«سي آي إيه» تنشر 12 مليون صفحة من وثائقها السرية

بناء على قرار اتخذه أوباما في اليوم الأول لرئاسته ونفذه في اليوم الأخير

مدخل مقر «سي آي إيه»  في لانغلي فرجينيا («الشرق الأوسط»)
مدخل مقر «سي آي إيه» في لانغلي فرجينيا («الشرق الأوسط»)
TT

«سي آي إيه» تنشر 12 مليون صفحة من وثائقها السرية

مدخل مقر «سي آي إيه»  في لانغلي فرجينيا («الشرق الأوسط»)
مدخل مقر «سي آي إيه» في لانغلي فرجينيا («الشرق الأوسط»)

لم يكن الخبر الذي تناقلته شبكات أخبار كثيرة عن إفراج وكالة الاستخبارات المركزية (الأميركية) عن 13 مليون وثيقة سرية، دقيقا في صياغة معلوماته، إذ أن الوثائق المقصودة لم يتجاوز عددها حتى الآن عن 930 ألف وثيقة وإن كانت موزعة بالفعل على نحو 12 مليون صفحة. وفضلا عن ذلك فإن الوثائق المشار إليها كانت متوفرة فعليا في مقر الأرشيف الوطني للولايات المتحدة الكائن في مدينة كوليدج بارك بولاية ميرلاند على بعد عشرين دقيقة فقط من العاصمة واشنطن، ولم تكن إزاحة ستار السرية عنها أمرا جديدا.
لكن الجديد في الأمر هو ما ورد في البيان الرسمي الصادر عن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) من أن الاطلاع على الوثائق المفرج عنها لم يعد يتطلب تحمل مشاق التوجه إلى الأرشيف الوطني والتنقيب المجهد عن المعلومات في ملايين الأوراق. فاعتبارا من يوم أمس أصبح بمقدور الباحثين التصفح في تلك الوثائق عن طريق الدخول إلى غرفة إلكترونية خاصة للتصفح كانت الوكالة قد أنشأتها في موقعها على الإنترنت، العام الماضي وبدأت في تحميل الوثائق المزاح ستار السرية عنها، إلى غرفة التصفح بصورة تدريجية، منذ ذلك الحين.
وكان من المقرر سلفا الإعلان نهاية العام الجاري عن اكتمال مشروع توسيع الأرشيف الإلكتروني لوثائق الاستخبارات عند الانتهاء من تحميل جميع الملفات المزاح عنها ستار السرية، غير أن الموعد قد جرى تعجيله على ما يبدو ليتزامن مع يوم العمل الأخير في البيت الأبيض للرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، حتى لا يذهب الفضل في جهود تعزيز الشفافية، إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي لم يعد التوتر في علاقته بأجهزة الاستخبارات مخفيا على أحد قبل أن يباشر عمله الرئاسي.
أما الرئيس باراك أوباما الذي سيطلق عليه لقب السابق ابتداء من بعد ظهر اليوم الجمعة، فإن علاقته بالوكالات الاستخبارية لم يسدها أي توتر بل كان من أكثر الرؤساء الأميركيين إذعانا لتنفيذ ما توصي به تلك الوكالات. وكان أوباما منذ اليوم الأول لاعتلائه السلطة في فترة رئاسته الأولى قد أعلن تبنيه لسياسة تعزيز الشفافية في الجوانب التي لا تثير الصدام مع تلك الوكالات، وتخفيف القيود المفروضة على ملفات سرية قديمة من المؤكد أن يسهل الإفراج عنها عمل المؤرخين ويقدم شهادات موثقة لا تقدر بثمن.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن السند القانوني لإنشاء غرفة التصفح والإفراج عن المزيد من الوثائق السرية هو القرار الرئاسي التنفيذي رقم 13526 الذي وقعه الرئيس أوباما في العام الأول من فترة رئاسته الأولى، وتضمن إدخال تعديلات جذرية على أنظمة إزاحة السرية عن الوثائق الرسمية ذات الصلة بالأمن القومي الأميركي. ولعل أهم تعديل أدخله أوباما في قراره التنفيذي هو تحديد عمر السرية بما لا يزيد عن 25 عاما، بعد أن كان النص في الأنظمة السابقة بصيغة ما لا يقل عن 25 عاما. كما جعل قرار الإفراج عن الوثائق الحكومية أمرا إجباريا لا اختياريا، مع إعطاء الصلاحية لرؤساء الاستخبارات باستثناء الوثائق ذات الخطورة القصوى إلى ما لا يزيد عن 25 سنة إضافية.
