الأنظار على موقف «14 آذار» والراعي يريد رئيسا «مقبولا من الجميع»

«القوات»: جعجع سيبقى مرشح الدورة الثانية «من دون تفكير»

ميشال عون
ميشال عون
TT

الأنظار على موقف «14 آذار» والراعي يريد رئيسا «مقبولا من الجميع»

ميشال عون
ميشال عون

تبدي بعض القوى السياسية اللبنانية تخوفها من «تطيير» النصاب القانوني لانعقاد جلسة انتخاب رئيس لبناني جديد، الأربعاء المقبل، مع الفشل في التوافق على مرشح يحظى بدعم أكثرية الكتل السياسية.
وفي حين كرر تكتل التغيير والإصلاح البرلماني الذي يترأسه النائب ميشال عون، على لسان عدد من أعضائه النواب أمس، أن عون، وهو أبرز مرشحي فريق «8 آذار»، لن يخوض أي «مبارزة» انتخابية خلال الجلسة المقبلة ولن يكون إلا مرشحا توافقيا، برز موقف لافت للبطريرك الماروني بشارة الراعي قبل مغادرته إلى روما، إذ اعتبر أمس أن «لبنان بحاجة لرئيس يلملم الشمل، وعلينا أن نتخلص من الانشطارات والنزاعات». وفي موازاة إشارته إلى أن «الرئيس ينتخب وفقا لسيرته، بناء على ماضيه وحاضره ومستقبله، ولا (نطبخه) في الليلة الأخيرة، ولا يجب أن نصل إلى جلسة الانتخاب ولا نعرف من سننتخب»، قال الراعي بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، إن الرئيس «يجب أن يكون رئيسا مقبولا من الجميع، ولا يعني هذا، كما يقول البعض، أنه ضعيف». ورأى أن «القوة هي أن يكون الإنسان مقبولا من الجميع، فهذه قوة لأننا بحاجة كبيرة في لبنان للملمة الشمل، وبحاجة أيضا لأن يكون لدينا رئيس يطل دوليا وعربيا أيضا».
كانت الدورة الأولى من الانتخابات، أول من أمس، أسفرت عن فوز جعجع بـ48 صوتا، فيما انتخب 52 نائبا بورقة بيضاء، هم نواب قوى «8 آذار»، مقابل فوز النائب هنري حلو، المرشح من قبل رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، بـ16 صوتا. ونال الجميل صوتا واحدا، واعتبرت سبعة أصوات أخرى ملغاة.
وشدد الراعي على أنه «لا يستطيع النواب أن يغيبوا أو يكسروا النصاب، وهم قادرون على أن يكونوا موجودين وأن يتباحثوا»، معتبرا أنها «ليست مرجلة» أن «نكسر النصاب أو نغيب، ومن المفروض هذا الأسبوع الذي أعطاه دولة الرئيس (بري) أن يكون للتشاور وأن يحضر يوم الأربعاء المقبل الجميع، أما انتخاب رئيس أو لا في تلك الجلسة فهو موضوع آخر، وهو يجري بالاقتراع».
وترى بعض الجهات أن قوى «14 آذار» ستكون مجددا أمام امتحان الحفاظ على وحدتها عشية جلسة الانتخاب المقبلة، في ظل وجود مرشحين رئيسين في صفوفها هما جعجع والجميل، وتلميح نواب في كتلة عون إلى قنوات اتصال مفتوحة مع تيار المستقبل، تمهيدا للتوصل إلى تفاهم حول هوية الرئيس المقبل. وبدت لافتة مسارعة حزب الكتائب، أحد أحزاب «14 آذار»، على لسان وزيره سجعان قزي، إلى اعتبار أن جولة الانتخابات الأولى لم تأت لصالح جعجع، مقترحا أن تبادر قوى «14 آذار» بتقديم مرشح ثان للدورة الثانية، في إشارة إلى الجميل.
لكن النائب في حزب «القوات» أنطوان زهرا نفى أي تغيير في موقف قوى 14 آذار لناحية دعم ترشح جعجع. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو لم يطير فريق 8 آذار نصاب الجلسة الأولى لاستمرت الانتخابات ولم يتغير شيء في موقف 14 آذار.. فلماذا سيتغير حتى الجلسة المقبلة؟». وأكد أن «الاجتماعات مستمرة بين القيادات لرسم استراتيجية مقاربة كل جلسة بجلستها، وسيبقى جعجع بالتأكيد ومن دون أي تفكير مرشح فريق 14 آذار»، نافيا في الوقت عينه «أي تغيير في موقف قيادة حزب الكتائب» لناحية نيتها الدفع بترشيح الجميل في الجلسة المقبلة. وقال إن «ما فهمته من قيادة الحزب أن شيئا لم يتغير في موقفها، وتشاورنا مستمر معها»، لافتا إلى أنه في حال كان اقتراح وزيرها (قزي)، لناحية تقديم مرشح آخر إلى الرئاسة بعدما لم تأت نتيجة الدورة الأولى لصالح جعجع، على حد تعبيره «اقتراحا شخصيا فلا لزوم لمناقشته، أما إذا كان يعبر عن قيادة الحزب فلتتقدم به إلى اجتماعات قوى 14 آذار وسنناقشه».
وفي موازاة تأكيده على أن اجتماعات قوى «14 آذار» التشاورية مستمرة وسيعقد اجتماع على مستوى القيادات قبل الجلسة المقبلة، بعد اجتماع تقييمي فوري عقد إثر انتهاء الجلسة الأولى في مكتب نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في البرلمان، رفض زهرا التعليق على مواقف البطريرك الراعي، الذي دعا أمس إلى «انتخاب رئيس مقبول من الجميع». وقال زهرا «اتخذنا منذ فترة قرارا بعدم التعليق على مواقف البطريرك، الذي يعبر عن رأيه كأي مهتم رئيس بالشأن اللبناني»، مضيفا «ما يهمنا بالدرجة الأولى أن تستمر العملية التنافسية الديمقراطية لانتخاب رئيس، في موازاة رفضنا الاستسلام لمبدأ التسوية الذي يعني الموافقة على دور خارجي في انتخاب الرئيس، وهو ما لا نريده بعد أن تخلصنا من الاحتلال العسكري السوري».
في المقابل، كرر النائب في كتلة عون سليم سلهب، التأكيد على أن «عون لن يكون مرشح تحد، ولن يترشح إذا لم يتمكن من الحصول على إجماع حوله، ولن يقدم ترشيحه إلا كمرشح توافقي». ورأى أن «ترشيح جعجع لن يعطي أي نتيجة سوى التي وصلت إليها الجلسة الأولى». وأشار إلى أن «كل الاتصالات التي تجري في الإعلام وفي الكواليس تسمح لنا بالتأكيد على أن انتخابات الرئاسة ستجرى؛ إن لم يكن الأسبوع المقبل فقبل الخامس والعشرين من مايو (أيار) المقبل».
وكان وزير الاتصالات بطرس حرب حذر بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال سليمان من «خطورة ما أقدم عليه فريق سياسي لجهة تعطيل النصاب، وهو ما يشكل نموذجا لما ستكون عليه الجلسات المقبلة»، متوقعا أن يؤدي ذلك إلى «تأخير انتخاب الرئيس وإيقاع لبنان في الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية».
وفي السياق ذاته، انتقد النائب في كتلة «المستقبل» أحمد فتفت كيف أن «فريقا اقترع بالأوراق البيضاء ثم انسحب من الجلسة ليقول إنه يملك القدرة على تعطيل انتخابات الرئاسة، وهذا أمر خطير جدا لأنه نوع من «الابتزاز السياسي». في حين أوضح نائب «المستقبل» عمار حوري أن «الخطوة التالية هي استكمال التشاور المكثف في ما بيننا لبلورة الخطوات اللاحقة قبل الجلسة النيابية المقبلة»، مشددا على أنه «لا قرارات مسبقة مأخوذة لناحية الانتخابات الرئاسية خصوصا أن قيادات 14 آذار تفاهمت قبل الجلسة على أن تدلي بأصواتها للمرشح الذي اتفقت عليه بعد متابعة مشاوراتها».



