أساليب تحقيق التوازن لشغف الأطفال بالألعاب الإلكترونية

أبحاث تكشف آثارًا إيجابية عند لعبها باعتدال

يجب تحديد وقت للعب واختيار وقت مخصص للألعاب الإلكترونية لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم الواحد
يجب تحديد وقت للعب واختيار وقت مخصص للألعاب الإلكترونية لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم الواحد
TT

أساليب تحقيق التوازن لشغف الأطفال بالألعاب الإلكترونية

يجب تحديد وقت للعب واختيار وقت مخصص للألعاب الإلكترونية لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم الواحد
يجب تحديد وقت للعب واختيار وقت مخصص للألعاب الإلكترونية لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم الواحد

يكثر التفكير حول السبل التي من شأنها المحافظة على متعة أطفالك وتوفير التسلية لهم خلال فترة العطلة المدرسية. وكثيرا ما يتجه الأطفال نحو الترفيه من خلال الألعاب الإلكترونية التي تحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال، وخاصة مع انتهاء الفصل الدراسي وعدم وجود الأنشطة الروتينية للسنة، كما أنها تقضي على شعور الأطفال بالملل والآباء بالإحباط.
وقد تمثل الألعاب الإلكترونية الحاضنة المثالية للأطفال، حيث لن يكون هناك أي قلق حيال الآثار السلبية المترتبة على قضاء وقت الترفيه الخاص بهم، في ذلك العالم التفاعلي المليء بالعناصر المشوقة. ولكن تلك الألعاب تعمل أحيانا على تشجيع العزلة الاجتماعية والسلوك العنيف في حال لم تتم مراقبة نوعيتها والفئة العمرية التي تستهدفها، الأمر الذي يقدم تأثيرا سلبيا على الأطفال. ويجب أن تكون محدودة ومقيدة لتجنب أي من تلك الآثار. وكثيرا ما يغفل الأهل عن ملحوظة تقييم الفئة العمرية للعبة الموضوعة على غلافها، والتي تهدف لتقديم المعلومة للأهل حول محتوى اللعبة، وإن كان يتناسب مع عمر الطفل من حيث مستويات العنف والمفاهيم المختلفة، الأمر الذي ينجم عنه وضع الطفل في بيئة إلكترونية قد لا تناسبه في حال إهمالها.
ومن ناحية أخرى كشف كثير من الأبحاث التي أجريت مؤخرا الأثر الإيجابي للألعاب الإلكترونية، وتأثيرها الجيد على نمو الأطفال. ووجدت الجريدة الرسمية للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، أن الألعاب الإلكترونية يمكن أن تكون مفيدة، حيث كشفت عن مقارنة بين الأطفال الذين يمارسون الألعاب الإلكترونية وغير اللاعبين، وأظهرت المقارنة أن الأطفال الذين يقضون ما يصل إلى ثلث اليوم من أوقات فراغهم مع الألعاب الإلكترونية شعروا بارتفاع في مستويات حالة السلوك الاجتماعي الإيجابي والرضا عن الحياة، وانخفاض مستويات المشكلات السلوكية وفرط النشاط ومشكلات الأقران والأعراض العاطفية. كما يمكن للألعاب الإلكترونية المساعدة في تطوير التنسيق الحركي لليد والعين والمهارات المكانية، فضلا عن مهارات إضافية مثل حل المشكلات والمنطق والتخطيط وإدارة الموارد، والقدرة على إدارة تعدد المهام.
وفي تصريحات حصرية لـ«الشرق الأوسط» قدم محمد حباب، مسؤول أجهزة «إكس بوكس» في «مايكروسوفت العربية»، نصائح بالغة الأهمية لإيجاد المفتاح الذي يعمل على تحقيق أقصى قدر من هذه الآثار الإيجابية، وجعل الألعاب جزءا قيما من العطلات المدرسية للأطفال، والتي من شأنها تحقيق التوازن الصحيح.
