عملية كوماندوز أميركية بأمر ترمب في قلب اليمن

استمرت ساعتين ومصير قائد القاعدة الريمي غامض

يمنية تمر من أمام ملصق وكتابات جدارية عن طائرات درون الأميركية (إ.ب.أ)
يمنية تمر من أمام ملصق وكتابات جدارية عن طائرات درون الأميركية (إ.ب.أ)
TT

عملية كوماندوز أميركية بأمر ترمب في قلب اليمن

يمنية تمر من أمام ملصق وكتابات جدارية عن طائرات درون الأميركية (إ.ب.أ)
يمنية تمر من أمام ملصق وكتابات جدارية عن طائرات درون الأميركية (إ.ب.أ)

أعلن الجيش الأميركي أن جنديًا أميركيًا قتل وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في الهجوم على موقع لتنظيم القاعدة في اليمن ليل السبت الأحد، موضحًا أن 14 مسلحًا من التنظيم قتلوا.
وصرح قائد القيادة الوسطى الأميركية في تامبا بفلوريدا، الجنرال جوزيف فوتيل: «يحزننا جدًا خسارة أحد عناصر قواتنا الخاصة»، مشيرًا إلى أن «التضحيات كبيرة جدًا في قتالنا ضد الإرهابيين الذين يهددون الأبرياء في جميع أنحاء العالم».
وكشف مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى أن العملية العسكرية التي نفذتها وحدات العمليات الخاصة فجر أمس الأحد في قلب اليمن تمت بأوامر مباشرة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، في إطار خطته لتكثيف العمل ضد الإرهاب على مختلف المستويات. وهدفت العملية التي قتل خلالها جندي أميركي وأصيب أربعة آخرون، طبقًا للمصادر ذاتها، إلى جمع أكبر قدر من المعلومات عن التنظيمات الإرهابية عن طريق خطف أو اعتقال قيادات بارزة في مداهمات لمعاقلهم على نمط عملية اقتحام مخبأ مؤسس القاعدة أسامة بن لادن في منتصف 2011.
وقالت مصادر أميركية خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن المستهدف بالاعتقال في العملية هو قاسم الريمي قائد القاعدة في جزيرة العرب المعروف باسم أبو هريرة الصنعاني. ولفتت إلى أنه لو لم يتوفر للقوات الأميركية معلومات عن احتمال وجود الريمي لما أقدمت على مغامرة كهذه يحتاج تنفيذها إلى موافقة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية، إلا أن مصير الريمي بعد العلمية ما زال غامضا؛ إذ لم يتأكد مقتله أم لا في العلمية.
وأكدت مصادر قبلية يمنية أن ثلاثة من أبناء الراحل أحمد ناصر الذهب كانوا موجودين في المنطقة المستهدفة كونها منطقتهم والمنازل المدمرة تابعة لهم، ورجحت المصادر أن يكون قائد أنصار الشريعة عبد الرؤوف الذهب بين القتلى، إضافة إلى اثنين آخرين من أشقائه.
وأضافت المصادر الأميركية لـ«الشرق الأوسط» التي طلبت التحفظ على هويتها أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما سبق أن طلب منه البنتاغون الموافقة على تنفيذ العملية بعد إعداد خطة متكاملة لها، لكن أوباما رفض إجازتها تحوطًا من تكرار تجربتين فاشلتين سابقتين في اليمن استهدفت إحداهما مهندس تفجيرات القاعدة إبراهيم العسيري ولم يقبض عليه، فيما كان الهدف من الأخرى إنقاذ رهينة أميركي قتلته «القاعدة» أثناء محاولة إنقاذه. وكان أوباما يفضل الاعتماد على عمليات الطائرات من دون طيار حفاظًا على أرواح الجنود الأميركيين، فيما يبدو على الرئيس الحالي أنه لن يتردد في الموافقة على تنفيذ أي مغامرة في محاولته لإثبات قوة قبضته. وحذرت مصادر يمنية من عمليات كهذه تخدم حركة التمرد الحوثي في اليمن بطريقة غير مباشرة باعتبار أن منطقة قيمة السنية المستهدفة تعتبر من أهم المناطق العصية على الحوثيين.
تفاصيل العملية
تطابقت رواية وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مع رواية تنظيم أنصار الشريعة اليمني الموالي لـ«القاعدة» في تأكيد وقائع عملية الكوماندوز الأميركية في اليمن، التي جرت فجر أمس الأحد في قرية يكلا بمنطقة قيفة قرب مدينة رداع الواقعة في قلب اليمن، وتتبع إداريًا لمحافظة البيضاء. ولكن الطرفين اختلفا في تقدير خسائر كل منهما أثناء العملية وفي بعض التفاصيل الفرعية.
