أنقرة: لا نرى الأسد في مستقبل سوريا... ولا علم لنا بمسودة الدستور الروسية

جددت اعتبارها «داعش» والنصرة «تنظيمين إرهابيين» ولفتت إلى سخط البعض على آستانة

أنقرة: لا نرى الأسد في مستقبل سوريا... ولا علم لنا بمسودة الدستور الروسية
TT

أنقرة: لا نرى الأسد في مستقبل سوريا... ولا علم لنا بمسودة الدستور الروسية

أنقرة: لا نرى الأسد في مستقبل سوريا... ولا علم لنا بمسودة الدستور الروسية

أيدت أنقرة بقوة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتزامه إنشاء «مناطق آمنة» في سوريا لإيواء السوريين الفارين من الحرب. وأعادت التأكيد في الوقت نفسه موقفها بـ«ألا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا»، نافية علمها بأي مسودة دستور قدمتها روسيا خلال مفاوضات آستانة بين الأطراف السورية في العاصمة الكازاخية، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، التي قالت تقارير إعلامية إنها تتضمن بندا ينص على إعطاء حكم ذاتي للأكراد.
المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو، قال في إفادة صحافية بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة أمس الخميس، إن أنقرة دافعت منذ البداية عن إنشاء «مناطق آمنة» داخل سوريا، وهي تنتظر نتائج دعوة ترمب لإقامة مثل هذه المناطق. وأضاف مفتي أوغلو في إفادته الصحافية أمس: «رأينا طلب الرئيس الأميركي إجراء دراسة. المهم هو نتائج هذه الدراسة، وما نوع التوصية التي ستخرج بها»، لافتًا إلى أنّ تركيا دافعت منذ بداية الأزمة السورية عن فكرة إنشاء مناطق آمنة. واعتبر المتحدث التركي أن عودة آلاف السوريين إلى مدينة جرابلس في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، بعد بسط الأمن فيها عقب عملية «درع الفرات» من أبرز الأمثلة على أهمية إنشاء المناطق الآمنة في سوريا.
على صعيد آخر، تطرق مفتي أوغلو إلى محادثات آستانة حول سوريا، واعتبر أنها «جرت بنجاح مع أنه من المتوقع أن تكون هناك جهات على الأرض، مستاءة من هذه النتائج». وشدد المسؤول التركي على أن بلاده لن تسمح لأحد بالتفريط في نتائج محادثات آستانة، داعيًا باقي الدول الضامنة (روسيا وإيران) للعب الدور نفسه، وعدم السماح لأي جهة بالإخلال بتلك النتائج، وهذا مع الوضع في الاعتبار أن محادثات آستانة ليست بديلة عن محادثات جنيف المقررة في الثامن من فبراير (شباط) المقبل، إنما داعمة لها.
وحول احتمال حدوث تقارب بين تركيا ونظام الأسد، أجاب: «فيما يخص النظام السوري، فإنّ موقفنا واضح. نحن لا نؤمن بأن يكون للأسد الذي تسبب بمقتل 600 ألف شخص، مكان في مستقبل سوريا، وما زلنا محافظين على موقفنا هذا». وفي سياق موازٍ، قال مصدر في وزارة الخارجية التركية أمس الخميس، إن تركيا تعتبر كلاً من تنظيم داعش و«جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقا) جماعتين إرهابيتين وتتصرف وفقًا لذلك. وكانت «فتح الشام» قد شنت هجومًا على عدد من فصائل الجيش السوري الحر في شمال غربي سوريا منذ الثلاثاء الماضي، مهددة بتوجيه ضربة قوية إلى فصائل المعارضة التي تدعمها تركيا وبتعطيل محادثات السلام التي ترعاها روسيا.
وذكر المصدر لـ«رويترز»، أن الهجمات ربما تحركها رغبة «جبهة فتح الشام» في منع التوصل لحل سياسي للصراع السوري.
ومن جهة ثانية، شدد المصدر نفسه على أن تركيا ليس لديها علم بأي مسودة دستور قدمتها روسيا خلال محادثات السلام التي جرت الأسبوع الماضي في آستانة والتي ذكر أنها تتضمن منح حكم ذاتي لأكراد سوريا. وكانت تصريحات متضاربة صدرت عن معارضين شاركوا في آستانة عن اتفاق سري بين أنقرة وموسكو على مسودة الدستور التي سرّبتها وسائل إعلام روسية وأجنبية، إلا أن رئيس وفد المعارضة محمد علوش نفى وجود مثل هذا الاتفاق.
على صعيد معارك الباب الدائرة في إطار عملية «درع الفرات» في شمال سوريا، أعلن الجيش التركي أمس الخميس في بيان مقتل 23 عنصرا من تنظيم داعش الإرهابي، وتدمير 206 أهداف خلال الـ24 ساعة الماضية، وبحسب البيان شملت الأهداف تحصينات ومواقع دفاعية، ومراكز قيادة ومواقع أسلحة وسيارات. وبحسب قيادة القوات الجوية، دمّرت المقاتلات التركية 19 هدفا للتنظيم، في مدينة الباب ومحيطها شمال شرقي مدينة حلب، بينها مدفع عيار «57 ملم»، وورشة تصليح معدات، وموقع مراقبة، ومقر قيادة، ومستودع ذخيرة، وثلاث سيارات مفخخة.
ومساء الأربعاء أول من أمس، قتل جندي تركي وأُصيب 5 آخرون في اشتباكات مع «داعش» حول مدينة الباب المعقل الحضري الوحيد للتنظيم شمال شرقي حلب.



