ظريف يطالب بوقف الانتقادات الداخلية ضد الاتفاق النووي

تزايد الضغوط على روحاني بسبب تورط شقيقه في ملفات فساد

ظريف يطالب بوقف الانتقادات الداخلية ضد الاتفاق النووي
TT

ظريف يطالب بوقف الانتقادات الداخلية ضد الاتفاق النووي

ظريف يطالب بوقف الانتقادات الداخلية ضد الاتفاق النووي

استبعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن يكون الاتفاق النووي في خطر، راهنا ذلك بمحاولات الإيرانيين «في العمل على حفظه» والابتعاد عن إثارة الجدل حوله من أجل التركيز على مكاسبه، في حين رد المتحدث باسم الحكومة محمد رضا نوبخت على دعوات طالبت بفتح تحقيق قضائي حول التهم الموجهة إلى شقيق الرئيس الإيراني وعضو مكتبه حسين فريدون في تورطه بملفات فساد اقتصادي، وقال نوبخت إن القضاء وحده الحكم.
وقال ظريف خلال اجتماع الناشطين الاقتصاديين إن بلاده تترك الاتفاق النووي إذا لم يتجاوب مع مصالحها ولم تحصل منه على امتيازات. كذلك تناول ظريف إمكانية خروج الأطراف الأخرى من الاتفاق النووي، قائلا إن الخروج ليس سهلا على الطرف المقابل لأنه «يترتب عليه إقناع آلاف البنوك الخارجية بعدم التعامل مع إيران لأن الأمر يتعلق بمجلس الأمن».
وقلل ظريف من أهمية تمديد العقوبات الأميركية بعد خروج إيران من قرار الأمم المتحدة بوضعها تحت الفصل السابع بسبب الملف النووي، كذلك عد خروج بلاده من الأجواء النفسية ضد إيران وعودة الهدوء من إيجابيات الاتفاق النووي.
وتترقب الأوساط السياسية والدولية موقف الإدارة الأميركية الجديدة من الاتفاق النووي في ظل جملة المواقف التي أطلقها دونالد ترمب وشخصيات من فريقه حول إعادة النظر في الاتفاق النووي والضغط على إيران في برنامج صناعة الصواريخ الباليستية.
وكان تسريب تصريحات ظريف خلال اجتماع مغلق مع لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي الإيراني أثار جدلا واسعا في البلاد، وبحسب التصريحات التي تسربت، فإن ظريف يقول إنه نادم على ثقته بوعود وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري بشأن عدم تمديد العقوبات الأميركية على إيران.
في هذا الصدد، وصف ظريف ما تردد عن ندمه بـ«خيالات»، معتبرا توقيع الاتفاق «مصدر فخره»، داعيا منتقديه إلى الابتعاد عن إثارة النقاش حول الاتفاق النووي في الداخل الإيراني سعيا لإعادة الهدوء مع إيران واستثمار مناخ ما بعد الاتفاق وفق ما نقلت عنه وكالة «إيسنا».
ويرتبط مستقبل روحاني بشكل كبير في انتخابات الرئاسة الإيرانية المقرر في مايو (أيار) بالتزام الأطراف المشاركة في الاتفاق النووي ومن شأن أي تغيير سلبي أن يترك أثره على تراجع نسبة أنصار روحاني من بين الإيرانيين الذين يتوجهون إلى صناديق الاقتراع.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيراني وجه انتقادات إلى نواب في البرلمان كانوا وراء تسريب تلك التصريحات، موضحا أن وزير الخارجية لم يكن ينفي الاتفاق النووي.
من جانب آخر، رد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، محمد رضا نوبخت على رسالة 46 نائبا في البرلمان طالبوا الرئيس الإيراني بالتحقيق في تجاوزات شقيقه حسين فريدون، ودعا نواب البرلمان بالابتعاد عن التشكيك حول «استقلالية» القضاء وترك الأمر للجهاز القضائي حول ملاحقة المتورطين في ملفات الفساد.
في بداية يناير (كانون الثاني) الحالي طالب نواب البرلمان حسن روحاني بتسليم أخيه حسين فريدون إلى القضاء للتحقيق حول ما تردد عن تورطه في ملفات الفساد الاقتصادي، وبخاصة ما تردد عن تلقي زوجته شقة سكنية في شمال طهران بقيمة 16 مليار تومان هدية من المتهم بالفساد الاقتصادي، رسول دانيال زادة، وشب دوست مالاميري، كما طالب النواب بمحاكمة فريدون بوصفه المتهم رقم واحد في الملف إذا ما ثبتت صلته بـ«المفسدين الاقتصاديين».
وكان حسين فريدون قد توعد نواب البرلمان برفع دعوى قضائية ضد التهم الموجهة إليه. وكان اختفاء فريدون بين شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) أثار تكهنات حول إمكانية اعتقاله لكن ظهوره لاحقا إلى جانب روحاني في مناسبة حكومية وضع نهاية لتلك الشائعات.
وأضاف نوبخت خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن «القضاء يملك الدوافع المطلوبة لملاحقة من يرتكب جرائم ولا حاجة إلى أن يكلف أحد نفسه في كتابة الرسائل».
كما أعرب نوبخت عن انزعاج حكومي من تكرار الاتهامات ضد شقيق الرئيس الإيراني، متوعدا من يوجه التهم ضد روحاني بملاحقة قضائية صارمة، قائلا إنه «يترك آثارا سلبية على الرأي العام». وخلال انتقادات لتوجيه الاتهام ضد شقيق روحاني، قال إن بابك زنجاني (التاجر الموقوف بتهمة اختلاس ثلاثة مليارات دولار) كان يذكر في وسائل الإعلام باسم «ب.ز» لكن اسم فريدون يذكر بصراحة.
وكان اسم حسين فريدون ارتبط بشبكة فساد من فبراير (شباط) العام الماضي، لكن بعد فترة تراجع نسبي عادت تلك الاتهامات بقوة مع اعتقال المدير التنفيذي لبنك «ملّت» علي رستغار سرخه أي في يوليو (تموز) الماضي بتهمة التورط في فضيحة «الرواتب الفلكية» قبل أن تعلن مخابرات الحرس الثوري اعتقاله لارتباطه بملف فساد اقتصادي أكبر من فضيحة الرواتب التي لاحقت مسؤولي داوئر مالية وبنوك تابعة لحكومة روحاني.
من جانب آخر، تطرق نوبخت إلى حادث انهيار مجمع بلاسكو التجاري وسط طهران، وقال إن الحادث لم يكن «مفاجئا»، مضيفا أن الحكومة تكفلت منذ الأحد بالبحث عن أسباب انهيار المجمع التجاري، وفق ما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.
ورغم مرور ستة أيام على انهيار مجمع بلاسكو التجاري وسط طهران، فما زال الدخان يتصاعد وعمليات رفع الركام متواصلة كما أن المواقف السياسية في إيران تنذر بإضافة ملف المجمع التجاري إلى الملفات الملتهبة بين دوائر السلطة الإيرانية.
خلال الأيام الماضية تبادلت الدوائر الإيرانية الاتهامات والمسؤولية حول الحادث في وقت يستمر انتظار الإيرانيين لإعلان الجهات الرسمية إحصائيات دقيقة عن عدد الضحايا والخسائر في الحادث.
ونفى نوبخت أن تكون بحوزته معلومات عن اعتقال صحافيين على يد المخابرات الإيرانية، وقال إنه يستفسر وزارة المخابرات.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».