شكوك حول قدرة الحكومة الفلسطينية على إجراء الانتخابات بالضفة وغزة وحماس تتمسك بالمصالحة أولا

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يقصان الشريط لافتتاح السفارة الفلسطينية في إسلام آباد (أ. ف. ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يقصان الشريط لافتتاح السفارة الفلسطينية في إسلام آباد (أ. ف. ب)
TT

شكوك حول قدرة الحكومة الفلسطينية على إجراء الانتخابات بالضفة وغزة وحماس تتمسك بالمصالحة أولا

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يقصان الشريط لافتتاح السفارة الفلسطينية في إسلام آباد (أ. ف. ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يقصان الشريط لافتتاح السفارة الفلسطينية في إسلام آباد (أ. ف. ب)

دب خلاف مبكر بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس حول إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية، بعدما أعلنت الحكومة الفلسطينية أنها ستجرى في مايو (أيار) المقبل، وردت حماس بالرفض، قائلة إنها مفصلة على مقاس حركة فتح، ولن تجرى قبل المصالحة.
وقالت الحكومة الفلسطينية بعد اجتماع ترأسه رئيس الوزراء، رامي الحمد الله، إنها قررت «إجراء انتخابات الهيئات المحلية يوم 13/5/2017 في كافة أرجاء الوطن، إيمانًا بوحدة الوطن ووحدة الشعب، وحرصًا على استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام، وتوحيد مؤسسات الوطن في إطار الشرعية والقانون، وتمهيدًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية».
وقال الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود إن هذا الموعد أعلن بالاتفاق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأضاف: «هذه الانتخابات حاجة وطنية».
وقالت الحكومة إنها أقرت الانتخابات «كحق للمواطن في اختيار ممثليه في مجالس الهيئات المحلية، بما يساهم في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسينها، بعد أن تم إصدار مشروع قرار بقانون إنشاء محكمة قضايا الانتخابات المختصة».
وجاء قرار الحكومة بعد 3 شهور فقط من إعلانها تأجيل الانتخابات المحلية الفلسطينية «لإعطاء المجال لإجرائها مرة واحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة».
وكان يفترض أن تجرى هذه الانتخابات في الضفة وغزة، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كأول انتخابات تشارك فيها حركة حماس منذ سيطرتها على قطاع غزة في 2007، لاختيار مجالس بلدية ومحلية في نحو 416 مدينة وبلدة في الضفة والقطاع، لكن المحكمة الفلسطينية العليا، قررت في الثامن من سبتمبر (أيلول) وقفها بعد إسقاط حماس قوائم لحركة فتح في قطاع غزة، ومن ثم إجراءها في الضفة فقط، على أن تجرى لاحقا في غزة والقدس، وهو ما رفضته لجنة الانتخابات المركزية التي أوصت الرئيس عباس بتأجيل العملية برمتها لأنها ترى أن قرار إجرائها في الضفة فقط «سيزيد من حدة الانقسام بين شطري الوطن، ويضر بالمصلحة العامة والمسيرة الديمقراطية في فلسطين»، واستجاب عباس.
ويحتاج إجراء الانتخابات في يوم واحد في الضفة وغزة إلى اتفاق كامل بين حركتي فتح وحماس اللتين تبادلتا الكثير من الاتهامات حول الانتخابات والمصالحة كذلك في الأسابيع القليلة الماضية.
وأجريت الانتخابات في الضفة في 2012 لكن من دون مشاركة حماس التي اشترطت آنذاك التوصل إلى اتفاق مصالحة قبل إجراء الانتخابات المحلية وقالت إن الانتخابات المحلية هي ثمرة للمصالحة وليس العكس.
وآخر انتخابات أجريت بشكل مشترك بين الضفة وغزة، كانت في عامي 2004 و2005 على 3 مراحل، ثم أعلنت السلطة أنها تريد إجراء الانتخابات 3 مرات في الأعوام 2010 و2011 من دون أن تجريها فعلا، ومن ثم في 2012 من دون حماس.
وأعلنت حماس أمس، رفضها قرار الحكومة إجراء الانتخابات المحلية دون تشاور، مشددة على أنه قرار باطل.
وقال الناطق باسم الحركة، فوزي برهوم، في بيان: «إن قرار حكومة رامي الحمد الله بإجراء الانتخابات المحلية باطل ومرفوض كونه يعزز الانقسام ويخدم سياسة حركة فتح ويأتي مفصلا على مقاسها على حساب مصالح الشعب الفلسطيني ووحدة مؤسساته».
وأضاف: «إن القرار يدلل أن هذه الحكومة تعمل لصالح حركة فتح ولا تخدم مصالح الكل الفلسطيني على حد سواء».
وتابع: «إن هذا القرار يأتي على أنقاض عملية انتخابية دمرتها حركة فتح وأفشلتها عندما تراجعت عن كل ما اتفق عليه بخصوص العملية الانتخابية وعملت على إفشالها».
وأردف: «إن أي انتخابات قادمة يجب أن تكون جزءًا من المصالحة».
ورأى برهوم أنه من غير المنطقي إجراؤها دون إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، «وهذا نابع من تجربة مريرة خاضها الجميع مع حركة فتح في الانتخابات المحلية الأخيرة».
كما دعا النائب مشير المصري المتحدث باسم كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحماس، الحكومة إلى الابتعاد عن ممارسة ما سماه «الدور الحزبي المقيت والذي يتناقض مع المجموع الوطني ويكرس الانقسام».
وقال: «إن الظرف الأمثل لإجراء الانتخابات المحلية هو بعد إنهاء الانقسام، لنضمن شفافيتها ونزاهتها، وتكون وفق القوانين المقرة من المؤسسات الرسمية، بعيدا عن حالة التفرد بالقرار السياسي، وبعيدا عن دفعها وفق المقاسات الحزبية».
ومن جهة ثانية، أقرت الحكومة كذلك، الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2017، ورفعت للرئيس للمصادقة على مشروع القانون الخاص بذلك وإصداره وفق الأصول.
وحسب مقترح مشروع قانون الموازنة لسنة 2017، فقد بلغت قيمة الموازنة المقترحة 4.48 مليار دولار، منها 4.1 مليار دولار للنفقات الجارية، و350 مليون دولار للنفقات التطويرية، حيث تبلغ الفجوة التمويلية 465 مليون دولار بمعدل شهري يبلغ نحو 39 مليون دولار، وذلك دون المتأخرات المتوقعة والبالغة 300 مليون دولار.
وتعاني السلطة أصلا من مديونية تزيد على 4.5 مليار دولار.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.