«الحُمّيات» تفتك باليمنيين... والفقر يقلل من فرص النجاة

الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
TT

«الحُمّيات» تفتك باليمنيين... والفقر يقلل من فرص النجاة

الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)
الفقر والنزوح يساهمان في انتشار الأوبئة باليمن ويعقّدان من وسائل مواجهتها (الأمم المتحدة)

اتسعت رقعة انتشار أمراض الحُمّيات، خصوصاً الملاريا وحمى الضنك، في مختلف المحافظات اليمنية، وتعدّ المناطق الساحلية والسهلية الأشد تضرراً خلال فصل الشتاء، فيما يتسبب الفقر وضعف القطاع الصحي في معاناة السكان وعدم قدرتهم على مواجهة الأوبئة، في ظل انحسار كبير للمساعدات الدولية.

ورغم أن البلاد تشهد حالياً طقساً بارداً يُفترض أن يقلل من مسببات هذه الأوبئة؛ فإن عوامل الرطوبة واستمرار هطول الأمطار في المحافظات السهلية والساحلية ساهمت في تكاثر البعوض الناقل لها بالتزامن مع ضعف وسائل مكافحته ومنع انتشاره.

واضطرت السلطات الطبية في محافظة مأرب (173 كيلومتراً شرق صنعاء)، إلى إعادة فتح مراكز الحجر الطبي بسبب الانتشار الواسع لعدد من الأوبئة؛ منها الملاريا وحمى الضنك والحصبة والكوليرا والدفتيريا. وكشفت «وحدة التَّرَصُّد الوبائي» في المحافظة عن تسجيل 892 إصابة بحمى الضنك و150 بالدفتيريا خلال العام الماضي، ولم تحدد أعداد الإصابات المسجلة بالملاريا.

وبينما انسحبت غالبية المنظمات الدولية والأممية التي كانت تعمل على تقديم الرعاية الطبية في مخيمات النزوح، فقد ساهمت «المنظمة الدولية للهجرة» في دعم مكتب الصحة العامة والسكان لتوزيع 53 ألف ناموسية مُشَبَّعَة بالمبيد على أكثر من 107 آلاف شخص في عدد من المديريات.

«الصحة العالمية» سجلت أكثر من مليون اشتباه إصابة بالملاريا وما يتجاوز 13 ألفاً بحمى الضنك العام الماضي (الأمم المتحدة)

ورغم انخفاض أعداد الإصابات بالملاريا المسجلة في محافظة تعز (جنوبي غرب) بنحو 50 في المائة خلال العام الماضي مقارنة بالأعوام السابقة، فإن انتشار الوباء لا يزال يوصف بالكارثي في المحافظة الأكثر سكاناً بالبلاد.

وأفاد تيسير السامعي، مدير الإعلام الصحي في محافظة تعز، «الشرق الأوسط» بتسجيل إصابة 4338 حالة بالملاريا في المنشآت الطبية منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع عدم تسجيل أي حالة وفاة.

وتعدُّ مديرية موزع، وهي مديرية قريبة من الساحل الغربي للبلاد، الأعلى من حيث أعداد الإصابات بالملاريا؛ إذ سجل القطاع الطبي 1157 حالة، تليها مديرية المخا المجاورة والساحلية بـ867 حالة، ثم مديرية مقبنة بـ689 حالة، وفقاً للإحصائية التي أوردها السامعي.

تدهور القطاع الصحي اليمني ساهم في انتشار الأوبئة وقلل من فرص مكافحتها (الأمم المتحدة)

وبين السامعي أن «قدرات القطاع الصحي في تعز شحيحة جداً، ولا تكفي لمواجهة الانتشار الكبير للأوبئة وأمراض الحُمِّيات، في حين لا يتوفر دعم كافٍ من الجهات الدولية المانحة، وتفتقر المراكز الصحية للأدوات والوسائل العلاجية والوقائية من الملاريا، ولا تتوفر لدى (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا) الإمكانات اللازمة للقيام بمهامه على أكمل وجه».

وأبدى حسرته لحدوث «كثير من الوفيات بسبب الملاريا، التي يصعب الحصول على بياناتها من قبل القطاع الصحي، ودون أن تتمكن العائلات من إنقاذ أرواح ذويها الذين تفاقمت إصاباتهم بالوباء بسبب الفقر وعدم القدرة على الحصول على الرعاية الطبية الكافية».

استيطان شبوة

منذ بداية العام الماضي، أبلغ اليمن عن أكثر من مليون و50 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالملاريا، و13 ألفاً و739 حالة يشتبه في إصابتها بحمى الضنك، كما أوردت منظمة الصحة العالمية في بيان لها منذ أكثر من شهر.

