الرئيس المصري يصدر قانونا يقيد حق الطعن على عقود الدولة لطمأنة المستثمرين

إجراءات لتنشيط الاقتصاد تشمل التنقيب عن النفط وسداد مستحقات متأخرة لشركات بترول

جانب من البورصة المصرية (رويترز)
جانب من البورصة المصرية (رويترز)
TT

الرئيس المصري يصدر قانونا يقيد حق الطعن على عقود الدولة لطمأنة المستثمرين

جانب من البورصة المصرية (رويترز)
جانب من البورصة المصرية (رويترز)

اتخذت مصر أمس خطوة تشريعية من شأنها أن تغلق واحدا من أكثر الأبواب المثيرة لقلق المستثمرين في البلاد، وتتعلق بمنع رفع الدعاوى القضائية، من غير ذوي الصفة، على العقود التي تبرمها الحكومة مع أطراف أخرى. وتسببت البنود القانونية، التي أعلنت مصر إلغاءها بقرار جمهوري، في خسائر مالية تقدر بمليارات الجنيهات (الدولار يساوي نحو سبعة جنيهات)، للحكومة ورجال أعمال مصريين وعرب.
وقالت مصادر في الحكومة المصرية إن قرار منصور يأتي ضمن حزمة من الإجراءات التي تتخذها مؤسسات الدولة للإسراع في تنشيط الاقتصاد الذي يواجه صعوبات كبيرة، وإن من بين هذه الإجراءات التعاقد للتنقيب عن النفط في الصحراء الغربية، والجنوب، وخليج السويس (شرق)، مع شركات بترول، إضافة إلى سداد نحو مليار دولار من الأموال المستحقة لشركات نفط أجنبية قبل نهاية السنة المالية الحالية في الأول من يوليو (تموز)، إلى جانب تنفيذ مبادرة البنك المركزي لتنشيط قطاع التمويل العقاري لمنخفضي ومتوسطي الدخل.
وشهدت السنوات العشر الأخيرة، وبشكل متزايد، إلغاء الكثير من تعاقدات البيع والشراء التي كانت الحكومة طرفا فيها مع رجال أعمال ومؤسسات خاصة، لوجود بنود قانونية تعطي حق الطعن عليها أمام القضاء، لأشخاص ليست لهم صفة وليسوا أطرافا في تلك التعاقدات، مما أدى إلى قلق مستثمرين محليين وأجانب، خاصة بعد وقف أو فسخ تعاقدات ضخمة، خاصة في السنوات الخمس الأخيرة، كان من بينها عقود تخص الاستثمار الزراعي والصناعي والتجاري.
ومن المعروف أن محاكم مصرية أصدرت، منذ تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن سلطاته في عام 2011، نحو 13 حكما تأمر فيها الدولة بإلغاء عقود وقعتها حكومات سابقة، بناء على دعاوى قضائية أقامها نشطاء أو محامون يزعمون فيها وجود شبهة فساد في عدد من تلك العقود، رغم أنه لا صفة مباشرة لهم فيها.
وأصدر الرئيس المؤقت، المستشار عدلي منصور، قرارا بقانون الليلة قبل الماضية، يقصر الحق في الطعن، ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها، على أطراف التعاقد دون غيرهم. وقال بيان للرئاسة، تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه الليلة قبل الماضية، إن القانون يهدف إلى تعزيز مناخ الأعمال في البلاد.
وقال بيان الرئاسة إن القرار نص في مادته الأولى على أنه «مع عدم الإخلال بحق التقاضي لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل التعاقد، يكون الطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات والمؤسسات العامة، والشركات التي تمتلكها الدولة أو تساهم فيها، أو الطعن بإلغاء القرارات أو الإجراءات التي أبرمت هذه العقود استنادا لها، وكذلك قرارات تخصيص العقارات؛ من أطراف التعاقد دون غيرهم، وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة طرفي العقد أو أحدهما في جريمة من جرائم المال العام المنصوص عليها في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان العقد قد تم إبرامه بناء على تلك الجريمة».
