البرلمان العراقي يقبل مرشحي العبادي لوزارتي الدفاع والداخلية

الأنباري الحيالي يخلف العبيدي والواسطي الأعرجي بدلا من الغبان

أطفال نازحون يقفون في طابور لتسلم مساعدات في منطقة الرشيدية شمال الموصل أمس (رويترز)
أطفال نازحون يقفون في طابور لتسلم مساعدات في منطقة الرشيدية شمال الموصل أمس (رويترز)
TT

البرلمان العراقي يقبل مرشحي العبادي لوزارتي الدفاع والداخلية

أطفال نازحون يقفون في طابور لتسلم مساعدات في منطقة الرشيدية شمال الموصل أمس (رويترز)
أطفال نازحون يقفون في طابور لتسلم مساعدات في منطقة الرشيدية شمال الموصل أمس (رويترز)

صوت البرلمان العراقي في جلسته أمس على تعيين عرفان الحيالي وزيرا للدفاع، وقاسم الأعرجي وزيرا للداخلية. وفي الجلسة ذاتها التي جرت بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي، رفض مجلس النواب المرشحين لوزارة التجارة، إنعام العبيدي، والصناعة والمعادن، علي يوسف الأسدي.
وغرد العبادي على موقع «تويتر» قائلا: «يسرنا تصويت مجلس النواب على وزيرينا الجديدين، الداخلية قاسم الأعرجي والدفاع عرفان الحيالي، تقدم جيد في وقت حاسم». ويسعى العبادي إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تحل محل الوزراء المحسوبين على الكتل السياسية بهدف تطبيق الإصلاحات التي تم تبنيها في 2015، لمكافحة الفساد إثر مظاهرات شعبية ضد المحسوبيات.
وأكد النائب حيدر الكعبي، من ائتلاف دولة القانون، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تم التصويت بأغلبية على الموافقة لتولي عرفان الحيالي منصب وزارة الدفاع وقاسم محمد الأعرجي منصب وزارة الداخلية». وبحسب السيرة الذاتية للحيالي التي أوردتها وكالة «المدى برس» فإن مرشح كتلة «متحدون للإصلاح»، بزعامة أسامة النجيفي، من مواليد الأنبار، وخريج الكلية العسكرية في دورتها الـ60. وبدأ كضابط برتبة ملازم أول في الفوج الثاني لواء المشاة الآلي الأول في الفرقة الأولى، ومن ثم انتقل إلى الملاك التدريبي للكلية العسكرية عام 1983 لمدة سبع سنوات. وانضم الحيالي لحركة تنظيم الضباط والقوى المدنية ذات الثقل العشائري في الأنبار عام 1991 وأصبح منسقًا لها حتى اعتقل بعد عام من قبل جهاز الأمن الخاص في النظام السابق، وحكم عليه بالإعدام ومن ثم أطلق سراحه بعفو خاص.
وشغل الحيالي عام 2006 منصب معاون مدير عام شؤون الأفراد في وزارة الدفاع برتبة مدنية، ثم حول إلى رتبة عسكرية برتبة عميد ليتولى مهام مدير الإدارة ومن ثم مدير التطوير والتدريب في جهاز مكافحة الإرهاب.
أما الأعرجي، مرشح كتلة بدر النيابية (منضوية في ائتلاف دولة القانون)، فإنه من مواليد 1964 في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط، والتحق بصفوف المعارضة العراقية عام 1986، وتلقى الكثير من الدورات العسكرية والأمنية وتم اعتقاله من قبل القوات الأميركية في أبريل (نيسان) 2003 في معتقل بوكا (جنوب العراق) وأطلق سراحه بعد ذلك بثلاثة أشهر. واعتقل الأعرجي مرة ثانية في يناير (كانون الثاني) 2007 وأطلق سراحه بعد 23 شهرًا من الاعتقال. وشارك الأعرجي في انتخابات مجلس النواب للدورة الثالثة (الحالية) ضمن ائتلاف دولة القانون عن منظمة بدر، وشغل عضوية لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في الدورة السابقة والحالية واشترك في كثير من اللجان التحقيقية.
ورفض البرلمان أمس التصويت على مرشحين آخرين قدمهما العبادي هما إنعام الربيعي، من الكتلة الوطنية‬‎ ‫بزعامة إياد علاوي، لوزارة التجارة وعلي يوسف الأسدي لوزارة الصناعة والمعادن. وشغر منصب وزير التجارة في ديسمبر (كانون الأول) 2015 بعد إقالة ملاس محمد بتهم تتعلق بالفساد المالي والإداري. وفي يوليو (تموز) 2016 أعلن العبادي قبول استقالة 7 وزراء شيعة من حكومته، هم وزراء التعليم العالي حسين الشهرستاني، والنفط عادل عبد المهدي، والنقل باقر جبر الزبيدي، والإعمار والإسكان طارق الخيكاني، والموارد المائية محسن الشمري، والصناعة محمد الدراجي، والداخلية، محمد الغبان.
وقدم العبادي مطلع أغسطس (آب) 2016 إلى البرلمان أسماء 5 مرشحين لشغل مناصب وزراء النفط، والتعليم العالي، والموارد المائية، والنقل، والصناعة، وبعد مناقشات قرر البرلمان منتصف الشهر ذاته التصويت بالأغلبية لصالح التعديل الجديد. وفي 25 أغسطس الماضي، أقال البرلمان وزير الدفاع، خالد العبيدي، بعد مضي أقل من شهر على استجوابه داخل البرلمان في ملفات فساد، فيما صوت البرلمان في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي على إقالة وزير المالية، هوشيار زيباري من منصبه، في حين أن كلا الوزيرين قال إن الدوافع وراء إقالتهما سياسية.‬‎



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.