«موديز» تدفع 864 مليون دولار لتسوية قضية فشل تقييمات الأزمة المالية

وزارة العدل الأميركية: الشركة لم تلتزم بالشفافية ومعايير التصنيف الائتماني

«موديز» تدفع 864 مليون دولار لتسوية قضية فشل تقييمات الأزمة المالية
TT

«موديز» تدفع 864 مليون دولار لتسوية قضية فشل تقييمات الأزمة المالية

«موديز» تدفع 864 مليون دولار لتسوية قضية فشل تقييمات الأزمة المالية

قالت وزارة العدل الأميركية مساء أول من أمس الجمعة إن مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني ستدفع 864 مليون دولار كجزء من تسوية لحسم الاتهامات المتعلقة بالتصنيفات الائتمانية الصادرة في الفترة التي سبقت الأزمة المالية عام 2008.
وقال بيل باير، النائب الأول للمدعى العام، في بيان صحافي صادر عن وزارة العدل إن «موديز فشلت في الالتزام بمعايير التصنيف الائتماني الخاصة بها، وفشلت في الوفاء بتعهدها بالشفافية في الفترة التي سبقت الركود الكبير».
وفي بيان صحافي، قالت «موديز» إن التسوية «لا تحتوي على أدلة على أي انتهاك للقانون، ولا أي قبول للمسؤولية»، وأضافت وكالة التصنيف في بيانها: «بعد دراسة متأنية، قررت موديز أن الاتفاق الذي يزيل المخاطر القانونية ويتجنب التكاليف وعدم اليقين المرتبطين باستمرار التحقيقات والتقاضي، هو في مصلحة الشركة ومساهميها».
ولا تغيب اتهامات غياب الشفافية عن مؤسسات التصنيف الدولية أبدًا، فخلال الأسبوع الماضي أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الدولي أن تركيا بحاجة إلى تدفق عملات أجنبية من الخارج، وأن هناك احتمالاً بأن تُقدم على خفض درجة تصنيف تركيا الائتماني خلال الأيام المقبلة. من المقرر أن تعلن «فيتش» تقريرها حول الاقتصاد التركي في السابع والعشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي وسط حالة من الترقب في الأوساط الاقتصادية في تركيا في ظل التذبذب الحاصل في سعر الليرة التركية أمام الدولار واليورو، واستمرار خسائرها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في البلاد في منتصف يوليو (تموز) الماضي.
ولكن وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي قال في تصريحات أول من أمس الجمعة إن المرحلة المقبلة ستشهد عودة الليرة التركية إلى مسارها الطبيعي بعد فشل ما أسماه بـ«حركة التقلبات والمضاربات»، مؤكدًا أنه لا يوجد أي سبب يمنع تحقيق ذلك. وأكد زيبكجي أن البنك المركزي التركي لديه القدرة على اتخاذ إجراءات ضد نهج المضاربة الذي تتعرض له تركيا. وقال إن هناك أدوات قوية يمكن استخدامها، ونعتقد أن هذه الإجراءات لن تشكل خطرًا على تركيا. وكانت وكالة التصنيف الائتماني الدولية موديز حذرت في تقرير، الثلاثاء الماضي، من تزايد المخاطر المحلية والجيوسياسية، وتصاعد الهجمات الإرهابية في تركيا خلال الشهور الأخيرة على الوضع الاقتصادي، وخفضت «موديز» تصنيفها الائتماني لتركيا إلى درجة Ba1.
لكن رئيس هيئة مراقبة وتنظيم القطاع المصرفي بتركيا محمد علي أكبن أكد أن قطاع البنوك في تركيا لا يشكو من تدهور كبير ولا يعاني مشكلات في تحصيل مستحقاته، على عكس ما يتم الترويج له في الخارج في، إشارة إلى تقرير «موديز».
واعتبر نائب رئيس الوزراء التركي لشؤون التجارة والجمارك نور الدين جانيكلي أن التقييم الأخير لوكالة موديز بشأن القطاع المصرفي التركي «لا يقوم على أساس منطقي، بالتالي غير موضوعي، ويكاد يكون بمثابة هجوم».
وفي عام 2012 قالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية إن وكالات التصنيف الائتماني العالمية تتحمل مسؤولية كبيرة تحتم عليها عدم تضخيم أزمة الديون الأوروبية في ذلك الوقت.
وقالت شينخوا التي تعبر عادة عن وجهة نظر الحكومة الصينية إن قرار «ستاندرد آند بورز» خفض تصنيف تسع دول بمنطقة اليورو من بينها فرنسا في مطلع 2012، هو قرار مشروع لكنها شككت في التوقيت قائلة إن هناك علامات على انحسار الأزمة. وقالت شينخوا: «خطوة خفض التصنيف من جانب ستاندرد آند بورز وإن انطوت على بعض بواعث القلق المشروعة إلا أنها تجدد الشكوك أيضًا بشأن مصداقية وكالات التصنيف»، وأضافت: «في وقت تظهر فيه الأزمة بوادر انحسار فإن خفض التصنيفات واسع النطاق الذي قامت به ستاندرد آند بورز يثقل كاهل السوق من جديد وينال من ثقة المستثمرين».
