حرك البرلمان المصري أول استجواب لحكومة شريف إسماعيل، بعد أكثر من عام على انعقاد أولى جلساته، في إشارة على ما يبدو لنفاد صبر مجلس النواب تجاه الحكومة التي تنفذ برنامجًا قاسيًا لإصلاح اقتصاد البلاد.
ويأتي تحرك البرلمان قبيل تعديل وزاري تأخر عن موعده المعلن، وسط توقعات أن يتم خلال الأسبوع الأول من فبراير (شباط) الحالي. وخلال العامين الماضيين، أرجأت هيئة مكتب المجلس، المشكلة من رئيس البرلمان ووكيليه، كثيرًا من طلبات الاستجواب التي تقدم بها النواب، لكن الهيئة أدرجت أخيرًا استجوابًا لرئيس مجلس الوزراء على جدول أعمالها، اليوم (الأربعاء)، في أول تصعيد من المجلس ضد الحكومة التي تحظى بدعم غالبية النواب.
ويعد الاستجواب أحد أبرز الأدوات النيابية لمحاسبة الحكومة، أو أحد وزرائها. وينظم الدستور آلية الاستجواب الذي قد يفضي لسحب الثقة من أحد الوزراء، أو الحكومة. وخلال جلسة عقدت مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، دارت مناوشات ساخنة بين رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال، والنائب محمد بدراوي رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية، بعد اعتراض الأخير على عدم مناقشة الاستجوابات طوال الشهور الماضية.
وقال النائب بدراوي حينها إنه تقدم بـ6 استجوابات، ولم تتم مناقشة أي منها، معتبرًا أن منع مناقشة الاستجوابات بمثابة تعطيل للدستور، مما دفع رئيس البرلمان إلى تأكيد أن الاستجواب اتهام موجه لرئيس الحكومة أو أحد وزرائه، وإذا ما رأت هيئة مكتب البرلمان عدم استيفائها للشروط، لا يتم الأخذ بها. لكن مناقشة الاستجواب أدرجت بالفعل على جدول أعمال الجلسات العامة اليوم، بعد أن شهدت الأيام القليلة الماضية ضغوطًا من عدد من النواب لمطالبة عبد العال بضرورة تفعيل أدوات المساءلة البرلمانية.
وبحسب عضوين في البرلمان، قال عبد العال إن المرحلة المقبلة ستشهد تعاملاً مختلفًا تجاه الحكومة. وقد منح البرلمان الثقة لحكومة إسماعيل في 20 أبريل (نيسان) من العام الماضي، التي سماها رئيس الجمهورية بعد أن فشلت الأحزاب الممثلة في البرلمان في حصد أغلبية تكفل لها تسمية رئيس الحكومة. واستحوذ ائتلاف معظمه من المستقلين على أغلبية مقاعد البرلمان، وأعلن الائتلاف دعمه للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واعتمد خلال العام الماضي سياسة مهادنة للحكومة، لكن خلال الجلسات الأخيرة شهدت جلسات اللجان والجلسات العامة مناوشات بين النواب وعدد من الوزراء.
ومن غير المتوقع أن يصل الاستجواب لسحب الثقة من الحكومة، بحسب برلمانيين ومراقبين، لكنهم عدوه مؤشرًا على ارتفاع منسوب الغضب من سياسات الحكومة التي وصفت بـ«العشوائية». وتواجه الحكومة أزمة اقتصادية حادة دفعتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للاتفاق مع صندوق النقد الدولي على الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، خلال 3 سنوات. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة في وزارة المالية، أمس، لوكالة «رويترز»، إن وفدين من صندوق النقد الدولي يزوران مصر حاليًا.
وأضافت المصادر أن الوفد الأول فني تدريبي، وصل الأحد الماضي، وتستمر زيارته حتى 9 فبراير الحالي، لتقديم الدعم الفني والتدريب في مجال إعداد الموازنة وبرنامج الحكومة، فيما وصل الوفد الثاني أول من أمس، وتستمر زيارته ما بين يومين وثلاثة أيام، مشيرة إلى أن «الوفد الثاني مهمته إجراء مباحثات تمهيدًا للمراجعة النهائية للصندوق، قبل الحصول على الشريحة الثانية من القرض».
ومن بين الأسباب التي أثارت غضب البرلمان تجاهل الحكومة للحصول على موافقة البرلمان قبل إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب ما ينص عليه دستور البلاد.
وفي غضون ذلك، قضت محكمة جنايات القاهرة، أمس، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات على متهمين اثنين، في إعادة محاكمة لهما في قضية «أحداث ماسبيرو الثانية». وتعود أحداث القضية إلى 5 يوليو (تموز) عام 2013، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. وأسندت النيابة إلى المدعى عليهما اتهامات «التجمهر وارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار، واستعراض القوة، والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، والتعدي على المواطنين، والتلويح بالعنف على نحو ترتب عليه تكدير السلم العام».
وكانت المحكمة قد عاقبت المتهمين بحكم غيابي في مارس (آذار)، لكنهما طعنا عليه فأعيدت محاكمتهما. وقضت المحكمة ذاتها بالسجن المشدد 7 سنوات على متهم آخر في إعادة لمحاكمته في أحداث عنف اندلعت بمنطقة الظاهر (القاهرة). وأسندت النيابة العامة للمدعى عليه اتهامات «التجمهر بغرض الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، واستعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدامهما ضد المجني عليهم بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم، والقتل العمد لمواطنين».
وشهدت مصر أعمال عنف عقب عزل مرسي في مطلع يوليو 2013، وألقت قوات الأمن القبض على الآلاف من أنصار جماعة الإخوان لاتهامهم في تلك الأحداث.
البرلمان المصري يحرك أول استجواب لرئيس الوزراء قبيل تعديل مرتقب
المجلس يناقشه اليوم... ومراقبون عدوه دليلاً على نفاد صبر النواب
البرلمان المصري يحرك أول استجواب لرئيس الوزراء قبيل تعديل مرتقب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة