تونس تمدد الطوارئ شهرًا وتتجه لإعلان مناطق منكوبة

إيطاليا تؤكد دعمها للنظام التونسي حفاظاً على نهجه الديمقراطي

وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي مستقبلاً نظيره الإيطالي أنجيلينو ألفانو في قصر قرطاج بتونس العاصمة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي مستقبلاً نظيره الإيطالي أنجيلينو ألفانو في قصر قرطاج بتونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تونس تمدد الطوارئ شهرًا وتتجه لإعلان مناطق منكوبة

وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي مستقبلاً نظيره الإيطالي أنجيلينو ألفانو في قصر قرطاج بتونس العاصمة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي مستقبلاً نظيره الإيطالي أنجيلينو ألفانو في قصر قرطاج بتونس العاصمة (أ.ف.ب)

أعلنت الرئاسة التونسية، أمس، التمديد شهرا إضافيا في حالة الطوارئ، التي فرضتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، إثر اعتداء انتحاري قتل فيه 12 من عناصر الأمن الرئاسي.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان، إنه «بعد استشارة رئيس الحكومة، ورئيس مجلس نواب الشعب حول المسائل المتعلقة بالأمن القومي، وبخاصّة الأوضاع على الحدود وفي المنطقة، قرر رئيس الجمهورية الإعلان مجددا عن حالة الطوارئ لمدة شهر، ابتداء من 17 يناير (كانون الثاني) 2017».
وفي 24 من نوفمبر عام 2015، قُتل 12 شخصا، وأصيب 20 من عناصر الأمن الرئاسي، في هجوم انتحاري على حافلتهم وسط العاصمة تونس، تبناه تنظيم داعش المتطرف. وفرضت الرئاسة حالة الطوارئ لمدة 30 يوما، اعتبارا من 24 نوفمبر 2015، ثم مددت العمل بها مرات عدة لفترات تراوحت بين شهر و3 أشهر.
وتتيح حالة الطوارئ للسلطات حظر تجول الأفراد والسيارات ومنع الإضرابات العمالية، وفرض الإقامة الجبرية، وحظر الاجتماعات، وتفتيش المحلات ليلا ونهارا، ومراقبة الصحافة والمنشورات، والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، من دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء.
ومنذ الإطاحة مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي، تصاعدت في تونس هجمات جماعات متطرفة، قتلت حتى الآن أكثر من مائة عنصر من عناصر الأمن والجيش، ونحو 20 مدنيا و59 سائحا أجنبيا.
من جهة ثانية، أعلن وزير تونسي أمس أن الحكومة تستعد لإعلان مناطق منكوبة غرب البلاد وحالة الطوارئ فيها، عقب موجات البرد والثلوج القاسية.
وصرح المهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، ردا على أسئلة وسائل الإعلام المحلية أمس، بأن «الحكومة بصدد إعداد مشروع قانون طوارئ للإعلان عن مناطق منكوبة وإقرار حالة طوارئ فيها»، موضحا أن الحكومة تعمل على وضع مخططات واعتمادات خاصة لتلك المناطق، وإجراءات لإنقاذها من الأزمات.
وتساقطت الثلوج بكميات كبيرة في مدن الشمال الغربي منذ نحو أسبوع، ما أدى إلى انقطاع الطرق وتعطل حركة السير، وعزل كثير من المناطق في ظل نقص التموين ووسائل التدفئة. وتضررت ولايات جندوبة والكاف وباجة وسليانة والقصرين من العواصف الثلجية، بينما فاق ارتفاع الثلوج في عدد من الجهات المتر.
وأخفت المشاهد الثلجية الرائعة، التي اجتذبت آلاف السياح، أزمة حقيقية في الجهة، ونقصا حادا في البنية التحتية والتجهيزات، ما فجر احتجاجات الأهالي، وهي احتجاجات تتكرر كل عام تقريبا، بسبب موجات البرد وتأخر السلطة المركزية في تحسين البنية التحتية في الجهة.
وبحسب أرقام حكومية، تمكنت وحدات الحماية المدنية والجيش والأمن يومي الأحد والاثنين الماضيين، من إجلاء 1300 سيارة، و5800 مواطن، بينهم أطفال عالقون، وإيواء 2000 شخص في مدينة عين دراهم التابعة لولاية جندوبة.
وعلى صعيد غير متصل، أكد وزير الشؤون الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، التزام بلاده تقديم الدعم اللازم لتونس للحفاظ على نهجها الديمقراطي بقوله: «ديمقراطيتكم كنز لا بد من حمايته».
وصرح وزير الخارجية الإيطالي، عقب لقائه بالرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، أمس بقصر قرطاج، بأن تونس تخوض معركة للمحافظة على ديمقراطيتها الناشئة، وحربا ضد الإرهاب، الذي يمثل تهديدا للانتقال الديمقراطي، مشيرا إلى عزم إيطاليا توطيد علاقات الصداقة مع تونس، التي اعتبرها أساس كل تعاون، بحسب وكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات). وحول الزيارة الرسمية التي سوف يقوم بها السبسي إلى إيطاليا يومي 8 و9 فبراير (شباط) المقبل، أكد وزير الشؤون الخارجية على أهمية هذه الزيارة «التي ستساهم في إحداث نقلة نوعية في العلاقات التونسية - الإيطالية والتعاون الثنائي».
من جانبه، أكّد الرئيس السبسي على أهمية ومتانة العلاقات التاريخية التي تجمع تونس وإيطاليا، معربا عن ثقته في أن تواصل إيطاليا دعم تونس والوقوف إلى جانبها لرفع التحديات الأمنية، ودفع نسق التنمية الاقتصادية، سواء على المستوى الثنائي، أو في إطار الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية السبع، التي ستترأسها إيطاليا خلال السنة الحالية، بحسب بيان للرئاسة التونسية.
كما تمّ التطرق، خلال هذا اللقاء، إلى المسائل ذات الاهتمام المشترك على غرار مقاومة الإرهاب والتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، وسبل إيجاد حل سياسي توافقي وشامل يُعجّل بإنهاء الأزمة الليبية، وفق البيان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.