ترحيب لدى المعارضة السورية بـ«المنطقة الآمنة»

يرجح أن تجمع بين تصوّر أنقرة وخطة واشنطن

ترحيب لدى المعارضة السورية بـ«المنطقة الآمنة»
TT

ترحيب لدى المعارضة السورية بـ«المنطقة الآمنة»

ترحيب لدى المعارضة السورية بـ«المنطقة الآمنة»

بانتظار اتضاح صورة خطة «المنطقة الآمنة» الأميركية في سوريا التي يتوقع أن يتخذ الرئيس دونالد ترمب قرارا بإنشائها، ثمة عوامل أساسية ترتبط بمدى نجاح هذه الخطوة التي كانت قد سبقته إليها تركيا من دون أن تقدم على تطبيقها نتيجة تردّد الإدارة الأميركية السابقة بشكل أساسي.
وفي حين تبدي المعارضة السورية ترحيبًا بالتوجّه الأميركي، وترى فيه مسعى مهمًا من شأنه «إعادة توطين» النازحين السوريين في بلدهم، يرى الخبير العسكري اللبناني العميد خليل الحلو، أن إمكانية نجاح هذه الخطة يتوقف على التفاصيل التي من المفترض أن تتضح بعد 90 يوما، وهي المهلة التي أعطاها ترمب لوزارة الدفاع لدراستها، ليبنى حينها على الشيء مقتضاه.
المتحدث باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» الدكتور رياض نعسان آغا قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه «إن هذا المطلب هو مطلب المعارضة بالدرجة الأولى ومسعى تركي قديم، لكن رفض الرئيس السابق باراك أوباما له حال دون تطبيقه». وتابع: «نتمنى أن يتم تنفيذ هذا الأمر في أسرع وقت ممكن على أمل أن تصبح سوريا كلّها بلدًا آمنًا». وحسب المراقبين يرجّح أن تستقبل هذه المنطقة إذا أنشئت، نحو مليون ونصف مليون نازح سوري موزعين في مخيمات في المنطقة المتاخمة للحدود في جنوب تركيا.
ولكن من الناحية العملية، يشدّد العميد الحلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «نجاح إنشاء المنطقة الآمنة، لا بد أن يتم بالتوافق مع تركيا التي تنسّق بدورها مع روسيا». ويوضح: «هذا القرار الذي قد يتخذه ترمب للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا وأميركا، يتطلب بالدرجة الأولى حظرا للطيران، وبالتالي يتطلب اتفاقًا مع روسيا التي كانت ردّة فعلها الأولية سلبية... ثم إن التنفيذ يعني انغماس أميركا في الأزمة السورية بشكل واضح ودخول أسطولها الجوي على الخط لضمان الحظر الجوي في حين تمتلك روسيا نظام دفاع جوي يغطي كل سوريا، إضافة إلى تأمين قوات برية للمواجهة في حال تنفيذ أي هجوم من قبل تنظيم داعش أو أي طرف آخر. وقد يتولى هذه المهمة، الأتراك أو الجيش السوري الحر».
من هنا، يرى الحلو أن تطبيق الخطة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر احتمال وحيد هو تعاون تركيا سياسيا وعمليا، بعدما باتت تتفق أو تنسّق في القضية السورية مع روسيا. ويرجّح الحلو اختيار المنطقة الآمنة في المنطقة الشمالية، وقد تكون الخطة مزيجا بين التصوّر التركي القديم والتصوّر الأميركي المنتظر. ويلفت إلى أن مطلب أنقرة، التي تسيطر على نحو ألفي كلم مربع من الأراضي السورية، أن تمتد المنطقة على 5 آلاف على مساحة الخط الشمالي من الحدود التركية والتي تضم المنطقة الخاضعة لسيطرة «درع الفرات»، إضافة إلى عفرين ومنبج وصولا إلى منطقة الباب، لكن هذا التوسّع يبقى مرتبطا بحسم معركة الباب التي يخوض فيها تنظيم داعش اليوم معركة شرسة.
يذكر أن رئيس «الحكومة المؤقتة» أحمد طعمة قد أكّد التوصل إلى توافق مع الأتراك حول حدود «المنطقة الآمنة». وأشار إلى أنها ستكون بطول 98 كلم وعمق 45 كلم، أي بمساحة تقريبية نحو 4500 كلم، تمتد من غرب نهر الفرات - وبالتحديد من جرابلس شرقا باتجاه أعزاز - . وقال إن «الحكومة المؤقتة» اقترحت على الأتراك إنشاء منطقتين أخريين في منطقة سد تشرين قرب نهر الفرات وفي حي الشيخ نجار بضواحي مدينة حلب، إلا أنها لم تتلق جوابا نهائيا حول هذا الطرح. وشدّد طعمه على أن الاتفاق مع الأتراك يقضي بإنشاء تركيا «المنطقة الآمنة» على أن تتولى المعارضة إدارتها، فتتولى الحكومة المؤقتة الإدارة في مرحلة أولى على أن يستلم الائتلاف بعد ذلك المهمة.
جدير بالذكر أنه منذ أغسطس (آب) انخرطت تركيا في عملية «درع الفرات» في شمال سوريا التي تستهدف تنظيم داعش وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية على حد سواء. وبعد مساعدتها المعارضة على طرد التنظيم من مناطق عدة، وجهت أنقرة قوتها نحو منطقة الباب، معقل «داعش» بمحافظة حلب. وتدعو أنقرة بانتظام إلى إنشاء «مناطق آمنة» ومناطق حظر طيران في سوريا بهدف الحد من وصول المهاجرين إلى تركيا.
ويؤيد أعضاء جمهوريون في الكونغرس إقامة مثل هذه المناطق خاصة لحماية المدنيين الفارين من الصراع من هجمات القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد. وكان ترمب دعا خلال حملته الرئاسية إلى إقامة مناطق حظر طيران لتوفير المأوى للاجئين كبديل عن السماح لهم بدخول الولايات المتحدة. واتهم ترمب إدارة أوباما بالفشل في إجراء عمليات فحص مناسبة للاجئين السوريين الذين يدخلون الولايات المتحدة لضمان عدم وجود أي صلات لهم بالمتشددين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.