القاهرة تفتح معبر رفح بعد لقاء «حماس» بمسؤولين مصريين

الحركة تواجه معضلة إصرار السلطات المصرية على تسلّم مطلوبين يعيشون في غزة

فلسطينيون ينتظرون دورهم لعبور معبر رفح بعد فتحه أمس من قبل السلطات المصرية (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون دورهم لعبور معبر رفح بعد فتحه أمس من قبل السلطات المصرية (أ.ف.ب)
TT

القاهرة تفتح معبر رفح بعد لقاء «حماس» بمسؤولين مصريين

فلسطينيون ينتظرون دورهم لعبور معبر رفح بعد فتحه أمس من قبل السلطات المصرية (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون دورهم لعبور معبر رفح بعد فتحه أمس من قبل السلطات المصرية (أ.ف.ب)

فتحت السلطات المصرية أمس معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، لأول مرة في العام الجديد، وذلك بعد يوم واحد فقط من عودة قيادي حركة حماس إسماعيل هنية إلى غزة، قادمًا من القاهرة التي أجرى فيها مباحثات متقدمة مع رئيس المخابرات المصرية اللواء خالد فوزي.
وأعلنت هيئة المعابر والحدود في غزة عن فتح المعبر استثنائيًا لمدة 3 أيام، ونشرت وزارة الداخلية كشوفات المسافرين المسجلين للسفر عبر موقعها. وشوهدت أمس حافلات تقل طلبة ومرضى وحالات إنسانية تتحرك من وإلى القطاع. وأعلن أيضًا أن مصر سمحت للمرة الأولى بإدخال كميات من القمح إلى القطاع عبر المعبر، حيث دخلت ثلاث شاحنات كبيرة محملة بالقمح للقطاع الخاص كما يبدو.
واهتمت وسائل الإعلام الفلسطينية والتابعة لحركة حماس بشكل خاص بفتح معبر رفح، وقال مراقبون إنه مؤشر على تحسن العلاقات بين مصر و«حماس» بعد لقاء هنية بفوزي.
وكان فوزي قد طلب من هنية تعاونًا أكبر من حماس فيما يخص الأمن القومي المصري، كمدخل لتحسين العلاقات وتطويرها. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن حماس ستجري مشاورات لاحقة من أجل بحث الطلبات المصرية المحددة وكيفية التجاوب معها.
وبحسب المصادر، فإن «حماس» تنوي تكثيف قواتها الأمنية على الحدود مع مصر من أجل مراقبة أفضل، ومنع تسلل أي عناصر متشددة من وإلى سيناء، كما ستكثف حربها ضد الجماعات المتشددة المشتبه بعلاقتها مع جماعات «داعش» في سيناء، إضافة إلى ضبط سوق السلاح، ومحاربة أي تبادل بين غزة وسيناء.
لكن المشكلة الأكبر أمام «حماس» هي إصرار مصر على تسليم الحركة مجموعة من المطلوبين لها يعيشون في غزة، وهو ما ترفضه «حماس» حتى الآن. وبهذا الخصوص قالت المصادر إن الحركة الإسلامية قد تعتقلهم أو تسمح للمصريين باستجوابهم في غزة، وهي مسألة لم تحسم بعد.
وبحسب المصادر ذاتها ستعرض «حماس» على مصر في جلسات مستقبلية بدائل لمسألة تسليم مطلوبين.
وتسعى «حماس» إلى تجاوز خلافاتها مع مصر بعد اتهامات مصرية للحركة بالتدخل في الشأن المصري، ومساندة جماعة الإخوان المسلمين. وقد فتحت مصر الأبواب لحماس في مارس (آذار) من العام الماضي، بعد سلسلة اتهامات للحركة بالمشاركة في الأحداث الداخلية في مصر، بما في ذلك اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، الذي لقي مصرعه في تفجير استهدف موكبه في يونيو (حزيران) عام 2015، وتبع ذلك سلسلة لقاءات أمنية انتهت بلقاء هنية بفوزي.
وقبل أشهر قليلة فقط أجرت مصر تغييرات ملحوظة تجاه القطاع، شملت فتح معبر رفح على فترات متقاربة، واستقبال سياسيين وأكاديميين ومفكرين وصحافيين وناشطين وكتاب من غزة، لمناقشة مستقبل العلاقة الفلسطينية - الفلسطينية، والعلاقات الفلسطينية - المصرية. وقد تحسنت العلاقات بين الجانبين أكثر بعد استقبال هنية الذي يعد الخليفة الأبرز لخالد مشعل زعيم حركة حماس.
وقال هنية نفسه بعد عودته إلى غزة، أول من أمس، إنه من المرتقب أن تشهد العلاقات مع مصر منعطفًا نوعيًا، على حد قوله، ووصف العلاقات مع مصر بأنها «في تحسن».
وقالت حركة حماس، في بيان، إن وفدها في مصر استمع إلى «رؤية الوزير خالد فوزي، والتي ستكون لها انعكاسات إيجابية على أهلنا في قطاع غزة، مثل قضية فتح المعبر، وأزمة الكهرباء، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، كما تم التطرق إلى الوضع الأمني على الحدود بين القطاع ومصر».
وأكد الوفد على ثوابت الحركة في العلاقة مع جمهورية مصر العربية، وأهمها عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وأهمية الحفاظ على الأمن القومي المصري والأمن المشترك.
وقالت المصادر إنه على الرغم من التقدم، بقيت موضوعات عالقة، مثل فتح معبر رفح بشكل دائم، والإفراج عن معتقلين من حماس في مصر، إلى جانب تسليم المطلوبين لمصر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.