الأمن الروسي يقضي على 3 إرهابيين في الشيشان

أفراد في خلية يديرها مسؤول تجنيد «داعش» في سوريا

الأمن الروسي يقضي على 3 إرهابيين في الشيشان
TT

الأمن الروسي يقضي على 3 إرهابيين في الشيشان

الأمن الروسي يقضي على 3 إرهابيين في الشيشان

لقي رجلا أمن مصرعهما خلال عملية أمنية أمس في الشيشان، تم خلالها القضاء على مجموعة من المسلحين، يدير شؤونهم إرهابي من سوريا وهو المسؤول عن التجنيد في صفوف «داعش».
وقال الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف إن الحادثة وقعت في مدينة شالي في الشيشان، عندما حاول رجال الأمن إيقاف أشخاص يثيرون الشبهة الاقتراب من حاجز للأمن هناك. وأوضح قاديروف أن المسلحين «ردا على مطالبتهم بإظهار وثائقهم الشخصية، أخذوا يطلقون النار، ومن ثم ألقوا قنبلة يدوية»، ما أدى إلى مصرع علي مسلم خانوف، وهو شرطي، وعنصر شرطة المرور إسلام يحيجييف، ابن مدينة شالي الذي كان قد وصل إلى هناك في زيارة للأهل والأقارب. كما أصيب مدنيان بجروح. وأكد قاديروف «على الفور تم اتخاذ الإجراءات الضرورية التي أدت إلى القضاء على الإرهابيين».
ويضيف الرئيس الشيشاني مؤكدًا ارتباط المجموعة الإرهابية التي تم القضاء عليها أمس، مع مسؤول في «داعش» موجود على الأراضي السورية، ويقول بهذا الصدد: «عملت تلك المجموعة تحت قيادة محمد رشيدوف، وهو مواطن من مواليد مدينة شالي، موجود ضمن صفوف تنظيم داعش الإرهابي منذ ثلاث سنوات، يقوم عبر الإنترنت بتجنيد الشباب، ويصدر لهم أوامر بقتل المسؤولين ورجال الدين».
وكانت وكالة «تاس» قد نقلت أمس عن مصدر في الأجهزة الأمنية الروسية في منطقة شمال القوقاز، تأكيداته أن عناصر تنظيم داعش الإرهابي، الذين تم القضاء عليهم في منطقتي كورتشالوفسك وشالي في جمهورية الشيشان، خلال شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، كانوا يتلقون التعليمات من واحد من مراكز التجنيد التابعة لـ«داعش»، ومقره خارج الأراضي الروسية. وتشير النتائج الأولية للتحقيقات إلى أن مقر ذلك المركز على الأراضي السورية، وكان يجري التواصل عبر الإنترنت. فضلا عن ذلك كانت تلك المجموعات تخطط، وفق ما يؤكد المصر الأمني، لتنفيذ عدة عمليات إرهابية، ضد المسؤولين في السلطات التنفيذية، ورجال الأمن، والقيادات الدينية على الأراضي الشيشانية، وكانوا ينسقون لكل تلك العمليات مع مركز التجنيد في «داعش» على الأراضي السورية.
وكان وزير الداخلية الشيشاني أبتي علاء الدينوف، قد أكد خلال اجتماع الأسبوع الماضي، مع قادة الأمن المحليين، على تراجع أعداد الشباب الشيشانيين الذين يتوجهون للانضمام إلى المجموعات الإرهابية. وحسب قول علاء الدينوف فإنه «ونتيجة العمل الذي قامت به الأجهزة الأمنية عام 2016، تم تقليص أعداد الذين يتوجهون إلى سوريا من الشيشان، للمشاركة في نشاط المجموعات الإرهابية هناك»، مؤكدًا أن عدد الشيشانيين الذين انضموا إلى «داعش» في سوريا العام الماضي، لم يتجاوز 19 شابًا شيشانيًا. وأشار المسؤول الأمني الشيشاني إلى محاولات الأشخاص الذين يمارسون التجنيد في صفوف «داعش» تشكيل «خلايا نائمة» في الشيشان، مؤكدا أن «الأمن تمكن من إحباط كل تلك المحاولات».
وتأتي هذه التطورات بعد أسبوعين على تصريحات للرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، أكد فيها إلقاء القبض في الشيشان على إرهابي خطير ينتمي إلى مجموعة ينشق عملها إرهابي من «داعش» موجود على الأراضي السورية، وأشار إلى أنه بشكل عام «تم القضاء على المجموعة كلها، وهناك لدى البوليس أكثر من خمسين عضوًا من أعضائها»، وحذر من أن «المراكز الإرهابية تحاول اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي التأثير على جيل الشباب في الشيشان، ومناطق أخرى من البلاد، لجرهم إلى نزاع دام ضد الإسلام والعالم الإسلامي»، مشددا على أن «مصير تلك المحاولات في الشيشان هو الفشل، وقد أثبتنا ذلك». ويرى قاديروف أن «أعداء الإسلام يحاولون، عن قصد، تحويل مفهوم الجهاد ليصبح مجرد مشاركة في الحرب»، واصفا تلك المحاولات بأنها «كذب بلا ضمير ودون مسؤولية، يهدف إلى تشويه الإسلام والمسلمين»، محملا المسؤولية عن ظهور الإرهاب لـ«الاستخبارات الأميركية» على حد قوله، لافتًا إلى أن هؤلاء الإرهابيين «يقولون إنهم يسيرون على درب الجهاد، بينما يهدرون دم المسلمين وغير المسلمين، ويدمرون دولاً فيها مقدسات إسلامية».



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