وقالت شينخوا: «مع القوة تأتي المسؤولية، وفي هذا السياق ينبغي على وكالات التصنيف أن تستخدم قوتها بحذر لتجنب أن تصبح عنصر تضخيم يبعث على الشؤم لأزمة الديون السيادية الحالية في أوروبا»، مضيفة: «على وكالات التصنيف أن تتحلى بالموضوعية والمهنية في تحليل أوضاع السوق، وعلى المستثمرين أن يقللوا من اعتمادهم على الوكالات ويصدروا أحكامهم بأنفسهم»، مشيرة إلى أن فشل وكالات التصنيف في تقييم مخاطر المنتجات المالية قد ساهم في الأزمة المالية لعام 2008.
تاريخ الأزمة: وتعرضت وكالات التصنيف الائتماني لجملة من الانتقادات بعد أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2007 والأزمة المالية العالمية التي أعقبتها في 2008، فقد تحدث البعض عن مسؤوليتها المباشرة في تفاقم هذه الأزمة بسبب تضليلها للمستثمرين عبر منح درجات عالية (AAA) لمنتجات مالية ذات جودة رديئة ونسبة مخاطرة عالية. وقد أدت هذه التصنيفات إلى كسب ثقة المستثمرين، أفرادًا ومؤسسات (بنوك، صناديق استثمارية، صناديق التقاعد)، في هذه المنتجات وجذبهم إليها مع أن نسبة المخاطرة بالاستثمار فيها كانت عالية. وسمح الإقبال على تلك المنتجات بتوزيع مزيد من الرهون العقارية الرديئة على أشخاص لا يتوفرون على ملاءة ائتمانية جيدة، ذلك لأن البنوك كانت تعلم أنها لن تضطر إلى تحمل مخاطر هذه القروض طويلاً، ويكفي تحويلها إلى سندات وبيعها في الأسواق المالية للتخلص منها.
أسهم كل هذا في خلق فقاعة عقارية، ما لبثت أن انتهى بها المطاف إلى الانفجار في صيف 2007 حيث تكاثر عدد العاجزين عن السداد، ثم تحول الأمر إلى أزمة مالية مع ظهور حقيقة الأصول التي اشتراها المستثمرون من قبل إلى العلن وتهافتهم على بيعها، مما أدى إلى انهيار أسعارها في الأسواق، وإفلاس الكثير من المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وخارجها.
وقد أشار التقرير الذي أعدته لجنة تقصي حقائق بمجلس الشيوخ الأميركي برئاسة السيناتور الديمقراطي كارل ليفين، وتم نشره في 22 أبريل (نيسان) 2010، إلى مسؤولية وكالات التصنيف الائتماني في الأزمة، كما صرح هذا التقرير بأن جودة التصنيفات الائتمانية تأثرت بجري هذه الوكالات وراء المزيد من الأرباح وتطلعها إلى تعزيز حصصها من السوق.
كما ارتفعت عدة أصوات في الصين منتقدة أداء وكالات التصنيف الائتماني الأميركية، ومتهمة إياها بمسؤوليتها في تفاقم الأزمة المالية، فقد قال وان جيانزونغ، رئيس الوكالة الصينية للتصنيف الائتماني «داغونغ» - على صفحات جريدة «فايننشل تايمز» في 22 يوليو 2010 - إن وكالات التصنيف الأميركية «لم تحذر الأسواق بشأن المخاطر بشكل صحيح، ودفعت بذلك المنظومة المالية الأميركية برمتها إلى حافة الانهيار». وذهب بعيدًا في اتهاماته، حيث قال إن «وكالات التصنيف الغربية مُسيسة وواقعة تحت تأثير الآيديولوجيا بشكل كبير، وأنها لا تعتمد معايير موضوعية». وقد شعرت السلطات السياسية في بكين بالامتعاض من هيمنة وكالات التصنيف الغربية على السوق العالمية للتصنيف الائتماني، وتوظيفها لأغراض سياسية بعيدًا عن الموضوعية المطلوبة في عملها، فدفعت بالوكالة الصينية المتخصصة في هذا المجال والتي تحمل اسم «داغونغ العالمية للتصنيف الائتماني» (أُنشئت سنة 1994) إلى تبوء مكانة أكبر في سوق التصنيف، وخصوصًا تصنيف الديون السيادية، ومنافسة مثيلاتها الغربية. هذا كما شغلت وكالات التصنيف الائتماني حيزًا ضمن اهتمامات مجموعة العشرين وقممها التي انعقدت بعد الأزمة المالية العالمية، وركزت على ضرورة سن المزيد من القوانين من أجل ضبط عمل هذه الوكالات وتشديد الرقابة عليها. وقد تبنى البرلمان الأوروبي في هذا الإطار قانونًا في 2009، يفرض الكثير من الالتزامات على الوكالات الراغبة في أن يتم اعتماد تصنيفاتها داخل دول الاتحاد. وشدد هذا القانون على ضرورة استقلالية وكالات التصنيف الائتماني عن المؤسسات التي تلجأ إلى خدماتها من أجل ضمان موضوعية التصنيفات وحمايتها من أي تضارب للمصالح، وجملة أخرى من الالتزامات. وتبنى الكونغرس الأميركي تعديلاً في 2010 يعيد مساءلة مبدأ عدم مسؤولية وكالات التصنيف إزاء التصنيفات الصادرة عنها باعتبارها آراء، مما يُفترض أنه سيؤدي إلى شعورها بالمسؤولية خوفًا من العواقب القانونية.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».