بعد مجيء ترمب... الأميركيون يهربون إلى جلال الدين الرومي

الاهتمام بصاحب «المثنوي» يبلغ ذروته في الولايات المتحدة

قصائد صوفية - قصائد حب - كتاب الحب - رسم متخيل لجلال الدين الرومي
قصائد صوفية - قصائد حب - كتاب الحب - رسم متخيل لجلال الدين الرومي
TT

بعد مجيء ترمب... الأميركيون يهربون إلى جلال الدين الرومي

قصائد صوفية - قصائد حب - كتاب الحب - رسم متخيل لجلال الدين الرومي
قصائد صوفية - قصائد حب - كتاب الحب - رسم متخيل لجلال الدين الرومي

في الأسبوع الماضي، كتبت صحيفة «واشنطن بوست»: «أليس مدهشا أن تصير قصائد الرومي، فيلسوف القرن الثالث عشر المسلم المتسالم، أكثر القصائد مبيعا في الولايات المتحدة مع ظهور نجم ترمب؟ إذا عاد الرومي حيا، سيرى أن الأميركيين لا يكادون يتوقفون عن قراءة ونشر قصائده، رغم أن ترمب يتحدث عن ترحيل المسلمين من أميركا، ومنعهم من دخولها».
وقالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز»: «مثل قصائد عمر الخيام، صارت قصائد الرومي الروحية مفضلة في الأعراس، واحتفالات البلوغ، ودفن الموتى. ها هو ضباب أمام أعيننا يعيدنا إلى عصر الإسلام الذهبي».
أما صحيفة «شيكاغو تربيون» فكتبت تعليقا تقول فيه: «إذا عاد إدوارد سعيد سيسخر، كعادته، من برجوازيتنا التي جعلتنا نفتن بقصائد إسلامية من قبل 700 عام».
نشرت هذه التعليقات بمناسبة صدور كتاب «سر الرومي: حياة شاعر الحب الصوفي»، الذي كتبه براد غوش، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة باترسون (ولاية نيوجيرسي).
ومن المعروف، أن جلال الدين الرومي (القرن 7 هجري، القرن 13 ميلادي) هو صاحب ديوان «المثنوي» (26000 بيت من الشعر، أكثره مزدوج القافية، أو من دون قافية موحدة). وهو صاحب الطريقة الصوفية المولوية (اسمها من «مولانا جلال الدين الرومي»). وتفرعت منها تقاليد «الدراويش»، والرقص الروحي.
ولد في أفغانستان، وعاش في بغداد، ثم في دمشق، ثم في تركيا في عهد السلاجقة.
في دمشق، قابل محيي الدين بن عربي، صاحب كتاب «الفتوحات المكية» الصوفية، الذي كان هاجر من الأندلس إلى دمشق.
وفي تركيا، قابل شمس الدين التبريزي، صاحب «الديوان الكبير» (35000 بيت) عن الصوفية والحب الإلهي. مرة اعتكفا معا 40 يوما، وكتب التبريزي أثناءها كتاب «40 قاعدة للحب الإلهي».
وتوفي الرومي في قونية، في تركيا، ويوجد قبره هناك.
ومن أشهر قصائده: «أنين الناي» التي يقول فيها: «أنصت إلى الناي يحكي حياته، ومن ألم الفراق يبث شكايته».
ومن أقواله في التفاؤل:
«حتى أحلك الليالي ستنتهي. وسوف تشرق الشمس مرة أخرى»
«لا شيء أثمن من ضحكة طفل صادق».
«تبحث عن الكنز كل حياتك، لكن، أنت الكنز الحقيقي».
في الحب:
«لا يمكن تفسير الحب، لكن، يفسر الحب كل شيء».
«ترقص سرا داخل قلبي، ولا يراك هناك أحد».
«بالحب، تصبح المرارة حلوة، وبالحب، يصبح النحاس ذهبا، وبالحب يصبح الألم شفاء».
«سأل المحبوب: هل تحبني حتى تموت؟ أجاب الحبيب: ماتت نفسي، وتعيش فيك».
توجد ترجمات قديمة لمؤلفات الرومي إلى اللغة الإنجليزية ولغات أوروبية أخرى. وقبل نصف قرن، صدرت ترجمات حديثة له أنجزها أرثر أرباري، وهو أستاذ جامعي بريطاني (كان قد ترجم القرآن الكريم ترجمة حديثة).
لكن، لم يهتم الأميركيون بالرومي إلا مؤخرا. فقد ترجم كولمان باركز، وهو شاعر أميركي، بعض قصائده، ومنها: «ضروريات الرومي» (عام 1995)، و«كتاب الحب» (عام 2003).
وفي عام 1995، نشر شارام شيفا كتاب: «إزاحة الحجاب: تراجم الرومي». وفي عام 1999، اختار ديباك شوبرا قصائد كتبها الرومي. وغنت بعضها فنانات أميركيات مثل مادونا، وغولدي هون، وديمي مور. (لأن الرومي كان، أيضا، موسيقيا مشهورا، واستعمل كثيرا آلة الناي، غنت الأميركيات بعض قصائده على أنغام هذه الآلة).
وبلغ اهتمام الأميركيين بالرومي قمته عام 2007، بمناسبة مرور 800 عام على ميلاده، وتم توزيع ميداليات باسمه من قبل منظمة اليونيسكو، التي جاء في إعلانها آنذاك «أفكار وآمال الرومي يمكن أن تكون جزءا من أفكار وآمال اليونيسكو».