واستوطنت حمى الضنك في محافظة شبوة (جنوب) منذ عام 2002 وفقاً لحديث علي الذيب، مدير مكتب الصحة، الذي أكد أنه لا يمر عام دون أن تسجل هناك حالات تقدر بالآلاف أحياناً، وبلغ العدد المسجل في العام الماضي 1806 حالات على مستوى جميع المديريات، بينما كانت هناك 463 حالة يشتبه في أنها ملاريا.

تعاون أممي ورسمي في حملات رش لليَرَقات لحماية 4 ملايين يمني من الأمراض المنقولة بالبعوض (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

وأوضح الذيب لـ«الشرق الأوسط» أن أهم الصعوبات التي تواجه أنشطة القطاع الصحي في المحافظة لمواجهة الحميات «نقص الوعي الصحي في أوساط المجتمع بكيفية الحد من انتشار البعوض الناقل للأمراض، وزيادة الأعباء الاقتصادية على السكان نتيجة الحرب التى تمر بها البلاد، وهو ما نتجت عنه زيادة في استهلاك المياه غير النظيفة وتصريفها بشكل غير صحي».

وإضافة إلى تلك الصعوبات، فهناك «ضعف الميزانية المخصصة لمكافحة الأوبئة، والهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي التي ساهمت في نقل العدوى واستنزاف المخزون الدوائي»، طبقاً للمسؤول الصحي اليمني.

ويبذل القطاع الصحي في محافظة شبوة جهوداً كبيرة رغم شح الإمكانات؛ إذ «يسعى إلى إيجاد آليةِ ترصّد وبائي فعالة في جميع المواقع. وافتُتحت مراكز للحميات في المحافظة لاستقبال الحالات الحرجة، مع تأهيل كادر طبي للتعامل مع حالات حمى الضنك، وتدريب العاملين في جميع المرافق الصحية، وتوفير الأدوية والفحوصات السريعة للحميات».

هشاشة صحية في لحج

وفي اليمن مناطق ذات معدلات انتقال عالية للملاريا، كما ورد في تقرير من «منظمة الصحة العالمية»، التي قدرت أن 21 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بهذا الوباء الذي يشكل، مع حمى الضنك، مشكلة صحة عامة رئيسية.

توزيع الناموسيات المشبعة بالمبيد في عدد من المحافظات اليمنية الموبوءة (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

ورغم انخفاض الكثافة السكانية في محافظة لحج (جنوب) وتباعد التجمعات السكانية، فإنها تشهد انتشاراً واسعاً لأمراض الحميات التي تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل نقص شديد بالخدمات الطبية.

وذكرت مصادر طبية بمحافظة لحج لـ«الشرق الأوسط» أن فصل الشتاء الحالي شهد انتشاراً واسعاً للملاريا وحمى الضنك وأمراض أخرى؛ نتيجة هطول الأمطار التي تسببت في نشوء المستنقعات التي تعدّ بيئة تكاثر للبعوض، في عدد من المديريات، مشيرة إلى أن تشابه أعراض الحميات وضعف القطاع الصحي يقللان من إمكانية الحصول على إحصاءات وبيانات بشأن هذه الأوبئة.

وبينت المصادر أن المراكز الصحية والمستوصفات في مديريات الحوطة وتُبَن والمضاربة ورأس العارة والمقاطرة والقبيطة، تستقبل يومياً حالات كثيرة من الحميات متشابهة الأعراض، بالتزامن مع انتشار واسع للبعوض هناك، في حين لا تسجَّل الوفيات الناجمة عن هذه الحميات ضمن بيانات القطاع الصحي؛ إلا بعض الحالات التي تستقبلها المنشآت الطبية.

فعالية رسمية بمحافظة شبوة ضمن برنامج حكومي للوقاية من الملاريا (البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا)

القصور في جمع البيانات والمعلومات بشأن أعداد الإصابات والوفيات أرجعته المصادر إلى «ضعف القطاع الصحي، وعدم إمكانية الحصول على تشخيص حقيقي للحالات، بالإضافة إلى أن كثيراً من المصابين يعالجون في المنازل إما باستشارة هاتفية مع الأطباء، وإما بوصفات شعبية تعتمد على الأعشاب والمشروبات الساخنة».

ويطالب الأهالي السلطات المحلية بسرعة اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة انتشار البعوض، عبر أعمال الرش الضبابي في مناطق تجمعاته، وردم المستنقعات، وتغطية خزانات المياه، وإيجاد حلول لتصريف مياه الحمامات، والتخلص من النفايات بعيداً عن المساكن، إلى جانب نشر التوعية بكيفية مواجهة الحميات والوقاية منها.

ويعمل «البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا»، رغم محدودية الموارد والإمكانات، على حملات موسعة في المحافظات الموبوءة لتوزيع الناموسيات المُشَبَّعة بمبيدات البعوض الناقل للأمراض، وتنفيذ أنشطة توعوية للسكان والفرق الصحية.