عباس يحاول احتواء التمدد الإسرائيلي بقبول لقاء نتنياهو والعمل مع ترمب

عباس يحاول احتواء  التمدد الإسرائيلي بقبول  لقاء نتنياهو والعمل مع ترمب
TT

عباس يحاول احتواء التمدد الإسرائيلي بقبول لقاء نتنياهو والعمل مع ترمب

عباس يحاول احتواء  التمدد الإسرائيلي بقبول  لقاء نتنياهو والعمل مع ترمب

في مساعٍ جديدة ومحاولة دبلوماسية لاحتواء التمدد الإسرائيلي، وقرار الرئيس الأميركي المحتمل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن السلطة دائمًا تسعى لمبادرات حسن نية وتعلن استعدادها التام لدعم جهود السلام، وأنه في إطار ذلك فهي مستعدة للقبول بمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعقد لقاء ثلاثي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو، كما أنه يتطلع للعمل مع إدارة ترمب.
جاء ذلك خلال مشاركته وحضوره للقمة الثامنة والعشرين للاتحاد الأفريقي المنعقدة في إثيوبيا. ودعم محمود عباس بقوة أن يكون للقارة الأفريقية مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وقال إنه يتطلع إلى دور ومكانة متعاظمة لأفريقيا في المحافل الدولية، لكنه دعا القادة الأفارقة إلى ألا تكون علاقات بلدانهم مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.
وفي محاولة منه لمواجهة الاختراق الإسرائيلي في أفريقيا، خاطب عباس قادة القارة قائلاً: «نعلم أن لكم مصالحكم، وأنّ إسرائيل تسعى لكسب علاقات مع دول قارتكم، لكننا نرجو منكم، ألا يكون ذلك على حساب قضية شعبنا الفلسطيني العادلة، التي ما زالت بحاجة لتماسك مواقفكم وثباتها، للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي البغيض».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجرى جولة تاريخية في عدة دول أفريقية ضمت أوغندا ورواندا وإثيوبيا وكينيا وأفريقيا الجنوبية في يوليو (تموز)، الماضي، تحت شعار «إسرائيل تعود إلى أفريقيا. وأفريقيا تعود إلى إسرائيل»؛ في إشارة إلى إحياء العلاقات التي كانت سائدة في الستينات قبل أن تجمد الدول الأفريقية عام 1973 علاقاتها مع إسرائيل تحت ضغوط مصرية وسودانية.
وبعد هذه الجولة التقى عباس الرئيس السوداني عمر البشير من أجل مواجهة هذا الاختراق الإسرائيلي. وعاد عباس لالتقاء البشير أمس مرة ثانية، على هامش أعمال قمة الاتحاد الأفريقي، وبحثًا عن تعزيز العلاقات الثنائية وسبل تنميتها وتطويرها في شتى المجالات. كما التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووضعه في صورة الأوضاع في فلسطين، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، واستعراض آخر التطورات والمستجدات في المنطقة، والجهود المبذولة لتحريك عملية السلام.
وعودة لكلمته أمام قادة أفريقيا، حذر عباس من أن أي مساس بالوضع القائم في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 من شأنه أن يقوض فرص تحقيق السلام وإرساء قواعد الاستقرار في منطقتنا. وحث المجتمع الدولي على تطبيق القرار 2334، الذي يدين الاستيطان، «حماية للأمن والاستقرار، وفرص تحقيق السلام في منطقتنا». وقال إن «تطبيقه سيسهم في انتزاع الذرائع من قوى التطرف والإرهاب في منطقتنا والعالم أجمع».
وأعاد طلب تشكيل مجموعة متابعة دولية لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لصنع السلام، وفق سقف زمني محدد، بالاستناد إلى تنفيذ ما جاء في بيان مؤتمر باريس. وجدد عباس التأكيد على «أن أيدينا ما زالت ممدودة للسلام نحو جيراننا الإسرائيليين»، وأعلن كذلك أنه «على استعداد لقبول مبادرة الرئيس بوتين لعقد لقاء ثلاثي في موسكو».
وقال عباس إنه يتطلع «للعمل مع الرئيس دونالد ترمب وإدارته الجديدة من أجل صنع السلام الشامل والعادل في منطقتنا، وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، ومبادرة السلام العربية، ليكون عام 2017 عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، لتعيش الدولتان - إسرائيل وفلسطين - في حدود آمنة ومعترف بها، وفق حدود عام 1967».



اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)
تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)
تطورات نوعية في ممارسات الجماعة الحوثية ضد السكان خلال العام الماضي (أ.ف.ب)

كجميع الأعوام السابقة منذ انقلاب الجماعة الحوثية وسيطرتها على العاصمة اليمنية، صنعاء، وغالبية مؤسسات الدولة ومناطق واسعة من البلاد، شهد العام الماضي انتهاكات واسعة ومتعددة لحقوق الإنسان في مختلف المناطق والمحافظات.

واتهم حقوقيون الجماعة الحوثية بالاستمرار في قمع السكان وإرهابهم وانتهاك حقوقهم، مع تصعيد ممارساتها العدائية بحق المدنيين تحت مختلف المبررات، وبوسائل متنوعة، وهو ما أدى إلى تسببها في مضاعفة المعاناة، ومفاقمة الأوضاع المعيشية المعقدة.

ويرى مطهر البذيجي المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف «رصد») أن العام الماضي شهد تصعيداً حوثياً لانتهاكات حقوق الإنسان تحت مبرِّر مناصرة الفلسطينيين في غزة ضد الحرب الإسرائيلية وأحداث جنوب لبنان؛ إذ استغلت الجماعة ذلك لتبييض جرائمها والتنصل من تقديم الخدمات للسكان وتحسين أوضاعهم المعيشية والتهرُّب من جهود السلام.

وقال البذيجي لـ«الشرق الأوسط» إن العام الماضي كان حافلاً بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، التي نجمت عن الهجمات الحوثية على طرق الملاحة الدولية في المياه المحيطة باليمن؛ ما أسفر عن تدخل غربي مباشر، إلى جانب مزاعم المواجهة مع إسرائيل التي تسببت في تعرُّض البلاد ومنشآتها الحيوية لغارات إسرائيلية فاقمت من معاناة السكان.

الهجمات الحوثية على السفن تسببت بمفاقمة الأوضاع المعيشية لليمنيين (أ.ف.ب)

وأشار إلى استمرار الجماعة في تجنيد الأطفال، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين ومواجهة الغرب وإسرائيل، وقصف الأحياء السكنية وحصار المدن وزراعة الألغام والاعتقالات التعسفية، ومصادرة رواتب الموظفين العموميين، وتعمدها إهدار صحة اليمنيين وسلامتهم بتسببها في تدهور القطاع الطبي والخدمات الصحية، وتأثير أعمالها العدائية على وصول الغذاء لكل السكان، وتراجع المساعدات الإغاثية المقدَّمة لهم.

ولفت البذيجي إلى اقتحام الحوثيين مقر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في خرق للقوانين والمعاهدات الدولية التي تحفظ أمن وسلامة المقرات والمنشآت الأممية، واختطاف عمال وموظفي منظمات الإغاثة والمنظمات الدولية والأممية، وتلفيق الاتهامات لهم بالتخابر.

13 ألف ضحية

كشف تقرير حقوقي رسمي حديث عن توثيق 2167 واقعة انتهاك حقوقي خلال العام الماضي، ما أسفر عن تضرر 12895 ضحية من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية، شملت استهداف مدنيين، وزراعة ألغام، واعتقالات تعسفية، وتهجيراً قسرياً، وتدمير ممتلكات عامة وخاصة.

اختطاف موظفي الأمم المتحدة واقتحام مقراتها كان أبرز الممارسات الحوثية في العام الماضي (رويترز)

وذكرت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية مستقلة) في تقرير لها مع بداية العام الحالي أن 657 مدنياً قُتِلوا أو جُرِحوا في 564 واقعة استهداف، وكان عدد القتلى 214 فرداً، بينهم 27 طفلاً و6 نساء، أما الجرحى فبلغ عددهم 443، منهم 74 طفلاً و52 امرأة.

وبحسب التقرير، سقط 196 ضحية نتيجة انفجار ألغام مضادة للأفراد والعبوات الناسفة، منهم 40 طفلاً و11 امرأة، بينما تعرَّضت 624 ضحية للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، بالإضافة إلى تهجير أكثر من 10140 مدنياً قسرياً في 128 واقعة، وسقوط 81 ضحية في حوادث قتل خارج القانون، فضلاً عن تفجير 14 منزلاً.

ورصدت اللجنة وقائع استهداف 19 موقعاً ثقافياً ودينياً، وتدمير 506 ممتلكات، و16 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية، إلى جانب 186 ضحية لتجنيد الأطفال دون سن الـ15، مؤكدة أنها نفَّذت 15 زيارة في إطار مهامها الميدانية، شملت محافظات مأرب وتعز والضالع ولحج وأبين وشبوة، للتحقيق في وقائع استهداف أحياء سكنية ومرافق خدمية ومعاينة آثار الانتهاكات.

