رئيس الوزراء الأردني: الدينار «مستقر» والإعفاءات «غير المدروسة» أضرت بالمال العام

تضخم الكادر الحكومي يعيق الاستثمار... لكن لا نية للاستغناء عن خدمات أحد

عملة ورقية أردنية من فئة خمسين ديناراً (تصوير: ماهر يحيى)
عملة ورقية أردنية من فئة خمسين ديناراً (تصوير: ماهر يحيى)
TT

رئيس الوزراء الأردني: الدينار «مستقر» والإعفاءات «غير المدروسة» أضرت بالمال العام

عملة ورقية أردنية من فئة خمسين ديناراً (تصوير: ماهر يحيى)
عملة ورقية أردنية من فئة خمسين ديناراً (تصوير: ماهر يحيى)

أكد رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، أن الوضع الاقتصادي الذي يمر به الأردن حاليا ليس أصعب من الأوضاع الاقتصادية التي مررنا بها سابقا، قائلا إن «الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الأردن عام 1989 كانت أكبر بكثير مما نحن عليه اليوم».
وأوضح الملقي: «لا يوجد شيء في الوضع الاقتصادي الحالي يدعو للقلق الكبير. وهذه أمور تمر بها كل الدول ولا بد من إصلاحها»، مؤكدا أنه منذ عام 2011، أو ما يسمى بالربيع العربي، فإن «القضايا التي مرت على هذا الوطن أوصلتنا إلى قناعة أن الاقتصاد الأردني متين وله منعة».
واعتبر الملقي في مقابلة للتلفزيون الأردني، أن الانفتاح الإعلامي الذي يشهده الأردن ووسائل التواصل الاجتماعي أسهمت جميعها في تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي، وهو الأمر الذي لم يكن موجودا عام 1989.
ولفت إلى أنه، ورغم ما يسمى بالربيع العربي، أو الأزمة الاقتصادية العالمية، أو اللاجئين الموجودين على الأرض الأردنية أو إغلاق الحدود، فإن «اقتصادنا ما زال متينا»، مضيفا أن «ذلك لا يعني أننا لا نريد معدلات نمو أكبر وزيادة الإنتاجية ومحاربة التهرب الضريبي والمحسوبية والفساد، ووقف المشاريع غير المدروسة التي تؤدي إلى هدر مال كبير... ويجب إعادة دراسة أصول القوانين وهل تم تغييرها أم الاعتداء عليها».
وقال الملقي: «إننا نبدأ بعملية إصلاح اقتصادي ولا ننطلق به من العدم»، مشددا على أن الدينار الأردني مستقر وبوضع مطمئن، ولا يمكن أن يكون بخطر. والدليل أن الاحتياطات النقدية الموجودة تبلغ 12 مليارا و386 مليون دينار (نحو 17.52 مليار دولار)، إضافة إلى ما قيمته مليار دينار ذهب (1.4 مليار دولار)، وهذا يكفي مستوردات الأردن لمدة 7 أشهر... منوها إلى أن «هناك بعض أصحاب المصالح الخاصة الذين يستفيدون من تغيير العملة ونسب المرابحة»، وأن «الحديث عن وضع الدينار ليس واردا على الإطلاق».
كما لفت رئيس الوزراء إلى أن الموازنة هذا العام «جاءت استجابة للتحديات كافة، وكبح جماح زيادة الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي». وبخصوص النفقات الواردة في الموازنة لهذا العام، قال: «إذا ما تم استثناء ما ورد فيها من تسديد للعام الماضي من متطلبات، وبعض المطالبات، سواء من القطاع الصحي أو الإنشائي التي لم يتم تسديدها وتبلغ 360 مليون دينار، نجد أن نسبة الزيادة في النفقات الجارية لهذا العام تبلغ 1.6 في المائة، مقارنة بنسبة 8 في المائة العام السابق. وإذا أدخلنا مبلغ الـ360 مليون دينار، تصل النفقات الجارية هذا العام إلى 6.6 في المائة... وهذا معناه أن هناك ضبطا في النفقات».
