مخاوف من تأثير تراجع نشاط سوق العقارات الصينية على النمو

الاستثمارات ارتفعت لكن القطاع شهد تباطؤًا في الربع الأخير

جانب من مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
جانب من مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تأثير تراجع نشاط سوق العقارات الصينية على النمو

جانب من مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)
جانب من مدينة شنغهاي الصينية (أ.ف.ب)

رغم ظهور بيانات رسمية صينية، في نهاية الأسبوع الماضي، تشير إلى أن الاستثمار في قطاع العقارات في الصين قد كسب زخمًا خلال العام الماضي، أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاءات في الصين لاحقًا تباطؤ قطاع العقارات في الربع الأخير من عام 2016.
وبحسب وكالة «شينخوا» الصينية، قالت مصلحة الدولة للإحصاء، يوم الجمعة، إن حجم الاستثمار في قطاع العقارات بالصين قد ارتفع بنسبة 6.9 في المائة خلال عام 2016، مقارنة بالعام السابق، وبزيادة 1.1 نقطة مئوية عن الأرباع الثلاثة الأولى، و5.9 نقطة مئوية عن العام الأسبق. وأضافت المصلحة أن استثمارات العقارات ازدادت بنسبة 7.5 في المائة على أساس سنوي، بعد خصم عوامل الأسعار.
وفي العقارات السكنية، ازدادت الاستثمارات بنسبة 6.4 في المائة على أساس سنوي، وتوسعت المساحة الأرضية للمساكن الجديدة بنسبة 8.7 في المائة على أساس سنوي. كما حافظت مبيعات المساكن على نموها المستقر، حيث قفزت المبيعات بنسبة 22.5 في المائة من حيث المساحة الأرضية، بينما ارتفعت المبيعات بنسبة 34.8 في المائة من حيث القيمة.
وبقى 695.4 مليون متر مربع من العقارات غير مباعة في الصين في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بانخفاض 3.2 في المائة على أساس سنوي.
وأصبحت سوق العقارات في الصين منقسمة بشكل متزايد، حيث تسجل المدن الكبيرة أسعارًا قياسية، بينما تسعي المدن الصغيرة إلى تخفيض المخزون.
وتعني حالة الانقسام ضرورة أن تخلق الحكومة التوازن بين الحد من فقاعات الأصول في المدن الكبيرة، وتعزيز المبيعات في المدن الصغيرة. وقد حاولت الحكومة الصينية تقليل اعتماد الاقتصاد على تفاعلات التطور العقاري لتجعله أكثر استدامة. ووضع مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الذي عقد في نهاية العام الماضي مسارًا لسوق العقارات خلال عام 2017: الاستقرار والتنمية الصحية.
وستنشئ الصين آلية طويلة الأمل بقيادة السوق تتمكن من الحد من فقاعات العقارات، ومنع التقلبات غير المنتظمة. وستستخدم الحكومة الأرض والاستثمار والقانون والسياسة المالية والأدوات المالية لتحقيق هدفها، حسب البيان. لكن بيانات لاحقة، نشرت مطلع الأسبوع الحالي، أظهرت تباطؤ قطاع العقارات والقطاع المالي في الربع الأخير من عام 2016، وذلك على الرغم من تحسن أداء قطاع الخدمات الذي ساهم في نمو فاق التوقعات للناتج المحلي الإجمالي في تلك الفترة.
وأظهر بيان تفصيلي للنمو الاقتصادي لكل قطاع، نشره مكتب الإحصاءات السبت الماضي، أن سوق العقارات النشطة التي تسهم بنحو 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، شهدت تباطؤًا في النمو إلى 7.7 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، بعد أن سجلت معدل 8.8 في المائة في الربع الثالث، لتتفاقم المخاوف من أن يؤثر تراجع نشاط سوق العقارات على النمو الاقتصادي بوجه عام، بحسب «رويترز». كما تباطأ نمو قطاع المقاولات بشكل هامشي في الربع الأخير من 2016 إلى 5.9 في المائة، بعد تسجيله معدل 6 في المائة في الربع السابق، على الرغم من استعادة الثقة في مشاريع البناء الجديدة التي نمت بشكل غير متوقع بنسبة بلغت 12.5 في المائة في ديسمبر، مقارنة بالشهر السابق.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».