شاشة الناقد

نتالي بورتمن في «جاكي»
نتالي بورتمن في «جاكي»
TT

شاشة الناقد

نتالي بورتمن في «جاكي»
نتالي بورتمن في «جاكي»

* الفيلم: Jackie
* إخراج: ‪ بابلو لاران‬
* سيرة حياة | تشيلي، فرنسي، أميركي.
* تقييم: ***
صحافي لا يُذكر له اسم (يؤديه بيلي كرودوب) يصل إلى منزل بديع خارج مدينة نيويورك ليجري مقابلة متفق عليها مع جاكلين كيندي (نتالي بورتمن في الدور). هي تريد أن تبوح بوجهة نظرها فيما قيل وفيما تم فعله بعد أن تم قنص زوجها الرئيس جون ف. كيندي في الثاني والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1963.
ليس أن لديها أسرارًا تود الإفصاح عنها، ولا ينوي الفيلم أن يجري تحقيقًا حول الحادثة وتوابعها، لكن الغاية التي تدفعها لإجراء ذلك الحديث الصحافي هو التأكيد على أن انتقال السلطة من كيندي إلى نائبه ليندون ب. جونسون تم بسرعة، وأنها وجدت نفسها تنتقل بنفس السرعة من حضور مؤثر في البيت الأبيض إلى شخصية جانبية يريد البعض تهميشها وإصدار القرارات المتعلقة بتأبين زوجها من دون الرجوع إليها.
ينتقل الفيلم بين مشاهد الحديث الصحافي الذي تجريه جاكي (بشروطها هي، كما تشدد) وبين الأحداث التي وقعت في عام 1963 ومنها بالطبع تلك الرحلة في السيارة المكشوفة التي سهلت على القناص صيد رئيس البلاد، ثم ما جرى في أعقاب الاغتيال على نحو يبدو أن الغاية فيه هي تعرية الحياة السياسية عند القمّة أكثر من معرفة الحقيقة بحد ذاتها.
ربما لا يشعر المخرج التشيلي بابلو لاران بأن هناك حاجة للحقيقة، فثمة أفلام روائية وتسجيلية خاضت هذا الجانب بنجاح أو بفشل. لكن ما يسعى إليه هو تقديم صورة غير عاطفية وغير متزلفة أو جمالية للحياة فوق تلك القمّة. حادث اغتيال يكشف عيوبًا وغايات وقصورًا، وإن يخفق الفيلم في تحديدها مكتفيًا بوجهة نظر الأرملة.
لكنه في خلال ذلك، سيعمد إلى إظهار جاكي كيندي كامرأة هشّة في العمق. مزاجية في الرأي ومظهرية في الحياة. هذا ما جعل العديد من النقاد الغربيين على الأقل أكثر إعجابًا بالعمل مما يستحق؛ فالنيل من الشخصيات، كما الحال الماثل معهم، أهم من الكيفية التي تمّت فيها معالجة هذا النيل أو الفيلم ككل.
ليس أنه فيلم ركيك أو رديء أو لا يستحق الإعجاب (الراحل جون هارت في أحد آخر أدواره ونتالي بورتمن تستحق الترشيح للأوسكار) لكنه ليس العمل الذي لا يُضاهى في حناته. معالجة المخرج هي انطباعية حول الموضوع يتدخل فيها الرأي الخاص بكم كبير مختلطًا مع الكم الصغير من الحقيقة. والبراعة هي أن المخرج فعل ذلك بمهارة تبعد كثيرين عن طرح السؤال حول إذا ما كان أي مما نسمعه من اعترافات حقيقيًا أم لا.



شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز