وكالات التصنيف الكبرى تجرد تركيا من «وضع الاستثمار»

إجراءات الجذب وخفض الضغوط على الليرة لم تثمر حتى الآن

أحد المتعاملين في بورصة إسطنبول (غيتي)
أحد المتعاملين في بورصة إسطنبول (غيتي)
TT

وكالات التصنيف الكبرى تجرد تركيا من «وضع الاستثمار»

أحد المتعاملين في بورصة إسطنبول (غيتي)
أحد المتعاملين في بورصة إسطنبول (غيتي)

خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الدولي التصنيف الائتماني لتركيا إلى «عالي المخاطر»، لافتة إلى التطورات السياسية والأمنية في تركيا، التي قالت إنها «قوضت الأداء الاقتصادي والاستقلال المؤسسي».
وذكرت الوكالة، في بيان صدر فجر السبت، أنها خفضت تصنيف الديون السيادية لتركيا إلى «BB+» مع نظرة مستقبلية «مستقرة». وبهذه الخطوة، تكون جميع وكالات التصنيف الكبرى (فيتش، وموديز، وستاندرد آند بورز)، جردت تركيا من وضع «درجة الاستثمار».
وأشارت فيتش إلى سلسلة الهجمات الإرهابية الدموية التي شهدتها البلاد خلال العام الماضي، التي قالت إنها أضرت بثقة المستهلكين وقطاع السياحة. ولفتت إلى أن نطاق «عملية التطهير» التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة في العام الماضي «أثارت قلق بعض المشاركين في الاقتصاد».
وقبل إعلان فيتش تصنيفها، كانت وكالة ستاندرد آند بورز خفّضت في العشرين من يوليو (تموز) الماضي التصنيف الائتماني لتركيا من BB+ إلى BB، بجانب تخفيض توقعاتها الائتمانية لتركيا إلى «السلبية»، لترفع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي توقعاتها الائتمانية إلى «المستقر»، لكنها عادت وخفضت توقعاتها الائتمانية لتركيا إلى «السلبية» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأرجعت فيتش سبب تخفيضها التصنيف الائتماني لتركيا إلى التطورات السياسية والأمنية والأداء الاقتصادي وضعف استقلال المؤسسات، معربة عن قلقها من اكتساب «انهيار آلية الضبط» وضعا دائما عقب الاستفتاء المزمع على التعديل الدستوري. ومن المنتظر أن تتوجه تركيا إلى استفتاء على حزمة تعديلات دستورية تتيح الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، أقرها البرلمان مؤخرا، في النصف الأول من أبريل (نيسان) المقبل. كما أكدت فيتش أن الهجمات الإرهابية التي شهدتها تركيا أضرت بقطاع السياحة وثقة المستهلك.
وكانت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» حذرت في تقرير في ديسمبر الماضي من آثار تزايد المخاطر المحلية والجيوسياسية وتصاعد الهجمات الإرهابية في تركيا خلال الشهور الأخيرة على الوضع الاقتصادي في البلاد، التي تراجع تصنيفها الائتماني إلى درجة Ba1.
وقالت موديز إن تلك الأوضاع أدت إلى هروب رؤوس الأموال من تركيا وساهمت في زيادة ضعف الليرة، وبخاصة منذ بداية نوفمبر الماضي، وهو ما أدى إلى ارتفاع التضخم في ديسمبر الماضي إلى 8.53 في المائة، خلافا للتوقعات التي كانت تشير إلى مستوى 7.6 في المائة. وفي نهاية ديسمبر، أعلنت وزارة الاقتصاد التركية تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا بنسبة 44.3 في المائة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2016، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2015.
