اضطرابات الغدة الدرقية لدى النساء

أهمية تشخيص ومعالجة الكسل في نشاطها لدرء مضاعفات الولادة لدى الحوامل

اضطرابات الغدة الدرقية لدى النساء
TT

اضطرابات الغدة الدرقية لدى النساء

اضطرابات الغدة الدرقية لدى النساء

أعاد الباحثون من مايو كلينك بالولايات المتحدة أخيرًا طرح موضوع معالجة اضطرابات كسل الغدة الدرقية Hypothyroidism خلال فترة الحمل، وعلى الرغم من ملاحظة الباحثين أن كسل الغدة الدرقية إحدى المشكلات الصحية الشائعة نسبيًا لدى عموم النساء، ولدى الحوامل منهن على وجه الخصوص، فإن الباحثين أفادوا بأن معالجة حالة «الكسل الطفيف» Subclinical Hypothyroidism في أداء الغدة الدرقية، خلال فترة الحمل بالذات، قد تكون له فوائد صحية للمرأة الحامل ولسلامة عملية الحمل، وله في الوقت ذاته آثار سلبية محتملة تتطلب التنبه عند المعالجة لضمان ضبطها، وأضافوا أنه من الضروري في الوقت الراهن إجراء مزيد من الدراسات الطبية حول هذا الأمر بغية الوصول إلى أفضل الوسائل للتعامل الطبي مع هذه الحالة الشائعة نسبيًا.
كسل الغدة الدرقية

هذا ولا تزال حالة «كسل الغدة الدرقية» من المواضيع الساخنة طبيًا في أوساط البحث العلمي وأوساط المعالجة الطبية، نظرًا لتنوع درجات الضعف فيها، ونظرًا لانتشار الإصابات بها، إضافة إلى انتشار الاضطرابات الأخرى في عمل وبنية الغدة الدرقية، وكذلك نظرًا لتطلب توقع احتمالات الإصابة بكسل الغدة الدرقية لدى المريض إلى وجود حسّ توقعي أعلى لدى الأطباء، بما يدفعهم إلى إجراء تحليل الدم الخاص بذلك عند الاشتباه باحتمال وجود تلك الحالة.
وضمن عدد 25 يناير (كانون الثاني) الماضي من المجلة الطبية البريطانية BMJ، أفاد الباحثون بأنه من الضروري التأني في كيفية معالجة كسل الغدة الدرقية لدى الحوامل ومتابعة ذلك، هذا على الرغم من انتشار قناعة لدى عموم الأطباء بأن عدم تعويض النقص الطفيف في هرمون الغدة الدرقية بجسم المرأة الحامل قد يتسبب بارتفاع احتمالات حصول إسقاط الجنين. وتعتبر حالة «النقص الطفيف» في نسبة هرمون الغدة الدرقية من الحالات الشائعة نسبيًا. وأكد الباحثون من مايو كلينك أنها تصيب نحو 15 في المائة من الحوامل بالولايات المتحدة. وهي الحالة التي تكون فيها نسبة هرمون الغدة الدرقية طبيعية ولكن ترتفع بشكل متوسط نسبة هرمون تحفيز الغدة الدرقية الذي تفرزه الغدة النخامية بالدماغ.
وراجع الباحثون في دراستهم 18 دراسة طبية تم إجراؤها على الحوامل المُصابات بالنقص الطفيف في عمل الغدة الدرقية، ومتابعة تأثيرات ذلك على سلامة الحمل، وتحديدًا احتمالات حصول الإجهاض أو تمزق الغشاء الأميوني الذي يحفظ الجنين أو وفاة الجنين أو تهتك المشيمة.
وتشير الإحصائيات الطبية في الولايات المتحدة إلى أن اضطرابات الغدة الدرقية أكثر انتشارًا من أمراض القلب في الولايات المتحدة، وذلك وفق نتائج كل من دراسة كلورادو لانتشار أمراض الغدة الدرقية Colorado Thyroid Disease Prevalence Study ونتائج المسح القومي الثالث للصحة والتغذية NHANES III الصادر عام 2012. وأن ما قد يصل إلى نحو 30 مليون شخص لديهم أحد أنواع اضطرابات الغدة الدرقية بالولايات المتحدة. وأفادت أيضًا دراسة كلورادو أن فقط 40 في المائة ممنْ لديهم كسل في الغدة الدرقية يتناولون العلاج بما يكفي لتعديل نسبة هرمون «تحفيز الغدة الدرقية» TSH، وهو الهرمون الذي يظل ارتفاعه مؤشرًا على عدم إتمام عملية تعويض الجسم للنقص في كمية هرمون الغدة الدرقية بالجسم عبر تناول الجرعة اللازمة من دواء هرمون الغدة الدرقية. وتضيف نتائج الإحصائيات الطبية أن النساء أعلى عُرضة للإصابة بكل من فرط نشاط الغدة الدرقية Hyperthyroidism وكسل الغدة الدرقية، وتحديدًا احتمالات إصابة المرأة بأي منهما هي عشرة أضعاف احتمالات إصابة الرجل.
كما أن الإصابات بكسل الغدة الدرقية ترتفع مع التقدم في العمر، إذ إن معدل الإصابات به يبلغ نحو 2 في المائة فيمن تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 19 سنة، وتصل إلى 15 في المائة فيمن تزيد أعمارهم عن 65 سنة. وتذكر الإحصائيات كذلك أن واحدًا من بين كل أربعة آلاف مولود يُولد بكسل في عمل الغدة الدرقية Congenital Hypothyroidism، وأن نحو 10 في المائة من النساء الحوامل تعتريهن حالة التهاب الغدة الدرقية ما بعد الولادة Postpartum Thyroiditis. ومع هذا تؤكد هيئة النظام الصحي البريطانية أن أمراض الغدة الدرقية أعلى انتشارًا مما تشير إليه أرقام الإحصائيات نظرًا لوجود حالات كثيرة لا يتم تشخيص الإصابة بها بشكل يقيني، خصوصًا كسل الغدة الرقية Undiagnosed Hypothyroidism.
التشخيص الصحيح