النصيحة الأولى هي مراقبة الألعاب الإلكترونية، حيث إنه من المهم وضع جهاز الألعاب الإلكترونية أو الكومبيوترات الشخصية في منطقة مشتركة بالمنزل، وعدم السماح للأطفال بأن يحتفظوا بتلك الأجهزة في غرف نومهم. هذا الأمر سيسمح لك بمراقبة أي محتوى غير لائق، ورصد المدة التي يقضونها في اللعب، مع تعزيز القدرة على التفاعل مع بقية أفراد الأسرة أثناء اللعب، عوضا عن الانغماس في العالم الرقمي بشكل تام. وبإمكان الأهل كذلك السيطرة على المحتوى الذي يستطيع أطفالهم تشغيله باستخدام ميزة «مراقبة الأهل» المتوفرة في «Xbox» التي تسمح للأهل بإيقاف تشغيل المحتوى غير الملائم لأطفالهم على الجهاز.
ويجب تحديد وقت للعب واختيار وقت مخصص للألعاب الإلكترونية، والذي يبلغ ساعة أو ساعتين في اليوم الواحد، بحيث ينبغي خفض هذا الوقت في الأيام الدراسية. وتشير دراسة جامعة «أكسفورد» إلى أن الأطفال الذين يقضون بعض الوقت في الألعاب الإلكترونية كل يوم، أكثر سعادة وأقل إفراطا في الحركة، كما وجدت أن اللعب لفترة طويلة جدا يمكن أن يخفض السلوك الاجتماعي الإيجابي والرضا عن الحياة.
النصيحة الثالثة هي اللعب كأسرة واحدة، حيث ينصح بالبحث عن الألعاب التي يمكن أن تشارك عائلتك بأكملها فيها، لتصبح الألعاب اجتماعية بدلا من أن تكون أداة لعب فردية، كما أنها وسيلة مفيدة لمراقبة محتوى ألعاب أطفالك. وهناك كثير من الألعاب التي تثير الاهتمام لمختلف الموضوعات المفيدة، مثل تاريخ العالم والجغرافيا والثقافات القديمة، وبعضها ينمي القدرة على الابتكار لدى الأطفال مثل Minecraft»» و«Project Spark»، التي توفرها «مايكروسوفت» على كل من أجهزة الكومبيوتر العاملة بنظام ويندوز 10، أو جهاز «إكس بوكس وان».
ووجدت الجريدة الرسمية للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، أن الآثار السلبية التي تنتج بسبب ممارسة الألعاب الإلكترونية العنيفة أو غير المناسبة أقل أثرا وضررا مقارنة بالآثار السلبية الناجمة عن متابعة الأفلام والأفكار المعادية وغير المناسبة، في وسائل الترفيه والإعلام الأخرى. ويجب أخذ ذلك بعين الاعتبار إذا كنت بحاجة إلى جليس أطفال رقمي: دع طفلك يلعب لعبة جيدة بدلا من مشاهدة التلفزيون. ووفقا لبحث جامعة «كوينزلاند» الخاص بتصميم واختبار الألعاب التقنية، فإن لعب الألعاب الإلكترونية أفضل من مشاهدة التلفزيون؛ لأن ممارسة الألعاب الصحيحة تنمي المهارات المعرفية للأطفال، وتعمل أيضا على تشجيعهم على أن يكونوا نشطين بشكل معتدل.
ولا يمكن للألعاب الإلكترونية أن تحل بشكل كامل محل الألعاب التقليدية أو اللعب مع الأسرة. ويسمح الحد من مدة اللعب بتوفير مزيد من الوقت لتجارب أخرى، مثل تشجيع أطفالك على الخروج وأداء الأنشطة بدلا من الجلوس أمام الشاشة. ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة كثيرا من الأمور، مثل القراءة وركوب الدراجات واللعب مع الأصدقاء. ويعد وقت العائلة الخاص خيارا بديلا ورائعا، ولذلك يجب على الأسرة وضع خطة للعب أو الخروج لنزهة. وأكد محمد حباب أنه، وكما هو الحال في معظم الأشياء التي نستخدمها، يوجد هناك دائما مفتاح لتحقيق التوازن، الأمر الذي ينطبق على الألعاب الإلكترونية التي تعد جزءا من مجموعة واسعة من الأنشطة في حياة أطفالنا، والتي تسمح لهم بمشاركة هواياتهم وتطوير المهارات المهمة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».