«أميركا أولاً» صدمة لحلفاء واشنطن

«أميركا أولاً» صدمة لحلفاء واشنطن
TT

«أميركا أولاً» صدمة لحلفاء واشنطن

«أميركا أولاً» صدمة لحلفاء واشنطن

رفض عدد من الخبراء بالسياسة الخارجية رؤية «أميركا أولا» التي ركز عليها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب خلال خطاب تنصيبه أمس (الجمعة)، ورأوا أنه يحط من قدر أميركا قائدة العالم ومن حلفائها التقليديين.
وبحسب مجلة «بوليتيكو» الأميركية، فإن هذه الرؤية تتعارض تماما مع الرؤية الدولية لكافة رؤساء الولايات المتحدة تقريبا في المائة عام الأخيرة.
وقال ترمب في أول خطاب له بعد توليه الرئاسة: «دافعنا عن حدود دول أخرى وتركنا الدفاع عن حدودنا، وأنفقنا تريليونات الدولارات في الخارج بينما تدهورت البنية التحتية لأميركا».
وخلال حملته الانتخابية أظهر ترمب تشككا بحلفاء أميركا العسكريين والمغامرات خارج حدودها، لكن خطابه في حفل التنصيب بدد أي أمل لدى عواصم أجنبية ونخبة السياسة الأميركية في أن يتبنى ترمب رؤية أكثر تقليدية لالتزام الولايات المتحدة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
ووصف نيكولاس بيرنز والذي خدم مساعدا بالخارجية ودبلوماسيا رفيعا في عهد رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين، خطاب ترمب بأنه «مخيب للآمال جدا»، مضيفا «أخشى أن يعني هذا الخطاب تراجعا عن الانفتاح الأميركي على العالم وقيادة الولايات المتحدة المفعمة بالأمل حول العالم».
وتقول المجلة إن قرار ترمب بعدم التركيز على دور القوة الأميركية في رسم العالم الخارجي جاء مغايرا لخطابات التنصيب للرؤساء الجمهوريين في العقود الأخيرة، من رونالد ريغان إلى جورج بوش الابن، فجميعهم وصف أميركا بأنها مدافع أساسي عن الحرية والديمقراطية حول العالم، كما مدوا أيديهم إلى حلفاء الولايات المتحدة بالخارج.
في المقابل اكتفى ترمب بعبارة موجزة فيما يتعلق بالشراكة الأجنبية وأهميتها، وقال «سنعزز حلفاءنا ونشكل حلفاء جددا»، فيما يبدو إشارة محددة إلى الحرب على الإرهاب المتشدد.
وتشير المجلة إلى أن هذا التوجه ربما يزعج حلفاء الولايات المتحدة، وخصوصا في أوروبا، والذين قد يتساوون بحلفاء «جدد» في ظل رؤية ترمب المثيرة للجدل فيما يتعلق بالشراكة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي هدد شرق أوروبا، وخلصت أجهزة استخبارات أميركية إلى أنه قد تدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية 2016 دعما لترمب.
وتذكر «بوليتيكو» أن أول مرة ذكر فيها ترمب «أميركا أولا» كان في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان) الماضي قال فيه إن السياسة الخارجية الأميركية ما بعد الحرب الباردة «قد انحرفت بصورة سيئة بالطبع» ما أدى إلى تدخلات خاطئة في الشرق الأوسط.
عقبت المجلة كذلك على دعوة ترمب أمس لاجتثاث «الإرهاب الإسلامي المتطرف» نهائيا من على وجه الأرض، وهي الجملة التي تجنب بوش الابن وأوباما استخدامها خلال رئاستهما، خشية إبعاد المسلمين المعتدلين.
ويقول بول ساندرز المدير التنفيذي لمركز المصلحة القومية، والذي استقبل خطاب ترمب في أبريل (نيسان) بشأن السياسة الخارجية «أوصل الرئيس ترمب رسالة قوية إلى الأميركيين والعالم حينما قال إنه سيضع أميركا أولا... لقد قطع على نفسه إعطاء الأولوية للمصالح الأميركية بينما أكد أن الحكومات الأخرى ستفعل الشيء ذاته لشعوبها، كركيزة أساسية من أجل استمرار التعاون مع الآخرين».
كما ركز العديد ممن استمعوا إلى الخطاب على عدم طمأنة ترمب حلفاء الولايات المتحدة القلقين سواء بشأن انعدام الاستقرار عالميا ونوايا ترمب نفسه.
وتابع بيرنز: «لدينا حلفاء يعتمدون علينا ويعززون قوتنا. إن حلف شمال الأطلسي (الناتو) وشرق آسيا هو القوة الكبرى في الاختلاف بين الولايات المتحدة وروسيا، وبين الولايات المتحدة والصين، ولم يكن هناك أي تركيز عليه في الخطاب».
وبينما أكد أوباما في خطابه الأول في يناير (كانون الثاني) 2009، إبان الأزمة الاقتصادية وعده بإنهاء الحروب الخارجية، لشعوب وحكومات العالم «لتعلموا أن الولايات المتحدة صديقة لكل بلد، ولكل رجل وامرأة وطفل يسعى لمستقبل من السلام والكرامة»، قال ترمب في خطاب الجمعة «من اليوم فصاعدا، رؤية ستحكم بلدنا، من هذه اللحظة ستكون أميركا أولا».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».