أفلام الأسبوع

مايكل كيتون في «المؤسس»
مايكل كيتون في «المؤسس»
TT

أفلام الأسبوع

مايكل كيتون في «المؤسس»
مايكل كيتون في «المؤسس»

القرد بيتكلم

كل من عمرو واكد وأحمد الفيشاوي ظهرا معًا قبل أكثر من عشر سنوات عندما اختيرا ليكونا من ضمن ممثلي فيلم يسري نصر الله «جنينة الأسماك». على الأقل كان ذلك الفيلم عملاً هادفًا على الرغم من عثراته، على عكس هذا التعاون الجديد الذي ينقلهما إلى صدارة ما يعد أن يكون مشوّقًا. حكايته تدور حول شقيقين يجيدان السحر وألعاب الخفّـة ويريدان توظيف ذلك في حيلة لتهريب والديهما من السجن. إخراج: بيتر ميمي.

البر التاني
فيلم علي إدريس يطرق باب الهجرة غير الشرعية من مصر إلى الجنوب الأوروبي عبر البحر. يطرق فقط. الموضوع المهم والذي كان يمكن أن يكون ملهمًا، يرضخ لشروط الكتابة (بقلم زينب عزيز) التي بمقتضاها على الفيلم أن يتحدث طويلاً عما سوف نراه… ولا نراه سوى في ثلث ساعته الأخير، أبطاله إما يودون الهجرة (محمد علي، عمرو القاضي، محمد مهران) وأما ماكثون في أرض الآباء والأجداد (الجيد عبد العزيز مخيون، حنان سليمان، عفاف شعيب) والفريقان يعانيان كثيرًا من أوضاع وعلاقات عاطفية متداخلة وكذلك المشاهِـد.

Behemoth ‬
هذا الفيلم الصيني لزاو ليانغ يكشف عن أحد أكثر مشاكل الصين البيئية حدّة ويختتم مدة عرضه (نحو ساعة ونصف) بنقد حاد. يدور حول قيام شركات صينية بالتنقيب عن الفحم في منغوليا واستخراجه. يصوّر كل أن السهوب الخضراء والطبيعة الجذابة للبلاد تتحول إلى أنقاض بفعل عمليات الحفر. ثم يغير الفيلم على عمال المناجم الذين يعانون بالنتيجة من آثار صحية جسيمة بسبب ما يقومون به من أشغال. في النهاية، ها هي مدينة جميلة ذات طراز حديث مشادة لهم، لكن أحدًا لا يسعه العيش فيها.
The Founder
من أسس «ماكدونالدز» لم يكن أصحاب ذلك الاسم، بل شخص اسمه راي كروك، راهن على الفكرة عندما توجه إلى الشقيقين ماك ودِك ماكدونالد وساعدهما على تحويل مطعمهما إلى مؤسسة تدر بلايين الدولارات كل سنة. كروك توفي سنة 1984 وترك ثروة كبيرة ومذكرات يحكي فيها كل شيء. الفيلم، من إخراج جون لي هانكوك الذي يعتقد أن كثرة القطع بين اللقطات ستمد الفيلم بالإثارة التي هي غير مطلوبة في مثل هذه الأعمال خصوصًا إذا ما كان مايكل كيتون هو من يقوم بدور البطولة بكل ما أوتي من نشاط.
‫ The Bye Bye Man ‬ ‪
تصوّر فكرة مبنية على رجل مخيف كان يجول بين الأحياء ليلاً مسلحًا ببندقية ليسأل الناس إذا ما تحدثوا عنه: «هل أخبرت أحدًا عني؟». أولئك الذين لا يكذبون معترفين بأنهم تحدثوا بالفعل عنه، يطلق النار عليهم ويمضي. هذه هي خلفية الأحداث التي نراها ولا نكترث لها. فيلم رعب حول أربعة أصدقاء يواجهون هذا الرجل الذي يظهر كلما ذكرت لقبه «رجل الباي باي»! الفيلم يقصد أن يكون رعبًا، لكن الرعب هنا يمر كمهازل ضاحكة.



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).