وعند اتخاذ قرار إزاحة السرية كليا أو جزئيا عن أي وثيقة فإن الوكالات الاستخبارية يتوجب عليها حسب القرار الرئاسي ألا تعطي الأولوية لمحتوى المعلومات أو أهمية البيانات بقدر ما يتوجب عليها بالدرجة الأولى توفير الحد الأقصى من الحماية لمصادر المعلومات في الوثيقة أو الوثائق المعنية. وعلى هذا الأساس فإن بعض الوثائق عديمة القيمة زمنيا تظل في سياج من السرية لفترة أطول من العادة لمجرد أن المصدر الأجنبي لا يزال حيا، وقد تتعرض حياته للخطر في حال دلت المعلومات إليه كمصدر محتمل لها.
ولهذا السبب فقد لوحظ في نسبة كبيرة من الوثائق المنشورة في موقع سي آي إيه على الإنترنت اختفاء فقرات بكاملها أو بعض سطورها، والسبب في ذلك على الأرجح أن تلك السطور المعتمة باللون الأسود تتضمن تصريحا أو تلميحا إلى المصدر المطلوب حمايته.
وتشمل الوثائق المنشورة تقارير «استخباراتية» عُرضت على رؤساء تعاقبوا على حكم الولايات المتحدة الأميركية، منذ نشأة الوكالة إلى يوم تنصيب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في العشرين من يناير (كانون الثاني) عام 1977. كما تتطرق أغلب الوثائق المنشورة لنشاط الوكالة ضد الاتحاد السوفياتي السابق وحلف وارسو في الحرب الباردة، بالإضافة إلى أحداث أخرى مثل حربي فيتنام وكوريا، وصولاً إلى مشاكل معاصرة مثل ظاهرة الإرهاب. كما تتضمن الوثائق معلومات حول الأطباق الطائرة التي يعتقد البعض أنها ظاهرة مفتعلة من تدبير وكالة الاستخبارات المركزية لكن الوثائق المزاح عنها ستار السرية لم تزح ستار الغرابة عن تلك الظاهرة التي لا تزال حتى الآن لغزًا محيرًا.
من بين قرابة المليون وثيقة سرية في الأرشيف الإلكتروني لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) يوجد نحو ألفين و500 وثيقة مدموغة بطابع «سري للغاية»، وتحظى بأهمية خاصة، لأنها عبارة عن تقرير استخباري يومي يقدم للرئيس الأميركي ويلخص خفايا ما يجري في العالم، وكواليس الصراعات السرية الدولية. ورغم أن الوكالة تقوم بشكل سنوي برفع صفة السرية عن عدد من الوثائق والعمليات والأنشطة التي انتهى تأثيرها بشكلٍ أو بآخر، بما في ذلك وثائق لا يتجاوز عمرها 10 أعوام، إلا أن نماذج تقارير في غاية الأهمية هي التقارير السرية اليومية للرئيس لأميركي اقتصرت في الأرشيف الإلكتروني على الفترة من يوم تنصيب الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون في 20 يناير (كانون الثاني) 1969، يوم تنصيب الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر في 20 يناير 1977، وبالتالي فإن الوثائق تغطي فترتي الرئيسين نيكسون وفورد، في حين أن الوثائق الأخرى المنشورة تغطي فترة طويلة تمتد من بداية إنشاء الوكالة في الأربعينات إلى عام 1990. كما أن القانون يفرض على الوكالة الإفراج عن جميع الوثائق السابقة لعام 1992.
وبالنظر إلى الجدول الذي يوضح عدد التقارير السرية للغاية التي قدمتها وكالة الاستخبارات المركزية في كل عام من الأعوام الثمانية في عهد الرئيسين نيكسون وفورد، فإن العدد مختلف من سنة إلى أخرى، كما أنه يقل عن عدد أيام السنة، وتفسير ذلك إما أن الرئيس لا يتلقى التقرير اليومي في أيام الآحاد والعطلات الرسمية، وإما أن الوكالة تعمدت إخفاء بعض التقارير تجنبا للكشف عن مصادر أو معلومات محددة رغم مرور سنوات تزيد على الحد المنصوص عليه في القانون وهو 25 عاما من عمر تلك التقارير. وعلى الأرجح فإن مرور خمسين عاما على أي وثيقة سيكون كفيلا بالكشف عنها بقوة القانون، حتى لو اضطر المؤرخون والباحثون عن المعلومات إلى رفع دعاوى قضائيا للحصول على صور من تلك الوثائق.
