاع، محذرا من أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات لا يمكن إصلاحها بالنسبة للبشرية بأكملها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يلتقطان صورة مع أطفال في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا على جدول الأعمال

ورغم أن رحلات بوتين الدولية بقيت محدودة منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022، فإنه زار الدولة الواقعة في وسط آسيا بشكل متكرر.

تعد كازاخستان حليفا عسكريا واقتصاديا تاريخيا لروسيا وتمتد الحدود بين البلدين على مسافة 7500 كيلومتر.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان العلاقات التجارية وملف الطاقة، إضافة إلى بناء أول محطة في كازاخستان للطاقة النووية، علما بأن شركة «روساتوم» الروسية من بين الشركات المرشحة لبنائها.

تسهم كازاخستان بنحو 43 في المائة من إنتاج اليورانيوم العالمي لكنها لا تملك مفاعلات نووية.

وأكد بوتين الأربعاء أن «(روساتوم) مستعدة لمشاريع كبيرة جديدة مع كازاخستان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف يرسمان على لوحة قبل لقائهما في أستانا في 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

سيوقّع البلدان أيضا عدة وثائق الأربعاء وسيصدران بيانا للإعلام، بحسب مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

ويجتمع بوتين الخميس وقادة «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في أستانا في إطار قمة أمنية.

وستتصدر أوكرانيا جدول الأعمال، إذ يتوقع أن يناقش القادة «الإذن الغربي (لكييف) بإطلاق صواريخ بعيدة المدى باتّجاه عمق أراضي روسيا الاتحادية»، وفق ما أكدت وكالة «تاس» الإخبارية نقلا عن مصدر.

وفي خطوة لافتة، ستتغيب أرمينيا عن الاجتماع بعدما علّقت عضويتها في المنظمة احتجاجا على عدم وقوف موسكو إلى جانبها في نزاعها مع أذربيجان.

وقال أوشاكوف الثلاثاء إن أرمينيا ما زالت عضوا كاملا في التحالف ويمكن أن تعود في أي لحظة.