«أمشي ويصل غيري»... سامح محجوب يستعيد جماليات قصيدة التفعيلة

«أمشي ويصل غيري»... سامح محجوب يستعيد جماليات قصيدة التفعيلة
TT

«أمشي ويصل غيري»... سامح محجوب يستعيد جماليات قصيدة التفعيلة

«أمشي ويصل غيري»... سامح محجوب يستعيد جماليات قصيدة التفعيلة

عن دار «الشؤون الثقافية» التابعة لوزارة الثقافة العراقية صدر ديوان «أمشي ويصل غيري» للشاعر المصري سامح محجوب والذي يستعيد من خلال أجوائه جماليات قصيدة التفعيلة، مشرّبة بمسحة من الشجن، تضمر في رائحتها حالة من الأسى والفقد والحسرة على أمل مراوغ، دائماً يهرب من ظلال الخطى والطريق التي تقطعها الذات الشعرية في الوصول إليه بمحبة خالصة، وهو ما يشي به عنوان الديوان. رغم ذلك يتميز بإيقاعات موسيقية رشيقة تطرح جماليات مختلفة، سواء على مستوى اللغة أو الصورة أو المجاز أو حتى المفارقة الدرامية الصاخبة.

يتجلى ذلك في كثير من المواضع، لا سيما تلك العبارة التي يصدّر بها الشاعر ديوانه «ليسَ أصعبَ مِن أن تواجهَ ذاتك في حافلةٍ ليليةٍ سائقُها مخمور»، ثم تتوالى ملامح الديوان تباعاً، حيث يعود الشاعر إلى عوالم قصيدة التفعيلة بصور شعرية خارجة عن المألوف محملة بخيال طازج مدهش، في تجربة حية تؤكد أن الإبداع قادر على أن يتجاوز الشكل ويتكرس في المضمون. ويطل قمر الغزل وعبير الغرام عبر قصائد الديوان كما في قصيدة «سر النعناع» التي يقول فيها الشاعر: «فُلٌّ / لمساءٍ يجلسُ / في مقهى الفيشاوي / كأميرٍ عربيّ / فُلٌّ ليديها / القاسيتين حناناً / في مرفأ كفىّ / فُلٌّ لنسيمٍ مرّ/ ولم يُفْشِ سِرّ النعناع / يا سرّ النعناع / لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عليّ».

ويقول الشاعر في قصيدة «نانسي»: نانسي امرأةٌ أبْدَعَهَا / الكَعْبُ العالي / تمشي مُثْقَلَةً بالجُغرافيا / لا يُشبهُهَا غيرُ كمانٍ/ تركَ الأورْكِسْتِرَا / وَتَمَشَّى في شارعِ طلعت حربْ/ نانسي تفتحُ للنصِ البابَ / ليخرجَ من علياءِ بلاغتِها أعزلْ / وتقولُ لمن يغلقُ بابَ التأويلِ:تمهَّل/ نوني... نونانِ/ ويائي لا تُسْألْ/ وتقول: أحبكَ يا مجنونُ/ أقولُ: شربتُ/ شربتُ ولم أثملْ». ويموج الديوان بظلال الحب وهمسات العشاق كما في قصائد عدة، منها «بكائية لكمان يوهان شتراوس» و«سوبرانو» في مقابل مراثي الزمن والبكاء على أطلال جمال منسي ودهشة مفقودة كما في قصائد «مقابر جماعية» و«القيامة» و«الشاعر الرجيم» و«الأربعينيات»، حيث يقدم الشاعر تجربة ثرية موغلة في الرمز والمجاز وتسبح في فضاء الحلم والذاكرة.

وتعيد قصيدة «نسر مهزوم» صياغة العلاقة بين الفرد المحبط والوطن كشجرة وارفة الظلال تشكل ملاذاً آمناً، لكن تلك العلاقة لم تخلُ من مناوشات العتاب والغضب تحت عنوان عريض هو المحبة على طريقة «هاملت» حين قال مخاطباً أمه: «أقسو كي أكون رحيماً». يقول الشاعر: «أدعوكِ طريقاً ومنازلَ طفلاً / يولدُ من رحمِ الْيَمّ / يحملُ بين يديهِ الشمسَ / وفي عينيهِ ينامُ الغيم / هذي الأرضُ الموعودةُ بالعشاق / يرثون ثراها قيداً وسلاسل / قمراً محبوساً / خلف الجدران».

صدر لسامح محجوب من قبل خمسة دواوين هي «لا شيء يساوي حزن النهر» 2006، و«الحفر بيد واحدة» 2010، و«مجاز الماء» 2015 و«امرأة مفخخة بالياسمين... ينتظرها عاشق أعزل» 2017، ظل فيها مخلصاً لشعر التفعيلة بقوافيه وجرسه الانسيابي، إلى أن اتجه لكتابة قصيدة النثر في ديوانه «يفسر للريح أسفارها» 2019.