رجال أعمال يمنيون مغيّبون في سجون الحوثيين

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
TT

رجال أعمال يمنيون مغيّبون في سجون الحوثيين

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)

بينما لا يزال رجل أعمال يمني في سجن عمّ زعيم الحوثيين منذ عام ونصف العام، لرفضه الخضوع للتحكيم في نزاع تجاري مع شريك له، فشلت محاولات والدَي رجل أعمال ثانٍ اختُطف منذ ثلاثة أشهر من قِبل مكتب قيادي حوثي آخر في تأمين إطلاق سراحه رغم ذهابهما إلى معقل الجماعة والاعتصام بجوار قبر مؤسسها.

وذكرت مصادر قانونية يمنية أن أحد التجار من أسرة الوالي في مديرية الشعر بمحافظة إب، وبسبب خلاف على حسابات مع شريكه، اختُطف من أمام المحكمة التجارية في عاصمة المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، في أثناء خروجه من المحكمة التي تنظر في الخلاف بينه وبين شريكه.

وأوضحت المصادر أنه تمّ نقله مباشرة إلى أحد السجون التابعة لوزير الداخلية في حكومة الانقلاب عبد الكريم الحوثي، وهو عمّ زعيم الجماعة، وبعد أشهر من وضعه في السجن أُلزِم بالتوقيع على وثيقة تخوّل الحوثي المحاسبة والحكم بينه وبين شريكه.

وقالت المصادر إن الحوثي من جهته كلّف القاضي عبد الصمد المتوكل بالفصل في الخلاف، وألزم التاجر وهو في محبسه على تحكيم المتوكل، الذي بدوره عقد جلسات محاسبة للتاجر في محبسه حتى أصدر حكمه، وبعدها قام عمّ زعيم الجماعة بإلزام التاجر بالقبول بذلك الحكم، قبل أن يرسله إلى سجن المباحث الجنائية.