وزارت اللجنة، بحسب تقريرها، السجون ومراكز الاحتجاز في المهرة وحضرموت وعدن؛ حيث قيَّمت أوضاع 3000 سجين ومحتجَز، بينهم نساء ومعتَقلون على خلفية النزاع المسلح، مذكّرةً بأن مجلس حقوق الإنسان أقرّ في دورته الـ57، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مشروع قرار بشأن استمرار دعمها لتمكينها من القيام بعملها.

العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

وطالبت اللجنة بتمكينها من تنفيذ وأداء مهامها، معبرةً عن التزامها بمواصلة التحقيق في جميع الانتهاكات، لتحقيق العدالة للضحايا وتخفيف معاناتهم.

انتهاك الحريات الإعلامية

في سياق الانتهاكات التي تعرَّض لها اليمنيون خلال العام الماضي، أعلن مرصد حقوقي عن تسجيل 98 انتهاكاً ضد الحريات الإعلامية، منها 15 حالة اعتقال، و6 حالات احتجاز مؤقت لصحافيين قبل الإفراج عنهم، و3 حالات اعتداء، و17 حالة تهديد، بالإضافة إلى 40 حالة استجواب ومحاكمات أمام جهات غير مختصة.

وعدّ «مرصد الحريات الإعلامية (مرصدك)» اعتراف تنظيم «القاعدة» بإعدام صحافي يمني، وإصدار محكمة حوثية حكماً بالإعدام على صاحب شركة للخدمات الإعلامية ومصادرة ممتلكاته دون سند قانوني، أبرز انتهاكات الحريات الإعلامية خلال العام الماضي.

تردٍّ كبير شهدته الخدمات الصحية في مناطق سيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)

وكان «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» أعلن أخيراً إعدام 11 يمنياً، بينهم الصحافي محمد المقري، الذي اختطفه التنظيم منذ 2015، خلال سيطرته على مدينة المكلا في حضرموت (شرق)، متهماً إياه بالعمل كجاسوس.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أصدرت ما تُسمَّى بالمحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة التابعة للجماعة الحوثية في صنعاء، حكماً بإعدام طه المعمري مالك شركة «يمن ديجيتال ميديا» رمياً بالرصاص، ومصادرة ممتلكاته التي استولى عليها نافذون من الجماعة قبل ذلك بعدة أشهر.

وبيَّن التقرير أن 57 انتهاكاً وقعت في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية على يد أطراف متعددة، بينما ارتكبت الجماعة الحوثية 27 انتهاكاً، إلى جانب 3 انتهاكات تقف خلفها شخصيات نافذة، وانتهاك واحد اعترف به تنظيم «القاعدة»، وانتهاكين على يد تحالف الازدهار، و5 انتهاكات من أطراف أخرى، و3 نفذتها جهات مجهولة.

الجماعة الحوثية لم تتوقف عن استهداف الصحافة والصحافيين (إعلام محلي)

ويفسر مجيب ثابت، وهو اسم مستعار لمحامٍ يقيم في العاصمة صنعاء وينشط في الدفاع عن ضحايا الانتهاكات الحوثية، زيادة أعداد وقائع الانتهاكات التي تكشفها التقارير والمنظمات الحقوقية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية عن مثيلاتها في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بوجود مساحة لحرية الصحافة والإعلام في الأولى، وغيابها في الثانية تماماً.

وينوه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية منعت الأنشطة الصحافية والإعلامية، ما لم تكن تابعة أو موالية لها، أو تخدم مشروعها بأي شكل من الأشكال، لافتاً إلى إغلاق إذاعة محلية والاستيلاء على كامل أجهزتها ومعداتها خلال العام قبل الماضي، رغم أنها لم تكن تبث سوى برامج ترفيهية، ثم الاعتداء على مالكها بعد رفضه تلك الإجراءات.

وأعاد ثابت، الذي فضّل إخفاء بياناته خوفاً على سلامته، التذكير بمئات المختطَفين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم بالاحتفال بذكرى الثورة اليمنية ورفع علم الدولة، وبينهم كتاب وصحافيون لا تعلم عائلاتهم شيئاً عنهم حتى الآن، بعد مضي عدة أشهر على اختطافهم.

اقرأ أيضاً