تضارب حول موعد «جنيف» ومصادر تربطه بعودة الدور الأميركي

لافروف التقى شخصيات سورية وأعلن إرجاء المفاوضات... والأمم المتحدة تنفي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى لقائه شخصيات سورية معارضة في موسكو أمس (أ ف ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى لقائه شخصيات سورية معارضة في موسكو أمس (أ ف ب)
TT

تضارب حول موعد «جنيف» ومصادر تربطه بعودة الدور الأميركي

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى لقائه شخصيات سورية معارضة في موسكو أمس (أ ف ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى لقائه شخصيات سورية معارضة في موسكو أمس (أ ف ب)

تضاربت المعلومات، أمس، بشأن إرجاء موعد مفاوضات جنيف حول سوريا، في حين أشار فيه أكثر من مصدر إلى أن التأجيل بات شبه محسوم لأسباب مرتبطة بتهيئة الأجواء لعودة الولايات المتحدة على خط القضية السورية. ويأتي ذلك، في وقت عقدت يوم أمس شخصيات سورية تصفها موسكو بـ«المعارضة» لقاءات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، بحثت خلاله نتائج مباحثات آستانة، كما تسلمت «مشروع الدستور السوري» المقترح من موسكو، وفي المقابل تسلم وزير الخارجية الروسي من ممثلي «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي مشروع دستور أعدته ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية، بحسب ما قال خالد عيسى، القيادي الكردي وممثل الإدارة الذاتية في فرنسا الذي كان ضمن الوفد إلى موسكو إلى جانب الرئيسة المشتركة لـ«الاتحاد الديمقراطي» آسيا العبد الله وأنور مسلم، بصفتهم ممثلين للأكراد.
يذكر أن لافروف كان قد قدم دعوات للقائه في موسكو إلى شخصيات سورية سياسية، بينها من «الائتلاف الوطني» و«الهيئة العليا للمفاوضات»، اللذين اعتذرا عن المشاركة، محذرين من محاولة روسية لإعادة تشكيل وفد بديل عن «الهيئة»، واقتصرت لقاءاته أمس، على ممثلين من «الاتحاد الديمقراطي» و«منصات» القاهرة وموسكو وآستانة ومجموعة حميميم. وكشف عيسى لـ«الشرق الأوسط» عن «أنه ووفق المعلومات التي وصلت إليهم سيتم انتظار تسلم الإدارة الأميركية مهامها الفعلية ليجري تحديد موعد المفاوضات الذي من المرجح أن يكون في نهاية فبراير (شباط) المقبل». وهو الأمر الذي أشارت إليه مصادر في «الهيئة العليا للمفاوضات»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التأجيل، وبحسب المعطيات، «مرتبط بإعادة تفعيل الدور الأميركي في القضية السورية، بعدما بات من الصعب لروسيا تجاوز الرئيس دونالد ترمب».
أما عن اللغط المتعلق بتأجيل «جنيف»، فبعدما كانت موسكو قد أعلنت تأجيل موعد المفاوضات حتى نهاية فبراير المقبل، نفت الأمم المتحدة الأمر، لافتة إلى أن هذا الأمر قد يتحدد الأسبوع المقبل. ويوم أمس، أعلن لافروف قبل لقائه مع الشخصيات السورية أمس، أن «موعد الثامن من فبراير أرجئ إلى نهاية الشهر المقبل». لكن الأمم المتحدة لم تؤكد بلسان متحدثة باسم موفدها الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، هذه المعلومة. وقالت يارا شريف أمام وسائل الإعلام في جنيف «لا يوجد تأكيد بأن محادثات جنيف أرجئت»، مشيرة إلى أن هذه المسألة قد تتضح الأسبوع المقبل بعد لقاء دي ميستورا مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. كذلك، لم تؤكد المتحدثة باسم المبعوث الأممي إلى سوريا وجود أي معلومة لديها بشأن مشاركة وفد أميركي في مفاوضات جنيف المقبلة. وأضافت شريف، أن دي ميستورا سيعقد الأسبوع المقبل مؤتمرا صحافيا في مقر مجلس الأمن الدولي في نيويورك بشأن تطورات الأوضاع في سوريا. وأوضحت من جهة أخرى، أن الدعوات إلى مفاوضات جنيف «لم تأخذ صيغتها النهائية». وتجدر الإشارة إلى أنه في بيان أصدرته في 19 ديسمبر (كانون الأول)، أعلنت الأمم المتحدة أنها «تنوي» الدعوة إلى هذه المفاوضات في الثامن من فبراير. ومنذ ذلك الحين، دأب دي ميستورا على وصف هذا الموعد بأنه «هدف» من دون أن يتعهد بمزيد من الوعود. ومنذ فشل الجولة الأخيرة في أبريل (نيسان)، أعلن دي ميستورا مرارا أنه يأمل في استئناف المحادثات، لكنه لم يتوصل أبدا إلى تحقيق أمنيته.
أما بالنسبة لمسودة «مشروع الدستور» التي تسلمها الوفد أمس من لافروف، فلقد رأى خالد عيسى أن أهم النقاط الإيجابية فيها هي في «عدم تركيزها على قومية واحدة» والاكتفاء بعبارة «الجمهورية السورية» من دون «العربية»، مشيرا إلى أنه سيتم في وقت لاحق تقديم الملاحظات عليه، وأضاف: «ويأخذ مشروع الدستور الذي قدمناه بعين الاعتبار التعددية القومية في سوريا، ويستند بشكل أساسي إلى النظام الفيدرالي الذي نص عليه دستور سوريا عام 1920». ومن جهته، قال عبد السلام علي، ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في روسيا، خلال تصريحات لوكالة «نوفوستي» الروسية: إن رئيس النظام السوري بشار الأسد، يجب أن يبقى في السلطة لفترة ما قبل انطلاق عملية الانتقال السياسي؛ لمنع «صوملة» سوريا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.