كما نص القرار في مادته الثانية على أنه «مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية الباتة، تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعاوى أو الطعون المتعلقة بالمنازعات المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون والمقامة أمامها، بغير الطريق الذي حددته هذه المادة بما في ذلك الدعاوى والطعون المقامة قبل تاريخ العمل بهذا القانون».
وكانت الحكومة وافقت، في وقت سابق من هذا الشهر، على مسودة للقانون الذي أصدره منصور أخيرا، بعد تلقيها اقتراحا بهذا المضمون من وزارة التجارة والصناعة والاستثمار، وقالت مصادر الحكومة في ذلك الوقت إنها تهدف من وراء القانون إلى طمأنة المستثمرين وتعزيز مناخ الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي بشكل عام.
وقال بيان الرئاسة إن القرار بقانون الذي أصدره الرئيس يراعي «التوازن بين الكثير من الاعتبارات المهمة، وفي مقدمتها الحفاظ على استقرار العقود وما ينتج عنها من روابط عقدية كثيرة، وبين اعتبارات حماية المال العام وحماية أصحاب الحقوق الشخصية والعينية التي تتعلق بمحل التعاقد».
على صعيد متصل، صرح السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بأن الرئيس منصور أصدر أيضا ثلاثة قرارات بقوانين للترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع شركة «جنوب الوادي القابضة للبترول» وكل من شركة «فيجا بتروليم ليمتد» للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة شرق جبل الزيت بخليج السويس، وشركة «دانا بتروليم نورث زيت باي (إل تي دي)» للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة جنوب وادي دارا بالصحراء الشرقية، وشركة «دراجون أويل إيجيبت ألفا ليمتد» للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة شرق خليج الزيت بخليج السويس.
وأشار إلى أن الرئيس أصدر كذلك قرارا بقانون للترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية بالتعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة «أباتشي غرب كلابشة كوربوريشن آل دي سي» لتعديل اتفاقية الالتزام الصادرة بموجب القانون رقم 19 لعام 2005 للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة غرب كلابشة بالصحراء الغربية.
يشار إلى أن شركة «أباتشي غرب كلابشة كوربوريشن إل دي سي» كانت قد تقدمت إلى الهيئة المصرية العامة للبترول بعرض لتعديل اتفاقية الالتزام للبحث عن البترول واستغلاله الصادرة بموجب القانون رقم 19 لعام 2005 في منطقة غرب كلابشة بالصحراء الغربية، وهو التعديل الذي وافقت عليه الهيئة المصرية العامة للبترول. وأعلن المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، أن مصر يصلها معونات بترولية من الدول العربية تقدر بنحو 700 مليون دولار شهريا، مشيرا إلى أن من بين الدول التي تبعث لمصر بتلك المعونات السعودية والإمارات والكويت. وأوضح الوزير في مداخلة هاتفية مع برنامج «هنا العاصمة» على قناة «سي بي سي» الليلة قبل الماضية، أنه سيجري خلال الشهرين المقبلين تسديد دفعة جديدة من مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مجال البترول تقدر بنحو مليار دولار.
وكانت الحكومة عقدت الليلة قبل الماضية اجتماعا برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، شارك فيه محافظ البنك المركزي. ووجه محلب بتسريع وتيرة حل المشكلات العالقة مع المستثمرين والوصول لتسويات تحفظ حقوق الدولة وتحافظ في الوقت نفسه على مصلحة المستثمرين، من خلال لجنة تسوية منازعات عقود الاستثمار، واللجنة العليا الوزارية لفض منازعات الاستثمار، واللجنة العليا لدراسة وتقييم الرأي في شأن قضايا التحكيم الدولي، وذلك من أجل تحسين البيئة الاستثمارية بما ينعكس على رفع الطاقات الإنتاجية وزيادة فرص العمل والتشغيل.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.