واتخذت الحكومة التركية كثيرا من الإجراءات لاستعادة تدفق الاستثمارات التي تأثرت بالأوضاع المتوترة، ولجأت إلى تخفيضات في الضرائب وإصدار قانون بمنح الجنسية التركية للمستثمرين الذين تبدأ استثماراتهم من مليون دولار فأكثر في البنوك أو في العقارات. وذلك بعد أن تراجعت جاذبية تركيا بوصفها مقصدا للاستثمارات الأجنبية خلال الشهور الأخيرة، بسبب كثير من المشكلات التي تواجهها البلاد.
ومن أبرز المشكلات التي أثرت على الاقتصاد التركي محاولة الانقلاب الفاشلة، والحملة الموسعة التي نفذتها الحكومة لتطهير المؤسسات، التي طالت نحو 14 ألفا ما بين حبس ووقف أو فصل من العمل، والعمليات العسكرية في سوريا المستمرة منذ أغسطس (آب) الماضي، وتوتر العلاقات بين تركيا وشركائها في أوروبا. كما تراجعت حركة السياحة الوافدة إلى تركيا خلال العام الحالي بنحو 30 في المائة.
وفي موازاة ذلك، واصلت الليرة التركية تراجعها الحاد أمام الدولار والعملات الأجنبية على الرغم من قيام البنك المركزي التركي، الثلاثاء الماضي، برفع معدل الفائدة الأساسي بمقدار 75 نقطة في محاولة لدعم الليرة، التي فقدت منذ منتصف يوليو الماضي وحتى الآن أكثر من 25 في المائة من قيمتها. ولم ينجح قرار مجلس السياسات النقدية بالبنك المركزي التركي في وقف خسائر العملة المحلية ونيل ثقة البنوك، التي كانت تتطلع إلى خطوة أكبر بحسب محللين.
وقالت لجنة السياسة النقدية في البنك، الثلاثاء، إنها قررت رفع فائدة الإقراض لأسبوعين من 8.5 إلى 9.25 في المائة، والزيادة هي الثانية منذ 24 نوفمبر الماضي عندما رفع البنك أسعار الفائدة 50 نقطة «أساس». وأبقت اللجنة على معدل فائدة إعادة الشراء لمدة أسبوع ثابتة عند نسبة 8.0 في المائة، وفائدة الاقتراض لأسبوعين عند نسبة 7.25 في المائة.
وفوجئت الأسواق التي كانت تأمل في خطوات أخرى بغياب أي خطوة بشأن فائدة إعادة الشراء «الريبو»، فخسرت الليرة أكثر من 2 في المائة من قيمتها مقابل الدولار عقب الإعلان. واستقرت الليرة في التعاملات اللاحقة لتصل إلى 3.76 ليرة للدولار، بخسارة 0.3 في المائة مقارنة باليوم السابق، إلا أنها عاودت الهبوط خلال اليومين الماضيين، ليصل الدولار إلى معدل 3.87 ليرة.
وتوقع بعض خبراء أن يلجأ المركزي إلى زيادة أسعار الفائدة بـ100 نقطة أساس، أي نسبة 1 في المائة كاملة، بعد أن خسرت الليرة 7 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في الأسابيع الأربعة الأولى من 2017 وحدها.
وفتح المركزي الباب أمام مزيد من رفع الفائدة، محذرًا في بيان من «ارتفاع كبير في التضخم» متوقع على المدى القصير. وبلغ التضخم في ديسمبر 8.54 في المائة، مقابل 7 في المائة في الشهر السابق.
وقال المركزي التركي، في بيان، إن لجنة السياسات النقدية قررت تعزيز التقييد النقدي لاحتواء التدهور في توقعات التضخم، وفي حال الضرورة سيتم فرض مزيد من القيود النقدية. ويعتبر خبراء أن القرار يظهر أن البنك غير مقتنع بضرورة رفع أسعار الفائدة بشكل جذري لوقف تدهور الليرة. ويقع المركزي تحت ضغط رفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اللجوء إلى زيادة أسعار الفائدة عن ذلك.
كما تعتبر الحكومة التركية التصنيفات السلبية من وكالات التصنيف الدولية «حملة سياسية»، تأتي في إطار محاولات استهداف الاستقرار الاقتصادي للبلاد بعد فشل محاولة الانقلاب.



«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.