المخابرات الأميركية استخفت بالسادات ثم أشادت بحنكته ودهائه

تنبأت بفراغ في مصر بعد رحيل عبد الناصر... والأيام كشفت عكس ذلك

الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مع نظيره الأميركي ريتشارد نيكسون عام 1974 في مصر (غيتي)
الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مع نظيره الأميركي ريتشارد نيكسون عام 1974 في مصر (غيتي)
TT

المخابرات الأميركية استخفت بالسادات ثم أشادت بحنكته ودهائه

الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مع نظيره الأميركي ريتشارد نيكسون عام 1974 في مصر (غيتي)
الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مع نظيره الأميركي ريتشارد نيكسون عام 1974 في مصر (غيتي)

حظيت مصر بنصيب وافر من تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، حيث تكرر ذكرها، في الوثائق التي أزيح عنها ستار السرية، أكثر من 16 ألف مرة، ازدادت تدريجيا من مرتين فقط عام 1941، إلى أن وصلت ذروتها عام 1975 منتصف عهد السادات، بتكرار بلغ نحو ألف مرة، ثم عادت إلى التناقص في أوائل عهد الرئيس مبارك، طبقا لنتائج محركات البحث. ومن غير المعروف ما إن كان الاهتمام قد عاد إلى وتيرته السابقة في التقارير التي لم يمر عليها 25 عاما؛ الفترة القانونية لإزالة ستار السرية عنها.
ومن أهم الفترات التي سلطت عليها التقارير الاستخبارية الضوء بالمعلومات والتحليل، فترة السنتين الأوليين من عهد السادات، حيث تضمن التقرير الأول المكتوب في اليوم التالي لوفاة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، استخفافا بخليفته وتشكيكا في قدرته على حكم مصر، ثم ما لبث الأمر أن تغير إلى إشادة بحنكة السادات أثناء مواجهته لمن أسماهم بمراكز القوى.

