روسيا تدخر لتمويل اقتصادها في «يومه الأسود»

تحويل الدخل الإضافي من النفط لدعم سعر الروبل

عاملان روسيان يراقبان حفارة بئر نفطية عملاقة في إحدى منشأت روسنفت كبرى شركات النفط الروسية (رويترز)
عاملان روسيان يراقبان حفارة بئر نفطية عملاقة في إحدى منشأت روسنفت كبرى شركات النفط الروسية (رويترز)
TT

روسيا تدخر لتمويل اقتصادها في «يومه الأسود»

عاملان روسيان يراقبان حفارة بئر نفطية عملاقة في إحدى منشأت روسنفت كبرى شركات النفط الروسية (رويترز)
عاملان روسيان يراقبان حفارة بئر نفطية عملاقة في إحدى منشأت روسنفت كبرى شركات النفط الروسية (رويترز)

تنوي وزارة المالية الروسية الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الحالية في تشكيل «وسادة أمان» مستقبلية للاقتصاد الروسي، بحال انخفضت الأسعار مجددًا، الأمر الذي سيؤدي في الوقت ذاته إلى خلق عامل دفع في سوق المال، يدفع إلى تعزيز سريع وملموس لسعر صرف الروبل الروسي.
إذ تنوي وزارة المالية الروسية، اعتبارًا من مطلع فبراير (شباط) القادم، توجيه الدخل الإضافي الذي ستجنيه الميزانية من عائدات الضرائب على الصادرات النفطية، لشراء العملة الصعبة من سوق المال المحلية، علما بأن الميزانية تجني حاليا قرابة 15 دولارا من كل برميل، هي الفارق بين سعر البرميل الذي تمت صياغة الميزانية الروسية انطلاقا منه (40 دولارا للبرميل) والسعر الفعلي في السوق العالمية (الذي يتراوح حاليا عند مؤشر 55 دولارًا للبرميل). ما يعني عمليًا ادخار نحو 1.2 تريليون روبل خلال عام 2017، وهذا المبلغ يرقى ليكون شبه «صندوق سيادي» إضافي.
وتأتي هذه الخطوة في إطار ما تطلق عليه وزارة المالية الروسية «قواعد مرحلية للميزانية»، والتي كان الوزير أنطون سيلوانوف قد تناولها أثناء اجتماع الحكومة لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثامن عشر من يناير (كانون الثاني). حينها أوضح وزير المالية سيلوانوف أن الحكومة لن تنفق الدخل الإضافي الذي ستجنيه الميزانية من العائدات النفطية. ويتوقع أن يبدأ البنك المركزي تدخله في السوق المحلية اعتبارًا من الخامس من فبراير، على أن يستمر العمل بهذه الخطة حتى ربيع العام الجاري، أي عندما تعتمد الحكومة قانون «القواعد الدائمة للميزانية». إلا أن وزارة التنمية الاقتصادية تقترح على الحكومة الاستمرار بهذه الخطة، وادخار الدخل الإضافي من العائدات النفطية، حتى نهاية عام 2017.
وحسب صحيفة «كوميرسانت» فإنه من غير الواضح بعد أين ستحتفظ الحكومة بالدخل النفطي الإضافي، لكن أكيد لن تحتفظ به في «صندوق الاحتياطي» ولا في «صندوق الرفاه الوطني»، ذلك أن الميزانية قد حددت قيمة مدخرات الصندوقين واستخداماتهما للعام الجاري.
أما حجم التدخل المتوقع من جانب البنك المركزي في سوق المال خلال شهر فبراير، وفق تلك الخطة، فقد يبلغ قرابة 1.3 مليار دولار، وهو مبلغ ليس كبير، حسب قول الخبير الاقتصادي سيرغي بوخوف، الذي يشير في الوقت ذاته إلى أن حجم المبالغ التي سيطرحها البنك المركزي سيزداد بحال ارتفع النفط حتى 60 دولارا للبرميل، ما يعني أن التأثير سيتصاعد على سعر صرف الروبل.
ويختم الخبير الروسي منوها إلى أنه بأي حال من الأحوال فإن مجرد فكرة مشاركة وزارة المالية في تدابير الحيلولة دون تعزيز سعر صرف الروبل، سيكون لها أثرها على السوق، وحتى لو كان التدخل عبر معلومات وتصريحات، فإنها تؤثر بشكل أو بآخر على وضع السوق.
في غضون ذلك يواصل الروبل الروسي ارتفاعه التدريجي أمام العملات الصعبة، وحسب كسينيا يودايفا، نائبة رئيسة البنك المركزي الروسي، فإن السبب الرئيسي لذلك هو ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، لافتة إلى أن «التدابير التي يتم اتخاذها بموجب سياسة الميزانية، تشكل في الوقت ذاته عاملا رئيسيا في تحديد سعر صرف الروبل، وعبر تلك التدابير يمكن تخفيف حدة تقلبات السعر الفعلي للروبل، في ظل تقلبات حادة في أسعار النفط»، إذ تنوي الحكومة الروسية الاحتفاظ بالدخل الإضافي من العائدات النفطية، لتنفقها بعد ذلك عبر التدخل في السوق، بحال عادت التقلبات إلى سوق النفط.
وبينما يستمر الحديث عن التأثير الإيجابي لاستقرار أسعار النفط على الاقتصاد الروسي بشكل عام، يعيد ميخائيل زودورنوف، رئيس مجلس إدارة بنك «ف ت ب - 24» إلى الأذهان بعض المعطيات حول ما تسببت به الأزمة الاقتصادية خلال العامين الماضيين. إذ أشار إلى أن مستوى الفقر في روسيا خلال عامي 2015 و2016 زاد بنسبة 15 في المائة، أي إن المواطنين الروس أصبحوا أكثر فقرا. لهذا كانوا يقتصدون في إنفاقهم، لا سيما في مجال تسديد القروض، حسب زودورنوف، لافتًا إلى أن حجم القروض التي تم تأجيل تسديدها لم تتجاوز 24 مليار روبل، خلال أحد عشر شهرا من عام 2016. بينما كان حجم القروض التي لم تسدد عامي 2014 و2015 يزيد عن 200 مليار روبل.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.