الشرطة الإسرائيلية تبدأ بإخلاء مستعمرة عمونة... والمستوطنون يقاومون بالوقود

الشرطة الإسرائيلية تبدأ بإخلاء مستعمرة عمونة... والمستوطنون يقاومون بالوقود
TT

الشرطة الإسرائيلية تبدأ بإخلاء مستعمرة عمونة... والمستوطنون يقاومون بالوقود

الشرطة الإسرائيلية تبدأ بإخلاء مستعمرة عمونة... والمستوطنون يقاومون بالوقود

«لقد خسرنا المعركة، لكننا ربحنا الحرب»، بهذه العبارة بدأ رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي) وزير التعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، رسالة اعتذار وجهها إلى المستوطنين المستعمرين في البؤرة الاستيطانية عمونة، مع بدء عملية إخلائهم بالقوة من البيوت، تنفيذًا لقرار محكمة العدل العليا.
وأوضح بينيت أن إخلاء عمونة هو الذي يتيح سن القانون الجديد لمنح الشرعية لمئات البيوت الاستيطانية المشابهة، التي تنتشر على 16 مستعمرة أخرى، والتي بنيت هي أيضًا على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة تمت سرقتها. كما اعتبرها مقدمة لضم مستعمرة معاليه أدوميم وغيرها من المستوطنات إلى تخوم إسرائيل. وأضاف: «هذه هي القضية الكبرى التي حاربنا من أجلها منذ دخولنا هذه الحكومة قبل سنتين، وسنعلن في يوم الاثنين المقبل عن تكللها بالنجاح، عندما يوصي الكنيست على قانون تشريع البؤر الاستيطانية المذكورة».
وكانت سلطات الحكم العسكري في الضفة الغربية قد أبلغت المستوطنين في عمونة، المجاورة لبلدة سلواد شمال رام الله، أن عليهم إخلاء بيوتهم في غضون 48 ساعة، وذلك تطبيقا لقرار محكمة العدل العليا، التي حكمت بأنهم يستولون على أرض فلسطينية خاصة، بشكل مخالف للقانون الإسرائيلي. فطلبوا الانتظار بضعة أسابيع إضافية، لأنهم توجهوا إلى المحكمة بشكوى ضد الحكومة التي لم ترتب لهم بديلا معقولا. إلا أن سلطات الجيش ردت بأنها لم تعد تستطيع الانتظار ولا ترى جدوى من هذا الانتظار.
ووافق معظم المستوطنين في عمونة على إخلاء البيوت، مقتنعين بأنه لا توجد فائدة من المعارضة، خصوصا أن الحكومة وعدتهم ببيوت أفضل في مستعمرة عوفرا القريبة، وأبلغتهم أنها قررت منح كل عائلة (41 عائلة استيطانية) مبلغ مليون شيقل (300 ألف دولار تقريبًا). إلا أن قادة اليمين المتطرف نظموا حملة مقاومة خارجية ضد هذا الإخلاء. فتجند المئات من الشباب اليهودي المتدين، قادمين من مستوطنات أخرى ومن البلدات الإسرائيلية أيضا، ودخلوا بيوت البؤرة وتحصنوا بداخلها.
وفي ساعات الصباح من يوم أمس، عندما حضرت قوة شرطة مسنودة بحرس الحدود وقوات الجيش إلى المكان لتنفيذ قرار المحكمة بالإخلاء، كان هؤلاء الشبان قد أغلقوا الشوارع بالحجارة الكبيرة والإطارات المحروقة، وقذفوا الحجارة على رجال الشرطة، وسكبوا على بعضهم مادة البنزين، وراحوا يشتمونهم ويتهمونهم بالخيانة ونعتوهم «يا نازيون». وقد حضر إليهم عدد من النواب في اليمين للتضامن، في مقدمتهم وزير الزراعة المتطرف أوري أرئيل، فواجهوه بالشتائم وطالبوه بتركهم. وقال له أحدهم: «عار عليك، وزير منذ 11 عاما، وما زلت تجلس في الحكومة وتقوم بإخلاء مستوطنة. ألا تستطيعون أن تقولوا لقد أخطأنا؟ اخرج من الحكومة، إنك تجلب العار لنفسك حين تأتي إلى هنا». وأضاف آخر: «لقد طلب السكان هنا من الوزراء ألا يأتوا. لقد تركتمونا لمصيرنا. إسحق هرتسوغ أفضل منكم. لقد كان بيغن هو أول من اعترف بالشعب الفلسطيني. حزب البيت اليهودي كان من أوائل من اعترفوا بالملكية الفلسطينية على هذه الأرض وعلى أرض إسرائيل بأسرها. أين كرامتكم؟ أين مسؤوليتكم؟ لماذا صرتم وزراء؟ إنكم تمنحون النقب للبدو. اذهب إلى منزلك».
من جهتها، تصرفت الشرطة، التي حضرت بقوة قوامها 3 آلاف عنصر، بانضباط غير مسبوق. فمع أن 13 من عناصرها أصيبوا بجراح، لم تستخدم فائضا من القوة معهم. وحضر أفرادها بلا أسلحة، ولا حتى عصي وهراوات. وكانت الأوامر واضحة «الانضباط حتى الحد الأقصى». وقد احتجزت بعض المقاومين لها، ولكن فقط لغرض الترحيل. وتمكنت بذلك من إخلاء العائلات بالطرق السلمية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.