وفاة ناصر... وأزمة خلافته
الوثيقة الأولى مؤرخة في 29 سبتمبر (أيلول) 1970، وجاءت على هيئة مذكرة معلوماتية تحت عنوان «وفاة ناصر... وأزمة خلافته»، وتضمنت المذكرة جملة من الأحكام والاستنتاجات، من بينها أن وفاة جمال عبد الناصر تركت فراغا في مصر من الصعب ملؤه. ثم تطرقت إلى نائبه أنور السادات بأنه سيتولى الرئاسة بشكل مؤقت؛ لأن هذا هو ما ينص عليه الدستور المصري قبل أن يتم اختيار رئيس.
ووصفت المذكرة السادات بأنه شخصية يحيط بها الغموض، وظل سنوات طويلة في عهد عبد الناصر يتولى مسؤوليات رمزية، وتقلد مناصب كثيرة منذ مشاركته مع ناصر في حركة الضباط الأحرار. لكن المذكرة تستحسن في السادات معاداته للشيوعية وتصفه بالشخصية الانتهازية وغير مرتبط بآيديولوجية معينة.
وبشأن الثقل السياسي للسادات، تزعم المذكرة أنه شخصية لا وزن لها في دوائر اتخاذ القرار، بل وتجزم أن رئاسته لن تدوم سوى فترة انتقالية قصيرة. لكن المعضلة حسب ما ورد في المذكرة هو عدم وجود أي شخص آخر قادر على ملء الفراغ الذي تركه عبد الناصر. ولهذا فقد رجح محللو «سي آي إيه» أن تكون القيادة جماعية في الفترة المقبلة بالتقاسم بين 3 أشخاص بصورة رئيسية، هم علي صبري وحسين الشافعي وأنور السادات. أما الأشخاص ذوو النفوذ في صنع القرار، فقد ورد في المذكرة اسم سامي شرف وزير الدولة لشؤون الرئاسة ومدير مكتب الرئيس للمعلومات سابقا، إلى جانب وزير الإرشاد القومي محمد هيكل، ووزير الداخلية شعراوي جمعة، وأمين هويدي مدير المخابرات العامة.
وطبقا لمعلومات المحللين الأميركيين في ذلك الوقت، فإن هؤلاء الأشخاص جميعا كانون يدينون بالولاء لجمال عبد الناصر، ولكنهم لا يدين بعضهم بالولاء لبعض، ويوجد بينهم تنافس وصراع مكبوت، توقع المحللون أن يخرج إلى السطح بعد انتهاء مفعول الحزن على عبد الناصر. وخلصت المذكرة إلى أن الجيش بقيادة الفريق فوزي سوف يلعب دور المرجح لكفة أي شخصية عندما يحين موعد المواجهة بين المتصارعين. وتطرقت المذكرة إلى قلق السوفيات على مصير علاقتهم مع مصر بعد رحيل عبد الناصر. ولكن الأغرب من ذلك هو القلق الإسرائيلي من المجهول بعد رحيل خصم عنيد لهم، رغم أن ساسة إسرائيل على المستوى الشخصي يشعرون بالرضا من رحيل ناصر.
وفي يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1970، أي بعد مرور أسبوع واحد فقط على وفاة عبد الناصر، قدمت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إيجازا للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون عن الأوضاع في مصر، جاء في عنوانه أن مشكلة اختيار خليفة لعبد الناصر قد تم حلها، لكن مصر مقبلة على تغييرات إضافية وإعادة هيكلة لتركيبته القيادية. وتم إبلاغ الرئيس الأميركي بأن السادات اختير من قبل اللجنتين التنفيذية والمركزية للاتحاد الاشتراكي العربي. كما دعي أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان) لحضور جلسة المصادقة على اختيار السادات رئيسا.
وأعادت الوكالة في هذا التحليل التذكير بأن السادات لا يتمتع بالكاريزما التي يتمتع بها ناصر، معربة عن اعتقادها بأن احتمالات استمراره في الرئاسة ستعتمد إلى حد كبير على موقف عدد من رجال عبد الناصر، منهم شعراوي جمعة، وسامي شرف ومحمود رياض.
وبعد نحو 5 أسابيع من المذكرة الثانية، قدمت وكالة الاستخبارات المركزية لصناع القرار في واشنطن تحليلا جديدا عن تصور الوكالة لمستقبل مصر من دون عبد الناصر. وجاء في التحليل أن الأشخاص الذين يديرون مصر بعد وفاة عبد الناصر لم يثيروا إعجاب الشعب المصري حتى ذلك الحين، ولكنهم تمكنوا من السيطرة على الأوضاع. والمشكلة وفقا للتحليل المشار إليه أن المصريين اعتادوا على قيادة الفرد الواحد القوي، وليس لهم تجارب مع القيادة الجماعية.
لكن المحللين حاولوا إنصاف أنور السادات هذه المرة بالقول إن الانطباع الذي كان سائدا عنه بأنه سياسي غير فعال، بدأ يتغير على نحو مفاجئ بعد قبوله تحمل المسؤولية، مشيرين إلى أن السادات اتخذ قرارات تنبئ عن دهاء، في إشارة إلى تعيينه علي صبري وحسين الشافعي نائبين له، دون منحهما أي صلاحيات تذكر.
ورغم الخلافات بين قادة مصر الجدد والصراعات الخفية بينهم فإنهم، حسب معلومات الوكالة، متفقون على أمر واحد، وهو استبعاد زكريا محي الدين وعبد اللطيف البغدادي وكمال الدين حسين، من أدي دور في الدولة المصرية. ولمح التحليل إلى أن الثلاثة وهم من أعضاء تنظيم الضباط الأحرار ومن زملاء عبد الناصر في حركة يوليو (تموز)، يحاولون العودة إلى المعترك السياسي دون جدوى.
وتوقع المحللون أن يبقى صنع القرار بأيدي 8 أشخاص، هم أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي.

