وجود السكان يمنع «داعش» من استخدام المفخخات على نطاق واسع في الموصل

التفجيرات أقل بكثير مما كانت في الرمادي والفلوجة

وجود السكان يمنع «داعش» من استخدام المفخخات على نطاق واسع في الموصل
TT

وجود السكان يمنع «داعش» من استخدام المفخخات على نطاق واسع في الموصل

وجود السكان يمنع «داعش» من استخدام المفخخات على نطاق واسع في الموصل

تتراجع التفجيرات التي تتعرض لها القوات العراقية في الموصل خلال مواجهاتها مع المتطرفين، مقارنة بالمعارك التي خاضتها ضدهم سابقا. وقال أحد الضباط إن تنظيم داعش لا يتهاون عن قتل مدنيين، لكن وجود عدد كبير من السكان في الموصل يقف عائقا أمام استخدام المتفجرات على نطاق واسع من قبل المتشددين.
وفي حين تخوض القوات العراقية مواجهات ضد التنظيم المتطرف وسط مواقع سكنية، في إطار معركة انطلقت قبل أكثر من 3 أشهر لاستعادة الموصل من قبضة المتطرفين، لا يزال هناك أكثر من مليون نسمة في ثاني مدن العراق. وبات تركيز المتطرفين على تفخيخ الطرق والمباني أسلوبا دفاعيا لمواجهة تقدم القوات العراقية، ما يعتبر طريقة تختلف عن السابق.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الفريق الركن عبد الغني الأسدي، من جهاز مكافحة الإرهاب، أن القوات العراقية تواجه مفخخات أقل في الموصل مما كانت عليه في الأنبار وصلاح الدين، حيث خاضت معارك في وقت سابق ضد المتطرفين.
وأضاف أن «السبب هو بقاء العائلات في أحيائها وفي منازلها».
وبادر سكان في الموصل إلى الخروج من منازلهم بعد وقت قصير من توقف القتال في أحياء تمت استعادتها في الجانب الأيسر من المدينة، وفتحت المحلات التجارية أبوابها، كما بدأت السيارات المدنية التحرك مجددا في بعض الشوارع، وانطلق أطفال يلعبون خارجا.
بدوره، قال الفريق الركن سامي العريضي، وهو أيضا من قوات مكافحة الإرهاب، إنه «ليس هناك مقارنة بين العبوات في الموصل (ومحافظة) الأنبار» عندما استعادت القوات الأمنية سيطرتها على مدن الرمادي والفلوجة.
وتابع بأنها قليلة؛ لأن «السكان هنا لم يغادروا» مضيفا: «عندما نتقدم في أي حي لا نعتقد أن هناك تفخيخا في الشوارع، وعجلاتنا تتحرك بشكل طبيعي».
لكن هذا الأمر لا يعني أن تنظيم داعش يتجاهل استخدام العبوات الناسفة بشكل كامل في الموصل. ويرى النقيب قيصر فوزي، أحد ضباط كتيبة الهندسة في الجيش، أن ذلك «تغيير في استراتيجية تنظيم داعش (...) لا يعتمد على العبوات الناسفة على جانبي الطرق، بل العجلات المفخخة».
من جهته، قال الكولونيل جون دوريان، المتحدث باسم قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إن «ذلك هو سلاح العدو الذي اختاره في الموصل». لكن وفقا للفريق الأسدي فإن «تنظيم داعش فخخ المنازل التي نزح منها السكان».
بدورها، تقول ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، إن العبوات التي زرعها تنظيم داعش تشكل تهديدا للمدنيين.
وأوضحت أن «الناس الذين يحاولون الفرار من الموصل وقعوا في أفخاخ مخادعة وضعها المتطرفون وهي عبوات ناسفة»، فقتل بعضهم وجرح آخرون. وحذرت غراندي قائلة: «وفقا لتجارب في مناطق أخرى محتلة (من متطرفين)، فنحن قلقون من قيام تنظيم داعش بوضع عبوات ناسفة في مدارس ومستشفيات ومبان عامة».
في الوقت ذاته، يعرقل وجود أعداد كبيرة من السكان داخل الموصل، شن القوات العراقية عمليات ضد المتطرفين.
وأكد الفريق العريضي في هذا الصدد، أنه رغم إمكانية استهداف المتطرفين عن بعد «فإننا غير قادرين على استخدام النيران بسب المدنيين».
وتابع: «نسجل تأخرا لأن الناس بقوا في منازلهم». ويؤيد الفريق الأسدي ذلك قائلا: «هناك تفخيخ قليل، عبوات قليلة، لكن هناك كثيرًا من المدنيين، ومن واجبنا حمايتهم».
وما زالت القوات العراقية تجد نفسها، في إطار المعركة ضد المتطرفين لاستعادة الموصل، مرغمة على استخدام أسلحة ثقيلة من خلال قصف جوي من الطائرات الحربية أو المروحيات وعبر ضربات مدفعية.
وساعد تواجد المدنيين في الموصل، وانخفاض أعداد العبوات في المدينة، في عودة سريعة للحياة في الأحياء التي تم تطهيرها من المتطرفين، مقارنة مع مدن أخرى استعادتها القوات الأمنية من قبضة التنظيم. وفي حين لا تزال أجزاء من مدن الفلوجة والرمادي غير مأهولة، لم تتعرض مناطق في الموصل لأضرار جسيمة باستثناء بعض المنازل والشوارع.
من جهته، قال رائد محمد، وهو من سكان الموصل، إن وجود المدنيين عرقل عمل المتطرفين في وضع المفخخات قبل انطلاق عملية الموصل. وقال إن «التفخيخ بدأ بعد انطلاق عملية الموصل (...) قبل ذلك، لم يكن تنظيم داعش قادرا على وضع العبوات في المدينة، وسط تنقل الأهالي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.