انطلاق قمة في لشبونة لإعادة إطلاق مشروع أوروبا

الرئيس الفرنسي هولاند يدعو للرد بحزم على ترمب

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في لشبونة (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في لشبونة (رويترز)
TT

انطلاق قمة في لشبونة لإعادة إطلاق مشروع أوروبا

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في لشبونة (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في لشبونة (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، اليوم (السبت)، أوروبا إلى «الرد بحزم» على الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي سيتحادث هاتفيًا معه اليوم. قائلاً على هامش قمة الدول المتوسطية في الاتحاد الأوروبي: «عندما تصدر تصريحات من الرئيس الأميركي بشأن أوروبا وعندما يتحدث عن تطبيق نموذج بريكست في دول أخرى، أعتقد أنّ علينا أن نرد على ذلك»، معربًا عن الأمل في أن تبدأ أوروبا «حوارًا حازمًا».
ويحاول قادة 7 دول من جنوب الاتحاد الأوروبي من بينها فرنسا واليونان اليوم، في لشبونة، التوصل إلى منصة مشتركة من أجل إعادة إطلاق المشروع الأوروبي الذي يواجه تحديات خروج بريطانيا ووصول ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة.
على غرار قمة أولى في أثينا في سبتمبر (أيلول)، سيحاول قادة هذه الدول المطلة على البحر المتوسط درس سبل تخفيف القيود الخانقة للموازنة الأوروبية وتسهيل «تقاسم أكثر عدلاً للأعباء» على صعيد استقبال اللاجئين.
وكان رئيس الوزراء البرتغالي أنتونيو كوستا أعلن منذ الثلاثاء أنّ منطقة اليورو بحاجة ملحة لإصلاحات «لتجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والشرعية السياسية التي تزعزعها» إزاء صعود «الحماية والشعبوية».
وانطلقت «قمة الدول المتوسطية للاتحاد الأوروبي» التي تضم أيضًا إيطاليا وإسبانيا وقبرص ومالطا عند الساعة (11:00 ت. غ) وتختتم بعدها بـ4 ساعات ببيان مشترك، يشمل خصوصًا إعادة إطلاق النمو والاستثمارات في أوروبا.
الهدف من القمة هو التنسيق قبل قمتين أوروبيتين أخريين مقررتين في الثالث من فبراير (شباط) في مالطا، للتباحث في مستقبل الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، وفي 25 مارس (آذار) في روما، بمناسبة الذكرى السنوية الستين لتوقيع المعاهدة التأسيسية في العاصمة الإيطالية.
بين المواضيع المطروحة أيضًا؛ الأمن والدفاع وأزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية.
وكان رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات، الذي تولت بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، حذر في أواسط يناير (كانون الثاني) الحالي، من أنّ أوروبا يمكن أن تواجه في الربيع تدفقًا «غير مسبوق» من المهاجرين على السواحل الإيطالية.
ويفترض أن تتناول القمة في لشبونة خصوصًا تأييد التطبيق الفعلي للاتفاق الموقع في مارس 2016، بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
إلا أنّ أنقرة لوحت أمس، بأنها ستلغي الاتفاق المثير للجدل بعد رفض أثينا تسليمها 8 عسكريين أتراك لجأوا إلى اليونان وتتهمهم تركيا بالتورط في محاولة الانقلاب في 15 يوليو (تموز).
وتؤكد دول الجنوب، التي أشار إليها اليمين الألماني بأنها «نادي المتوسط»، أنها تريد إطلاق مشاريع تفيد مجمل الاتحاد الأوروبي.
وأوضح مصدر في الحكومة البرتغالية لوكالة الصحافة الفرنسية: «في السياق الجديد الناتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد، علينا إعادة التأكيد على حيوية ووحدة أوروبا».
