«لا كانتين دو فوبور».. باريس العصرية في طبق

يجمع الفن والنكهة تحت سماء دبي

جلسات خاصة وديكور رائع - أطباق تعتمد على المنتج الجيد
جلسات خاصة وديكور رائع - أطباق تعتمد على المنتج الجيد
TT

«لا كانتين دو فوبور».. باريس العصرية في طبق

جلسات خاصة وديكور رائع - أطباق تعتمد على المنتج الجيد
جلسات خاصة وديكور رائع - أطباق تعتمد على المنتج الجيد

إذا أردنا إطلاق لقب على مطعم «لا كانتين دو فوبور» La Cantine Du Faubourg بفرعه في دبي، فقد يكون «مطعم كامل الأوصاف»، لأنه يستحق اللقب بجدارة، إذ نجح في تطبيق مفهوم المطعم الذي بدأ من باريس والذي يرتكز على مزج الفن مع الطعام والنكهة وتخليص الفرنسيين من شبح خبز الباغيت وجبن البري، ليُعرف العالم على الباريسيين المنفتحين على المطابخ الأخرى من دون التخلي عن عراقة مطبخهم. ونقول إن المطعم كامل الأوصاف لأنه بالفعل اعتنى بشتى التفاصيل بدءًا من الديكورات الرائعة التي لا تشبه سواها وانتهاءً بالمنتجات الطازجة والنكهات التي تتنافس عليها الأطباق التي يحضرها الشيف الفرنسي الموهوب غيل بوسكيه الذي يعشق الطبخ وصقل موهبته من خلال السفر والتعرف على ثقافات أخرى وصهرها في قالب من العصرية.
يقع «لا كانتين دو فوبور» في فندق «إمارات تاورز» ولكن له مدخل مستقل، تصل إليه عبر سلم عريض يأخذك في زقاق تضيئه الشموع لتصل إلى مطعم واسع جدًا وحديقة خارجية مطلة على أبنية الوسط المالي العملاقة في دبي، الديكور يغلب عليه اللون الأحمر، وتميز أثاثه الكراسي المريحة التي صممت خصيصًا له، وهناك صفة رائعة تشدد على الخصوصية، فهناك طاولة تتسع لأكثر من 17 شخصًا مخصصة للحفلات الخاصة تقبع وراء ستائر ناعمة بيضاء لتضفي خصوصية مطلقة، مع إمكانية حجز طاولات لشخصين أو أكثر وراء ستائر مماثلة.
المطعم يتمتع بنمط مميز، جميع موظفيه فرنسيون فتشعر للحظة كأنك في الفرع الأول للمطعم الواقع في شارع سانت أونوريه في باريس، الخدمة رائعة، الموسيقى تصدح داخل المكان وخارجه، والتراس مدفأ لكي يتمكن الذواقة من الجلوس في الخارج في هذه الفترة الباردة نسبيًا فترة المساء في الإمارات.
الأطباق وبحسب الشيف بوسكيه تعتمد على المنتج الجيد قبل كل شيء، ففلسفة المطعم هي تقديم الأفضل، أما بالنسبة للأطباق فهي ليست فرنسية بحته إنما تندرج في إطار الأناقة الفرنسية في قالب عصري يرضي جميع الأذواق.
الطبق الأشهر على قائمة الطعام هو «واغو شورت ريب» والمعروف عن هذا اللحم أنه من بين أغلى أنواع اللحوم في العالم، فهو يذوب في الفم فلا تسمع من الذين تذوقوه في المطعم إلا عبارة «كم هو رائع» وبالفعل إنه رائع.
تذوقنا عدة أطباق وجذبتنا الأطباق المستوحاة من المطبخ البيروفي الذي يرتكز على الأسماك التي تطهى من خلال نقعها بالليمون وليس بالنار، ومن الممكن تذوق عدة أطباق «سيفيتشي» لأنواع مختلفة من الأسماك.
أما البيتزا بالكمأة فهي رائعة فعلا، لأن العجينة طازجة والمكونات التي تغطيها بسيطة ولكنها لذيذة جدًا.
ولمحبي الأسماك المطبوخة أنصحهم بسمك السي باس الذي يطهى داخل كيس من البلاستيك ليبقى كل المذاق والنكهة داخله، يضعه النادل على الطاولة ويقصه أمام الزبون لتخرج منه الصلصة بعطره الفواح، ويقدم السمك مع البطاطس المهروسة.
الأطباق اللذيذة لا تحصى ولا تعد ونكهاتها لا تشبه بعضها البعض وهذا هو سر نجاح المطعم لأنه مصمم ليكون مرتعًا لجميع الذواقة.
ويقول الشيف بوسكيه لـ«الشرق الأوسط» إن هدفه هو خلق «أطباق جديدة ولكن غير غريبة»، لأنه من المهم جدًا مراعاة ذائقة الزبون، فهو مع المطبخ الجزيئي ولكن إلى درجة معينة فلا يجوز خلط الحابل بالنابل، فهناك نكهات من مطابخ مختلفة يمكن أن تتناغم مع بعضها البعض في حين أن هناك نكهات من الصعب استخدامها خارج إطار استخدامها التقليدي.
ومن الضروري التركيز على اللوحات الفنية المنتشرة في المطعم والتي تتغير بين فترة وأخرى لأن المطعم يقدم فرصة الانتشار للفنانين من خلال عرض أعمالهم وفتح المجال أمام الزبائن لشرائها. وحاليًا تعرض أعمال الفنان كوكيان، ويقول صاحب المطعم بفرعه في دبي رضوان قاسم إن الاختيار وقع على كوكيان لأنه الفنان الأول الذي عرضت أعماله منذ أكثر من 15 عامًا في المطعم بفرعه الباريسي الأول.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.