فحسب الرواية الأميركية الرسمية الصادرة عن القيادة المركزية في تامبا، أسفرت العملية عن مقتل جندي كوماندوز أميركي، وجرح ثلاثة من زملائه فيما أصيب رابع أثناء تحطم طائرة مروحية أميركية كانت تحاول إجلاء الجرحى الأميركيين. وأقر مسؤولو البنتاغون بتحطم الطائرة الأميركية التي قالوا إنها من طراز إم في - 22 (النسر الطائر)، وأنها عجزت عن الإقلاع بعد هبوطها، وهو ما اضطر قيادة العمليات لإصدار أوامر لطائرات أخرى بإحراقها وتسوية طائرة الإنقاذ بالأرض، ويبدو أن الغرض من تدميرها هو حرمان عناصر القاعدة من استغلالها في عملياتهم الدعائية. ويشير البيان الأميركي إلى أن 14 من عناصر «القاعدة» قتلوا خلال العملية التي كان الهدف منها منع مخططات إرهابية مستقبلية. ونفى المسؤولون الأميركيون أن تكون العملية قد أسفرت عن مقتل نساء وأطفال، أما رواية الطرف الآخر فقد وصفت ما جرى بمذبحة ارتكبتها القوات الأميركية «بحق المدنيين في منطقة قيفة وسط اليمن».
وقال بيان «أنصار الشريعة» إن إنزالاً أميركيًا استهدف إحدى القرى بالمنطقة فجر أمس الأحد، وأدى إلى «مقتل العشرات بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء». وبحسب البيان فإن الطائرات الأميركية «وجودت في الأجواء منذ الساعة التاسعة ليلاً، إلا أن العملية بدأت في الساعة الثانية صباحًا من أمس الأحد عندما شنت أربع طائرات أباتشي غاراتها بـ16 صاروخا استهدفت ثلاثة منازل في القرية، أعقب ذلك نزول الجنود الأميركان واندلاع اشتباكات استمرت لساعتين سقط فيها عدد من الجنود الأميركان بين قتيل وجريح».
وزعم البيان فإن الجنود الأميركيين فتحوا النار على النساء والأطفال، ما أدى إلى مقتل عدد كبير منهم في جريمة اعتبروها مجزرة مروعة». وجاء في أنباء أخرى تناقلها نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي أن طفلين اثنين احترقا، كما احترقت ثلاثة منازل إثر القصف والاشتباكات.
وزعم «أنصار الشريعة» في الأنباء الصادرة عنهم أن المروحية الأميركية أسقطت بنيرانهم وأن طاقمها قتلوا.
وذكرت مصادر محلية بمنطقة قيفة أن المعركة دامت أكثر من ساعتين وشارك فيها العشرات من جنود المارينز الأميركية وانتهت بمقتل 3 من أبرز قيادات التنظيم في اليمن. وصرح أحد سكان المنطقة لـ«الشرق الأوسط» بأن الهجوم بدأ بهجمات طائرات من دون طيار استهدفت عددًا من المنازل بقرية يكلا الجبلية قبل أن تغادر الطائرات من دون طيار لتحل محلها طائرات مروحية تقل عشرات من الجنود المدججين بالأسلحة والأضواء الكاشفة. وتضاربت الأنباء عن الجهة التي أقلعت منها الطائرات الأميركية، حيث أشارت بعض المصادر إلى أن الطائرات المروحية قدمت من على متن حاملة للطائرات رست بالقرب من سواحل محافظة أبين جنوب اليمن، لكن مصادر أخرى رجحت أن تكون قد أقلعت من قاعدة العند الجوية، أو من مناطق أخرى تسيطر عليها قوات الشرعية، حيث نقلت مواقع يمنية عن سكان محليين بمنطقة يافع ومناطق أخرى بأبين أن المروحيات مرت بالمناطق الجبلية في طريقها صوب منطقة رداع.
وقال بعض السكان في القرى المجاورة لموقع المعركة إن أصوات الانفجارات المدوية وصلت إلى مسامعهم على مسافة تصل إلى عشرة كيلومترات، فيما تصاعدت أعمدة الدخان من ثلاثة منازل اتضح لاحقا أنها تابعة لأفراد من أسرة آل الذهب المنقسمة على نفسها بين مؤيدين للقاعدة وناقمين على أفعالها. وحسب المصادر المحلية فإن عمليات الإسعاف من قرية يكلا إلى مستشفيات مدينة رداع لم تبدأ إلا قرابة السابعة صباحًا، حيث كان يخشى أهالي القرى المجاورة من تجدد عمليات القصف أو المداهمة. وأكد الأهالي لوسائل الإعلام أن الجنود الأميركيين تمكنوا من نقل بعض الحاجات التي وجدوها في المنازل التي تعرضت للمداهمة معتمدين على اطمئنان رجال «القاعدة» بأن استهدافهم لن يتم إلا من الجو لم يكونوا يتوقعون أن يصبح الجنود الأميركيون أمامهم وجها لوجه.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».