كما أشار مصدر دبلوماسي فرنسي إلى أن الأمر يتعلق بإعداد «مقترحات لكل أوروبا ودفع المشروع الأوروبي قدمًا».
وعلق غونترام فولف، مدير مركز بروغل للأبحاث لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّ «فرنسا في الوقت نفسه بلد من الجنوب والشمال وهي تقيم جسورًا بين المنطقتين. وليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنّها تسعى إلى مواجهة مع ألمانيا».
وكدليل على ذلك، حرص هولاند على لقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، في برلين، للتأكيد على الوحدة بين البلدين.
على الرغم من أنّ التغيير الجذري على رأس الولايات المتحدة والاستحقاقات الانتخابية الحاسمة في هولندا وفرنسا وألمانيا ليست رسميًا على جدول أعمال قمة لشبونة، فإن تبعاتها حاضرة في كل الأذهان.
فقد صرح هولاند بأنّ الإدارة الأميركية الجديدة «تشكل تحديا» لأوروبا، «خصوصًا على صعيد القواعد التجارية وسبل حل النزاعات في العالم». كما أفاد رئيس مجموعة «يوروغروب يورين ديسلبلوم» أمس، بأنّ أوروبا باتت «لوحدها» منذ تنصيب ترمب، مضيفًا: «ربما هذا ما تحتاج إليه حتى نعمل معًا فعلاً».
ويدعو الرئيس الأميركي الجديد المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى سياسة حمائية وقومية تبعد الولايات المتحدة عن حليفتها الأوروبية التقليدية.
وعلق الخبير السياسي البرتغالي جوزيه أنتونيو باسوس بالميرا: «قد يشكل ترمب فرصة للاتحاد الأوروبي ويحمل الأوروبيين على رص الصفوف إزاء التحديات من الجانب الآخر للمحيط الأطلسي».
من جهته، وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت اليوم، إثر لقائه نظيره الألماني سيغمار غابرييل في العاصمة الفرنسية باريس، أنّ قرارات ترمب، وخصوصًا فرضه قيودًا على دخول اللاجئين للولايات المتحدة تثير «قلق» فرنسا وألمانيا. معتبرًا أنّ «استقبال اللاجئين الفارين من الحرب، يشكل جزءًا من واجباتنا. علينا أن ننظم أنفسنا لضمان حصول ذلك في شكل متساوٍ وعادل ومتضامن»، لافتًا إلى دور أوروبا الأساسي في مواجهة تدفق اللاجئين السوريين.
ولدى سؤاله عن القيود المشددة التي أعلنها ترمب أمس، في شأن الهجرة ودخول اللاجئين، أجاب بحضور نظيره الألماني: «هذا القرار لا يمكن إلا أن يثير قلقنا». وتدارك قائلاً: «لكن مواضيع أخرى كثيرة تثير قلقنا. لهذا السبب تبادلنا الآراء، سيغمار وأنا، حول ما سنقوم به». وأضاف: «سنتواصل مع نظيرنا (الأميركي) ريكس تيلرسون حين يُعيّن، لمناقشة (الموضوع) بندًا بندًا وإقامة علاقة واضحة»، لافتًا إلى أنه سيدعو نظيره الأميركي المقبل إلى باريس.
ولم يصادق مجلس الشيوخ حتى الآن على تعيين الوزير الجديد.
وشدد أيرولت على الحاجة إلى «الوضوح والانسجام والحزم عند الضرورة للدفاع في الوقت نفسه عن اقتناعاتنا وقيمنا ورؤيتنا للعالم ومصالحنا الفرنسية والألمانية والأوروبية».
وردًا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية بشأن قرارات ترمب التي تحد من الهجرة، قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية اليوم: «لن تعلق المفوضية»، ولكن «دعوني أذكركم بالملاحظات التي أبداها رئيس المفوضية جان كلود يونكر، مرارًا لجهة أن أوروبا ستبقى مفتوحة أمام جميع من يفرون من النزاعات المسلحة والرعب بمعزل عن ديانتهم».
ويزور الاشتراكي الديمقراطي سيغمار غابرييل الذي عين أمس، وزيرًا للخارجية خلفًا لفرانك فالتر شتاينماير، فرنسا وهي الزيارة الرسمية الأولى له لباريس.
وكرر الوزيران أهمية الدور الفرنسي - الألماني في الكتلة الأوروبية التي تواجه «أكبر تحدٍ لها منذ عقود» في ضوء بريكست وتصاعد التيار القومي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.