والواقع أن ثمة أسبابًا كثيرة لتدني نسبة تشخيص حالات الإصابة بكسل الغدة الدرقية مقارنة بالانتشار الفعلي لها، ولعل من أهمها أن أعراض كسل الغدة الدرقية فيها نوع من الإبهام والتشابه مع حالات مرضية أخرى. وللتوضيح، تشير المؤسسة القومية للصحة NIH والمؤسسة القومية لأمراض السكري والجهاز الهضمي والكلى NIDDK، إلى أن أعراض الإصابة بكسل الغدة الدرقية تتفاوت من شخص لآخر، وتشمل الأعراض تلك الشعور بالتعب، وزيادة الوزن، وعدم القدرة على تحمل البرد، وسمنة الوجه، وآلام في المفاصل والعضلات، والإمساك، وجفاف الجلد، وجفاف ورقة بنية الشعر، وتدني إفراز العرق، واضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء، ومشكلات العقم، والاكتئاب وتدني مستوى المزاج، وانخفاض معدل نبض القلب. وهي كلها أعراض مبهمة تتشابه مع حالات طبيعية وحالات غير طبيعية ولا يجمع فيما بينها رابط يجعل المريض يهتم بالذهاب للطبيب لمعرفة أسبابها كلها. وهو ما تؤكده رابطة الغدة الدرقية الأميركية ATA بقولها: «ولأن أعراض كسل الغدة الدرقية متغيره جدًا وغير محددة، فإن السبيل الوحيد لمعرفة وجود هذه الحالة على وجه اليقين هو إجراء تحاليل الدم لهرمونات الغدة».
والسبب أن هرمون الغدة الدرقية بالأصل يعمل على تنشيط عمل كثير من خلايا أنسجة أعضاء شتى في الجسم، وتدني نسبة هذا الهرمون تعني تلقائيًا تدني نشاط عمل تلك الخلايا في أنسجة تلك الأعضاء، بما يعني بالجملة كعنوان عام حصول حالة من الكسل، أي كسل في نبض القلب وكسل في حركة الأمعاء وكسل في تحقيق نضارة الجلد وكسل في نشاط إنتاج شعر حيوي وكسل في تحمل برودة الأجواء وكسل في ارتفاع مستوى المزاج والنفسية وغيره.
وتعتمد عملية تشخيص الإصابة بكسل الغدة الدرقية على نتائج الفحص السريري، خصوصًا فحص الغدة الدرقية نفسها الواقعة في مقدمة الرقبة، إضافة إلى بقية الجسم، وعلى نتائج تحاليل الدم لمعرفة نسبة مجموعة من الهرمونات ذات الصلة بعمل الغدة الدرقية، إضافة إلى إجراء أنواع مختلفة من صور الأشعة كالأشعة الصوتية والأشعة النووية، وقد تتطلب الحالة إجراء أخذ عينة خزعية بالإبرة من أنسجة الغدة الدرقية Needle Biopsy أو أي كتل عقدية تنشأ فيها.
والغدة الدرقية في الحالات الطبيعية تنتج هرمون الغدة الدرقية تحت تأثير التحفيز على ذلك بفعل هرمون آخر تفرزه الغدة النخامية Pituitary Gland في الدماغ، ويُسمى هرمون تحفيز الغدة الدرقية TSH. ولذا فإن أي اضطرابات في عمل الغدة النخامية في الدماغ قد تُؤثر على عمل الغدة الدرقية بما قد يظهر على هيئة كسل الغدة الدرقية.
أسباب متنوعة