كما أشار إلى أنه «إذا استثنينا الرواتب، التي تبلغ 66 في المائة من الموازنة، تبقى الزيادة في النفقات الجارية 1 في المائة هذا العام. وهذا رقم غير مسبوق مع وجود مبلغ 654 مليون دينار لشبكة الأمان الاجتماعي التي لم نغفلها». موضحا أن الزيادة الواردة في النفقات الرأسمالية أكثر بكثير منها في العام الماضي، والتي وصلت 12.7 في المائة، مقارنة بـ6.3 في المائة: «وهذا يعني أننا نبحث في هذه الموازنة عن تفعيل الاقتصاد؛ وليس عن جباية».
وبشأن ضبط النفقات، أشار الملقي إلى أن «الكادر الحكومي أصبح متضخما بشكل كبير، لدرجة أنه أصبح يعيق الحركة، وسببا من أسباب إعاقة الاستثمار»، مضيفا أن «ذلك لا يعني أننا نريد الاستغناء عنهم».
معلنا أن مجلس الوزراء سيصدر قرارا الأسبوع المقبل بشأن الحد الأعلى للأجور، والحد الأدنى «الذي سنحاول زيادته». ومشيرا إلى بعض من الإجراءات الحكومية التقشفية.
وأوضح رئيس الوزراء، أن من ضمن الإجراءات الحكومية رفع ضريبة المبيعات على بعض المواد الغذائية، مؤكدا أن 70 في المائة من المواد الغذائية لن يطالها رفع، وهذه النسبة من المواد الغذائية تغطي احتياجات الطبقة المتوسطة والفقيرة، ومحذرا من استغلال بعض التجار لهذا الأمر لرفع الأسعار على المواد المعفاة.
وبشأن الفقر والبطالة، أكد الملقي أنه أطلق شعار التشغيل بدل التوظيف، بمعنى أن يبدأ شباب الوطن أعمالهم الخاصة، وأن ينخرطوا في العمل بالقطاع الخاص؛ لأن القطاع العام لم يعد بإمكانه استيعاب الجميع.
وأشار إلى أن الحكومة خصصت في عام 2016 مبلغ 25 مليون دينار (نحو 35.36 مليون دولار) لمشروع التشغيل الذاتي، بحيث يستطيع كل خمسة أشخاص، وبأسلوب التكافل والتضامن بينهم، أن يقترضوا مبلغا بحده الأقصى 20 ألف دينار لفتح مشروع. مؤكدا أن الحملة نجحت في محافظات خارج عمان، وأنه تم تخصيص مبلغ 80 مليون دينار هذا العام.
وقال الملقي إن «أرقام البطالة، وإن كانت عالية، إلا أنها قد لا تكون دقيقة، فهناك أناس كثيرون يعملون، ومنهم خارج الأردن، وما زالوا مسجلين في ديوان الخدمة المدنية بوصفهم باحثين عن عمل». مشيرا إلى أن التفاوت في رسوم تصاريح العمل بين قطاع وأخر أدى إلى تهريب بين القطاعات ومنافسة للشباب في القطاعات التي يقبلون عليها؛ ولذلك ستعمل الحكومة على توحيد الرسوم.
وأكد الملقي أن «علاقتنا بدول الخليج العربي ممتازة ومتميزة، سواء بالاستثمار أم الدعم غير المسبوق للأردن»، مضيفا أنه «عندما ننظر إلى البنية التحتية في آخر خمس سنوات، فلولا هذا الدعم لما رأينا هذه البنية التحتية. ونؤكد خلال السنة المقبلة وبعدها أنه يجب علينا إدارة دراسات المشاريع الجديدة بطريقة جيدة حتى نوقف الهدر»، مشددا على أن المنحة الخليجية ساهمت مساهمة كبيرة وشاملة في موضوع النفقات الرأسمالية.
وفيما يتعلق بصندوق الاستثمار الأردني، أشار الملقي إلى أن الحكومة في نهاية الإجراءات، وتم تأسيس الشركة وصدر لها نظام. والشركاء الآن هم البنوك الأردنية التي قررت إنشاء شركتين، الأولى للبنوك التجارية والأخرى للبنوك الإسلامية، وستدخل في هذه المشاريع. معربا عن اعتقاده بأنه «خلال شهر إلى شهر ونصف الشهر سنبدأ النظر في المشاريع التي سيتم تمويلها».



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).