حركة تصحيحية وحليف جديد لأميركا
وفي الرابع عشر من مايو (أيار) عام 1971، أي قبل حركة «15 مايو» التصحيحية، التي أطاح السادات فيها بخصومه، كانت الاستخبارات الأميركية بوسائلها الخاصة ترصد وتراقب ما يحدث، ولهذا فقد ضمنت الملف اليومي المعروض على الرئيس تلخيصا للوضع في مصر، حتى تلك اللحظة. وأبلغت الوكالة الرئيس نيكسون بالاستقالات الجماعية التي قدمها للسادات وزير الداخلية شعراوي جمعة، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية سامي شرف، ووزير الحربية محمد فوزي، احتجاجا منهم على إقالة نائب الرئيس علي صبري من منصبه في الثاني من مايو 1971. ووصف الإيجاز شعراوي جمعة وسامي شرف بأنهما أقوى شخصيتين في مصر نفوذا في تلك الأثناء. وأوضح الإيجاز أن المستقيلين لا يمكن وصفهم باليساريين؛ لأن هذا الوصف لا ينطبق عليهم تماما، ولكن الأمر المؤكد هو أنهم لا يدينون بالولاء للرئيس السادات. واستنتجت الوكالة أن السادات يسعى للتخلص من هؤلاء؛ لأنهم في موقع المنافسة الندية لسلطته، إضافة إلى أن السادات سيكون مطلق اليد في التفاوض مع إسرائيل، بعد أن كان علي صبري ومجموعته يعارضون علنا التفاوض معها. وأشار الإيجاز إلى أن السادات قد عين بالفعل محافظ الإسكندرية ممدوح سالم وزيرا للداخلية، وهو مؤهل للمهمة التي اختير لها بديلا لشعراوي جمعة. كما عين السادات رئيس الأركان محمد صادق وزيرا للحربية بديلا للفريق فوزي، وأشارت المعلومات المقدمة للرئيس الأميركي أن صادق يحظى بنفوذ ودعم في الجيش أوسع مما كان يحوزه سلفه.
ولفتت الوكالة في الإيجاز المشار إليه، إلى أن درجة الثقة العالية التي بدت على السادات وهو يتخذ هذه القرارات، تنم عن أنه قد نسق مع قيادات معينة في القوات المسلحة المصرية، وأن تلك القيادات شجعته على الإقدام على إقالة صبري وقبول استقالات زملائه لاحقا. ولمزيد من الاطمئنان فإن السادات قد سارع بتعيين البديل لفوزي، لضمان قدر أكبر من ولاء الجيش للرئاسة.
وعلى الصعيد المدني، أشارت الوكالة في إيجازها للرئيس الأميركي، إلى أن السادات يعد لإذاعة بيان عبر راديو القاهرة، تعتقد الوكالة أن صياغته تمت بطريقة تسعى لتحقيق هدف استقطاب التعاطف الشعبي، عن طريق الإيحاء بأن بعض المعزولين كانوا متورطين في «التآمر لفرض الوصاية والهيمنة على الشعب عن طريق القمع والإرهاب». وأوضح الإيجاز أن بيان السادات سيتم إذاعته بعد ساعات.
كما أوضح الإيجاز للرئيس نيكسون، أن السادات يحتاج لكل دعم يستطيع الحصول عليه؛ لأن خصومه يستندون على علاقتهم السابقة مع جمال عبد الناصر، فضلا عن أنهم تمكنوا خلال سنوات خدمتهم مع ناصر من تشكيل دوائر نفوذ خاصة بهم. وتوالت بعد ذلك التقارير التي تشيد بحنكة السادات ودهائه وتعترف بأنه استطاع ملء الفراغ الذي خلفه عبد الناصر، ولو أن ذلك تم بطريقته الخاصة.

عن الوثائق السرية
* لأن وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) تزيل أسماء مصادرها وبعض المعلومات التي قد تكشف عنهم من الوثائق المفترض أن السرية قد أزيحت عنها، فإن الوثائق المنشورة عن أي بلد لا تكشف بالضرورة عن معلومات جديدة على مواطني ذلك البلد، ولكن قيمتها التاريخية لا تقدر بثمن؛ لأنها توثق لأهم الأحداث أولا بأول، في حال تم جمعها وترجمة المهم منها بالتسلسل الزمني في أصل الوثائق. ولأن عمل الوكالة لا يقتصر على جمع المعلومات وعرضها على أصحاب القرار، بل يضاف إليه التحليل، فإن ذلك يفيد في معرفة رؤية الوكالة فيما يتعلق بالأحداث المحلية والصراعات كجهة محايدة، يهمها أن تقدم معلومات حقيقية لصانع القرار الأميركي بطريقة مبسطة، لكونه غير ملم على الأرجح بأوضاع البلد المعني أو متابع لأحداثه مثل أبناء ذلك البلد.



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.