الحوثيون سيطروا على الغرفة التجارية بغرض تسهيل مهمة ابتزاز القطاع التجاري (إعلام حوثي)

وطبقاً للمصادر فإن المحكوم له سارع إلى تقديم طلب تنفيذ الحكم إلى محكمة الشعبة الاستئنافية التجارية في صنعاء، التي بدورها تسير في إجراءات التنفيذ، في حين لا يزال التاجر في سجون الجماعة منذ ما يقارب العام ونصف العام.

إخفاء قسري

هذه المعاناة تأتي في حين عاد رجل مسنّ وزوجته من محافظة صعدة بعد اعتصامهما لمدة أسبوع بجوار قبر مؤسس الجماعة الحوثية، بهدف لفت نظر زعيمها عبد الملك الحوثي إلى معاناة ابنهما المختطف منذ ثلاثة أشهر، بسبب رفضه تحكيم مكتب القائد العسكري الحوثي عبد الله الرزامي.

وتذكر المصادر أن الرجل الطاعن في السن عبد الله السدعي وزوجته ذهبا إلى منطقة مران حيث يوجد قبر مؤسس الحوثيين واعتصما هناك، للفت أنظار زعيم الجماعة إلى مظلومية ابنهما المختطف من قِبل مكتب الرزامي، إلا أنهما طُرِدا من صعدة وأُعيدا إلى صنعاء.

والد التاجر السدعي معتصماً في صعدة قبل طرده وزوجته (إعلام محلي)

ويذكر المحامي علي السنباني الذي يترافع عن التاجر ماهر السدعي، أن والده ووالدته عادا من مدينة صعدة ولا يعرفان مكان احتجاز ولدهما منذ ثلاثة أشهر، وقد توجه إلى الإدارة العامة للبحث الجنائي للقاء ابنه حسبما أخبروه في صعدة بذلك، إلا أن إدارة البحث الجنائي أبلغته أن ابنه ليس موجوداً لديهم، ولا يوجد ملف قضية له عندهم، واسمه غير مسجل بالنظام.

وأفاد المحامي بأن ضباط الشرطة الموجودين تفهموا الوضع وطمأنوا الوالدَيْن بأنه في حال إيصال ابنهما إليهم سيقومون فوراً بأخذ أقواله في محضر وإرساله إلى النيابة العامة للتصرف في أمره وفقاً للقانون.

بداية الانتهاك

تعود قصة السدعي إلى نهاية العام الماضي، حين تم اختطافه على يد أحد عناصر جهاز المخابرات الداخلية للحوثي، والمعروف بـ«الأمن الوقائي»، ويُدعى عبد الله خاطر، حيث يعمل الأخير لصالح مكتب عبد الله الرزامي، الذي يسيطر عسكرياً على الجزء الجنوبي من مدينة صنعاء، ويتحكّم في ملف بيع الأراضي والمباني والأعمال التجارية وشرائها.

ويؤكد المحامي أن إخفاء التاجر السدعي قسرياً والاستمرار فيه حتى اللحظة يهدف إلى تمكين خصومه في القضية المدنية المنظورة أمام محكمة جنوب غربي صنعاء بشأن محال السدعي للعطور، من تقديم دعوى مستعجلة أمام المحكمة التجارية لانتزاعها منه، كونه مختفياً، وهذا ما سيتضح من خلال وصول طلب الاستدعاء من المحكمة التجارية مع مسؤول الحي الذي توجد فيه المحال، لإبلاغه بحضور جلسة المحكمة التجارية في اليوم التالي دون تسليم الإعلان أو حتى صورة من الدعوى.

لم يشفع للسدعي مناشداته لزعيم الحوثيين إطلاق سراح نجله (إعلام محلي)

ورأى المحامي أن ما يتعرّض له السدعي جريمة منظّمة بترتيب مسبق فيما بين مرتكبيها، ويتبادلون الأدوار فيما بينهم، تحقيقاً لنتيجة جنائية واحدة قصدوها من جميع أفعالهم الجنائية والمجرَّمة.

وقال إن ذلك التوجه سيتضح بعد تسلّم صورة من الدعوى ومرفقاتها، إذا لم يكن القاضي قد تعرّض لضغوطات وامتنع عن تسليم نسخة الدعوى مع مرفقاتها، أو امتنع عن منح المحامي صورة منها، للاطلاع عليها وتقديم ما لديه وفقاً للقانون.

ومنذ دخول الرزامي إلى صنعاء مع الآلاف من مسلحيه لمساندة الحوثيين في مواجهة الانتفاضة التي قادها الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح نهاية عام 2017، تمركز في مناطق جنوب المدينة واتخذها مقراً لقيادة قواته، قبل أن يفتتح مكتباً للفصل في النزاعات بين المتخاصمين.

وحظر الرزامي ممارسة أي عمليات للبيع في تلك المنطقة أو الشراء إلا بموافقة مسبقة من مكتبه. كما أنه يمتلك سلطة سحب القضايا من المحاكم ومنع الجهات الأخرى من النظر فيها، مستنداً في ذلك إلى القوات التابعة له، وأنه كان زميل مؤسس الجماعة منذ بداية الفكرة في مطلع التسعينات.