تونس: مخاوف من انفجار اجتماعي بسبب مشروع قانون لتسريح 50 ألف موظف

تطبيقه خلال الربع الأول من السنة الحالية لإنقاذ موازنة الدولة

مشروع قانون تسريح الموظفين يثير جدلا في تونس التي تعاني أصلا من ارتفاع معدل البطالة (أ.ف.ب)
مشروع قانون تسريح الموظفين يثير جدلا في تونس التي تعاني أصلا من ارتفاع معدل البطالة (أ.ف.ب)
TT

تونس: مخاوف من انفجار اجتماعي بسبب مشروع قانون لتسريح 50 ألف موظف

مشروع قانون تسريح الموظفين يثير جدلا في تونس التي تعاني أصلا من ارتفاع معدل البطالة (أ.ف.ب)
مشروع قانون تسريح الموظفين يثير جدلا في تونس التي تعاني أصلا من ارتفاع معدل البطالة (أ.ف.ب)

تنكب وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد في تونس على إعداد مشروع قانون لتسريح نحو 50 ألفا من موظفي القطاع العام بداية من السنة الجارية، في مسعى للتخلص من الأعباء المالية لعشرات الآلاف من الموظفين، وستعرض الحكومة مشروع هذا القانون الجديد على أعضاء البرلمان.
وأكد عبيد البريكي، وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد، على بداية تطبيق هذا الإجراء الحكومي خلال الربع الأول من السنة الحالية، وهو يندرج ضمن مجموعة من الإجراءات والإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى إنقاذ موازنة الدولة. إلا أن تحالف الجبهة الشعبية (يساري) وحزب التحرير (إسلامي)، يعارضان هذه الإجراءات التي يعتبرانها مجرد إملاءات من قبل هياكل التمويل الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، ويؤكدان أن تبعاتها الاجتماعية ستكون وخيمة على مختلف الفئات الاجتماعية.
وفي هذا الشأن قال حمة الهمامي، زعيم الجبهة الشعبية، إن ميزانية الدولة لسنة 2017 برمتها ستزيد من إثقال كاهل العمال والموظفين من خلال الجبايات الجديدة، متهما الحكومة بالخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي عند صياغة هذه الميزانية، وطالبها بالتحلي بمزيد من الجرأة والصرامة في تطبيق القانون على المهربين ولوبيات الفساد، عوض البحث عن حلول قد تؤدي إلى تأزيم الوضع الاجتماعي.
وبخصوص الضغوط التي ستسلطها الحكومة على القطاع العام جراء هذه الخطوة، أكد الهمامي أن هذه الإجراءات ستزيد بكل تأكيد من تعميق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، واعتبر أن الحكومة بصدد خلق مشاكل إضافية للمواطنين من خلال السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها. وفي المقابل، تعتبر الحكومة هذه الإصلاحات مسألة حيوية بالنسبة للتوازن الاقتصادي للبلاد، واستعادة المبادرة في مجال تنمية الجهات، ومقاومة البطالة، وترى أن الأجور التي يتمتع بها موظفو القطاع العام دون إنجاز عمل قيمي يمكن أن توجه نحو مشاريع ذات مردود اجتماعي كبير.
وقدرت وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد عدد الانتدابات في القطاع العام بين سنة 2011 و2015 بما لا يقل عن 200 ألف عملية توظيف، وهذا التوظيف العشوائي جعل عدد الموظفين يرتفع بشكل ملحوظ، وهو ما أثر على كتلة الأجور التي قدرت خلال السنة الماضية بنحو 13 مليار دينار تونسي(نحو 6 مليارات دولار).
وتؤيد الوزارة موقفها بالإشارة إلى أن عدد الموظفين الذين يتقاضون رواتب دون تقديم عمل فعلي بنحو 130 ألف عامل في القطاع العام، وهو ما دعاها إلى المسارعة لإيجاد حلول عاجلة تحد من نزيف الأموال العامة الموجهة لموظفين غير المنتجين.
وتقضي خطة الحكومة على المدى البعيد بتسريح ما لا يقل عن 120 ألف موظف عمومي بحلول سنة 2020، وتعتمد في تنفيذ هذا المشروع على اتباع خطوات تدرجية، كما تنتظر دخول نحو 15 ألف موظف خلال سنة 2018 مرحلة التقاعد، وكذا عدم تعويض نحو 50 ألف موظف سيحالون على التقاعد في الوظيفة العمومية من خلال عدم الانتداب بدءا من السنة الحالية، وإلى حدود سنة 2019.
ويقر القانون الجديد الذي ستقدمه الحكومة التسريح الطوعي لنحو 30 ألف موظف سنويا، ممن لم يتبق على تقاعدهم إلا ثلاث سنوات. وقد أكدت الحكومة أنها ستدعم كل الموظفين الذين لهم أفكار ومشاريع فردية ممن يرغبون في دخول مغامرة الاستثمار، وذلك بتقديم دعم مالي لهم، ومرافقتهم إلى حين نجاح المشروع شرط القبول بمغادرة أروقة الإدارة. وكان صندوق النقد الدولي قد اشترط تخفيض عدد العاملين بالقطاع العام، بحيث لا يتجاوز عدد الموظفين حدود 500 ألف موظف للحصول على أقساط من قروض مالية ضرورية للاقتصاد التونسي. ويقدر العدد الحالي للموظفين بما لا يقل عن 650 ألف موظف، وفق أحدث الإحصائيات. وتقتضي خطة الإصلاحات الهيكلية التي دعا إليها صندوق النقد الدولي التزام السلطات التونسية بألا تزيد كتلة الأجور عن 12 في المائة من ميزانية الدولة بحلول سنة 2020، وهو ما تطلب مراجعة عمليات التوظيف في القطاع العام، والتوجه نحو منعها بالكامل خلال السنة الحالية، إلا بالنسبة للوظائف التقنية الضرورية، هذا بالإضافة إلى تأجيل الزيادات في الأجور خلال سنة 2017 إلى ما بعد النصف الأول من السنة الحالية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».