إسرائيل تواصل هجومها على باريس وترفض مؤتمرها وتعدّه عبثيًا

نتنياهو يتهمها بالتنسيق مع الفلسطينيين لفرض شروط لا تناسب تل أبيب

إسرائيل تواصل هجومها على باريس  وترفض مؤتمرها وتعدّه عبثيًا
TT

إسرائيل تواصل هجومها على باريس وترفض مؤتمرها وتعدّه عبثيًا

إسرائيل تواصل هجومها على باريس  وترفض مؤتمرها وتعدّه عبثيًا

رفضت إسرائيل مؤتمر باريس جملة وتفصيلاً، وواصلت هجومها على فرنسا ورئيسها، وأعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أن «هذا المؤتمر عبثي، جرى تنسيقه بين الفرنسيين والفلسطينيين بهدف فرض شروط على إسرائيل لا تتناسب مع احتياجاتنا الوطنية».
وقال نتنياهو، في مستهل جلسة حكومته العادية، إن «هذا المؤتمر يبعد السلام أكثر عنّا لأنه يجعل المواقف الفلسطينية أكثر تشددًا، ويبعد الفلسطينيين أكثر عن إجراء مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة. يجب عليّ أن أقول إن هذا المؤتمر هو عبارة عن الرجفات الأخيرة لعالم الأمس. الغد سيكون مختلفًا تمامًا، وهو قريب جدًا». وقصد بذلك، وفقًا لما قاله آفي بزنير، الدبلوماسي المقرب من نتنياهو، أن عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سيحدث تغييرًا جوهريًا في الموقف الدولي، وربما سيأتي بتغيير مماثل في فرنسا نفسها في الانتخابات المقبلة.
كان مسؤول إسرائيلي رفيع قد صرح لصحيفة «يسرائيل هيوم»، أمس، بأن مؤتمر باريس لن يلزم إسرائيل بشيء، موضحًا: «إنه مؤتمر زائد، مؤتمر زائف، لا يصنع السلام هكذا؛ المؤتمرات الدولية والقرارات في الأمم المتحدة تبعد السلام فقط لأنها تشجع الفلسطينيين على مواصلة رفض التفاوض مع إسرائيل الذي يعتبر الطريق الوحيدة للتوصل إلى السلام، كما تم مع مصر والأردن. إذا كانت الدول المجتمعة في باريس تريد حقًا دفع السلام، يجب عليها الضغط على أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) كي يتجاوب مع دعوة نتنياهو للتفاوض المباشر». وشن ناطقون بلسان معسكر اليمين حملة شرسة ضد الرئيس الفرنسي، هولاند، واتهموه بتنظيم مؤتمر منافق للمسلمين الفرنسيين تمهيدًا للانتخابات المقبلة.
وفي السياق، خرج أحد رجالات نتنياهو في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، النائب من حزب الليكود يوآب كاش، بخطة سياسية ينوي مناقشتها داخل مؤسسات حزبه. وترفض هذه الخطة حتى الخط الذي حدده نتنياهو، وهو أن حل الصراع يقوم على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وقال كاش إنه طلب من نتنياهو الاستماع إلى شرح عن الخطة، فقال له: «تحدث معي عن هذا بعد 20 يناير (كانون الثاني)، بعدما يتسلم ترامب مقاليد الرئاسة الأميركية».
وترفض خطة كاش إقامة دولة فلسطينية، وتدعو إلى إلغاء اتفاقيات أوسلو. وحسب الخطة، يجري تفكيك السلطة الفلسطينية، وبدلاً من دولة يحصل الفلسطينيون على حكم ذاتي على 40 في المائة من أراضي الضفة، من دون أية مسؤولية أمنية، لكنهم يديرون حياتهم في مجالات الصحة والعمل والتجارة والأموال والزراعة والتعليم والمواصلات وما شابه. ويجري ربط المدن، ذات الحكم الذاتي، بطرق المواصلات التي يسمح بالسفر المشترك عليها، أما بقية المناطق، فتضم إلى إسرائيل، ويمكن للفلسطينيين الذين يقيمون فيها الاختيار بين المواطنة الإسرائيلية أو الفلسطينية. وفي موضوع المستوطنات، تبقى في أماكنها، كما لا يجري استيعاب لاجئين فلسطينيين، لا في مناطق الحكم الذاتي ولا في إسرائيل، ويجري إلغاء مكانة اللاجئ.
وفي موضوع القدس، تقترح الخطة بقاء المدينة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، بينما يجري فصل الأحياء العربية الواقعة خارج الجدار الفاصل عنها، وتحويلها إلى سلطات محلية مستقلة في إسرائيل. ومن أجل عدم تقليص مساحة القدس، يجري ضم 6 آلاف دونم إليها، تشمل قبر راحيل في الجنوب (من نفوذ مدينة بيت لحم)، وقبر النبي صموئيل في الشمال. وقال كاش إن «الخطة هي خطوة إسرائيلية من جانب واحد، ويمنع تكرار الحديث عن إقامة دولة فلسطينية». وحسب أقواله، يمكن للسلطة الفلسطينية أن تنهار مع موت أبو مازن، ويجب أن يكون على الأرض واقع بديل نطرحه.
بالمقابل، أطلقت 250 شخصية عسكرية وأمنية كبيرة سابقة حملة شعبية ضد سياسة نتنياهو، بقيادة رئيس الموساد الأسبق شبتاي شبيط، ورئيس أركان الجيش الأسبق دان حالوتس، والقائد العام الأسبق للشرطة إساف حيفتس، يطالبون فيها «بالانفصال عن الفلسطينيين - الآن». وفي إطار هذه الحملة التي أطلقتها حركة «قادة من أجل أمن إسرائيل»، صباح الأحد، عشية انعقاد مؤتمر باريس، نشرت لافتات ضخمة على شوارع البلاد، وإعلانات في الصحف، تتضمن صور متظاهرين فلسطينيين يرفعون العلم الفلسطيني، كتب عليها باللغة العربية: «قريبًا سنكون الأغلبية».
وقد أثارت هذه الحملة حفيظة المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، وقال النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، إن «هذه الحملة، حتى لو كانت أهدافها دفع عملية السلام، فإنها تستخدم أدوات عنصرية تخيف اليهود من العرب، وتحقق عكس المراد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.