تشير الرابطة الأميركية للغدة الدرقية إلى أن ثمة أسبابًا عديدة وراء عدم قدرة خلايا الغدة الدرقية على إنتاج ما يكفي الجسم من هرمون الغدة الدرقية. والأسباب الرئيسية لذلك تتلخص في العناصر التالية:
> اضطراب المناعة الذاتية Autoimmune Disease: وفيه يُهاجم جهاز المناعة في أجسام بعض الناس أنسجة الجسم نفسه، أي أن جهاز المناعة بدلاً من حماية الجسم يقوم بمهاجمة خلايا الجسم نتيجة للاضطراب في فهم ما هي خلايا الجسم التي عليه أن يحافظ عليها ويحميها، وما الأجسام الدخيلة عليه التي عليه أن يهاجمها ويقضي عليها! وبالتالي عند مهاجمة خلايا الغدة الدرقية وأنظمتها الأنزيمية لا يتبقى العدد الكافي من خلايا الغدة الدرقية القادرة على إنتاج هرمون الغدة الدرقية. وتحصل حالات الاضطرابات المناعية الذاتية ببطء لتستمر عبر السنوات، وفي نهاية الأمر تظهر على الإنسان حالة كسل الغدة الدرقية أو توقفها تمامًا عن العمل. ومن أشهر أنواع اضطرابات المناعة الذاتية حالة التهاب هاشيموتو للغدة الدرقية Hashimoto’s Thyroiditis والتهاب ضمور الغدة الدرقية Atrophic Thyroiditis.
> الاستئصال الجراحي للغدة الدرقية: وذلك إما لكامل نسيج الغدة الدرقية أو جزء منها، وهو ما يحصل عند معالجة تكون كتل العقد في الغدة الدرقية Thyroid Nodules أو مرض غريفز لتورم الغدة Graves’ Disease أو سرطان الغدة الدرقية.
> المعالجة الإشعاعية التي تتسبب بتلف خلايا الغدة الدرقية، وهي ما قد تتطلبها معالجة حالات عدة في اضطرابات بنية ونمو أجزاء من الغدة الدرقية باستخدام عنصر اليود النشط 131 Radioactive Iodine (I - 131)، أو في معالجة حالات ليمفوما سرطان الدم أو لوكيميا سرطان الدم أو أي أنواع أخرى من أورام العنق أو الرأس.
> كسل الغدة الدرقية الولادي، أي التي يُولد الطفل بها نتيجة إما لعدم وجود غدة درقية في جسم الجنين أو وجود جزء ضئيل منها أو وجود أنسجة الغدة الدرقية في الموقع الخطأ ضمن جسم الجنين.
> التهاب الغدة الدرقية ضمن عمليات الالتهابات الفيروسية التي قد تصيب الجسم في الجهاز التنفسي أو غيره، بما يُؤدي إلى تدني قدرة خلايا الغدة الدرقية على إنتاج هرمون الغدة، وهي حالة إما مؤقتة أو تستمر طوال العمر.
> تناول بعض أنواع الأدوية، مثل أنواع من أدوية القلب لمعالجة اضطرابات نبض القلب، أو بعض أنواع الأدوية النفسية لمعالجة بعض الأمراض النفسية، أو بعض أنواع الأدوية المتقدمة في معالجة الحالات الفيروسية بالكبد وغيره.
> تدني تناول عنصر اليود، وهو من الأسباب الرئيسية في المناطق البعيد عن البحار،التي لا يتناول الناس فيها الملح البحري أو لا يتناولون الأسماك.
• استشارية في الباطنية



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.