ومن المفترض أن يكون الرئيس جيمي كارتر قد تلقى قبل تنصيبه رسميا نسخا خاصة به من ستة عشر تقريرا سلمتها وكالات الاستخبارات المركزية لسلفه الرئيس جيرالد فورد في الأيام العشرين الأولى من عام 1977، لكن الوكالة تفادت نشر التقارير التي قدمتها لكارتر بعد ذلك التاريخ. وحرمت الوكالة العالم بالتالي من معرفة أسرار ما جرى في ذلك العام المحوري تاريخ العالم ومنطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص خفايا ما جرى في كامب ديفيد، من منظور الاستخبارات الأميركية، طبقا للتوصيات والنصائح التي لا بد أنها قدمتها لرئيس البلاد في ذلك الوقت.
«سي آي إيه» حذرت البيت الأبيض فبل أعوام من مقتل الرئيس المصري أنور السادات بتراجع زخم شعبيته ومواجهته صعوبات في حكم بلاده. ومع ذلك فإن وثائق أخرى مدموغة بطابع «سري» وليس «سري للغاية»، تم تقديمها للبيت الأبيض في سنوات لاحقة من فترة رئاسة كارتر توقعت فيها وكالة الاستخبارات المركزية أن يواجه الرئيس المصري صعوبات كبيرة في حكم بلاده، وجاء في أحد التقارير أن شعبيته بدأت تتراجع وأعصابه بدأت تنفلت. وكان ذلك قبل سنوات من اغتياله في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1981.
ورغم أن مخزون غرفة التصفح الإلكترونية من الوثائق التي أزيح ستار السرية عنها يقتصر على أرشيف وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، ولا يشمل أي ملفات تابعة لبقية الوكالات الاستخبارية البالغ عددها 16 وكالة. ولكن باعتبار أن «سي آي إيه»، هي الوكالة المركزية الأولى المعنية بشؤون العالم الخارجي، فإن أرشيفها يحظى بأهمية كبيرة خارج الولايات المتحدة، لأنه لا يركز على الأحداث الأميركية المحلية بقدر ما يتعلق بالعالم ككل. ويؤكد محرك البحث في غرفة التصفح أن مئات التقارير السرية في ملفات الـ«سي آي إيه» لا تخلو من إيراد اسم دولة من الدول العربية أو اسم زعيم من زعماء العرب في الفترة مدار البحث.
وتفادت الوكالة نشر أي وثيقة تتضمن معلومات رسمية بشأن عدد عملائها ومقراتها حول العالم ولا بيانات واضحة حول طبيعة المهام والأنشطة الموكلة إليهم، إلا أن القضايا التي تتحدث عنها الوثائق تؤكد أن أعداد العملاء السريين يصل إلى الآلاف، أما العلنيون والإداريون فيصل العدد إلى عشرات الآلاف، موزعين على جميع أنحاء العالم لضمان الأمن القومي الأميركي والقضاء على تهديداته، فضلاً عن بسط النفوذ والهيمنة الأميركية على الدول.
وتشمل أنشطة «سي آي إيه» ثلاثة مجالات رئيسية، هي جمع المعلومات عن الحكومات الأجنبية والشركات والأفراد، وتحليل تلك المعلومات جنبا إلى جنب مع معلومات جمعتها وكالات استخبارات أميركية أخرى، وذلك لتقييم المعلومات المتعلقة بالأمن القومي وتقديمها لكبار صانعي السياسة الأميركية، وبناء على طلب من رئيس الولايات المتحدة، تنفذ الوكالة أو تشرف على النشاطات السرية وبعض العمليات التكتيكية من قبل موظفيها، أو الجيش الأميركي، أو شركاء آخرين. يمكنها على سبيل المثال ممارسة نفوذ سياسي أجنبي من خلال أقسامها التكتيكية، مثل شعبة الأنشطة الخاصة. وتتمتع الوكالة بموازنة ضخمة تزيد على الموازنات المرصودة لبعض الوكالات الأخرى. ورغم أن الوكالة يعتبر موظفوها مدنيين إلا أنها بدأت في السنوات الأخيرة تمارس أعمالا شبه عسكرية، إلى جانب إدارتها مركز معلومات مكافحة الإرهاب ومكتب آخر استحدث لمكافحة عمليات القرصنة الإلكترونية، إلى جانب القيام بعمليات اختراق مضادة.



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.