واشنطن تنشر قوة مدرعة في بولندا... وموسكو تمارس «ضبط النفس»

روسيا رأت فيها ممارسات تقوض أمن واستقرار أوروبا

واشنطن تنشر قوة مدرعة في بولندا... وموسكو تمارس «ضبط النفس»
TT

واشنطن تنشر قوة مدرعة في بولندا... وموسكو تمارس «ضبط النفس»

واشنطن تنشر قوة مدرعة في بولندا... وموسكو تمارس «ضبط النفس»

في الوقت الذي تعد موسكو فيه الساعات في انتظار دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وكلها أمل بأن يلتزم بتعهداته بشأن تحسين العلاقات بين البلدين، وصلت قوة مدرعة من 3000 جندي أميركي إلى بولندا. وأثارت هذه الخطوة حفيظة الكرملين، واعتبر ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، أن نشر تلك القوات يشكل تهديدًا لأمن روسيا. وقال في تصريحات يوم أمس، إن «هذا العمل يهدد مصالحنا وأمننا، لا سيما عندما يدور الحديث عن تعزيز دولة ثالثة لتواجدها العسكري قرب حدودنا في أوروبا»، ويقصد الولايات المتحدة التي قال إنها «دولة غير أوروبية». وأشار المتحدث باسم الكرملين إلى أن «أي بلد ستنظر بسلبية إلى تعزيز التواجد العسكري الأجنبي عند حدودها». من جهته، رأى أليكسي ميشكوف مساعد وزير الخارجية الروسي، أن عملية النشر «المتسرعة» هذه التي تقوم بها إدارة أوباما تبدو «عاملا لزعزعة استقرار الأمن الأوروبي».
وكانت قافلة كبيرة من الآليات المدرعة الأميركية قد دخلت أمس إلى بولندا، في واحدة من أكبر عمليات انتشار القوات الأميركية في أوروبا منذ الحرب الباردة. والقافلة جزء من أول عملية نقل لجنود أميركيين ومعدات عسكرية ثقيلة وصلت إلى أوروبا، في إطار عملية «أتلانتيك ريزولف» التي أقرها الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما. ويهدف وجود هذه الوحدة بالتناوب في بولندا ودول البلطيق والمجر ورومانيا وبلغاريا، إلى تعزيز أمن المنطقة القلقة من تصرفات موسكو. ويقع مقر قيادة هذه الوحدة الأميركية في زاغان في غرب بولندا، حيث سيقام احتفال رسمي السبت. وتتألف الكتيبة التي وصلت بولندا من نحو 3500 جندي و87 دبابة إبرامز، وأكثر من 500 آلية مدرعة لنقل الجنود. وقال ميشال بارانوفسكي مدير «صندوق مارشال الألماني» في وارسو، إن هذا الوجود «غير مسبوق في بولندا منذ انتهاء الحرب الباردة». وأضاف في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «هذا يغير المعطيات على الخاصرة الشرقية للحلف الأطلسي».
ومع أن خطة نشر تلك القوات العسكرية تم اعتمادها خلال قمة حلف شمال الأطلسي في وارسو صيف عام 2016، فإن تنفيذها قبل أسبوع من دخول ترامب البيت الأبيض، دفع مراقبين إلى اعتبارها خطوة تهدف إلى طمأنة بولندا ودول أخرى في المنطقة بشأن السياسة الأميركية في هذا الجزء من أوروبا. وقد يشكل مصدر اطمئنان أيضا بشأن إنجاز إجراءات تعزيز وجود الحلف على أراضيها. وكان ترامب قد قلل من أهمية مبدأ التضامن بين الدول الأعضاء في الحلف، في حال التعرض لهجوم من الخارج، ما أثار قلق حلفاء أميركا الأوروبيين، لا سيما بولندا ودول البلطيق، بشأن إنجاز إجراءات تعزيز وجود الحلف على أراضيها الذي تقرر خلال قمة الحلف في وارسو، صيف العام الماضي.
وبينما تحاول روسيا في هذه المرحلة الانتقالية في الولايات المتحدة، والتي تبدو «انتقالية» للعلاقات بين موسكو وواشنطن، ضبط النفس وعدم الرد بصورة استفزازية، فإنها كانت قد ردت على خطط «الناتو»، منذ أن تم اعتماد خطة نشر القوات في أوروبا الشرقية خلال قمة الحلف صيف العام الماضي. وبعد أيام على تلك القمة، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أثناء اجتماع لكبار ضباط وزارة الدفاع الروسية، إن القوات الروسية تنفذ فعاليات ترمي إلى «الردع الاستراتيجي والقضاء على التهديد المحتمل على الجبهة الغربية»، لافتًا إلى أن الوزارة تولي أهمية خاصة لتعزيز القوات الروسية في الدائرة الغربية، وذلك عبر تزويد القوات هناك بأسلحة حديثة وعتاد وآليات حربية، كما يجري تطوير وتعزيز قوة أسطول البلطيق الروسي. وبعد وصفه للوضع على الحدود الغربية لروسيا بأنه «غير مستقر»، أشار وزير الدفاع الروسي إلى أن «الولايات المتحدة ودول أخرى في (الناتو)، يواصلون تعزيز قدراتهم العسكرية، وبالدرجة الأولى في دول جوار روسيا»، محذرا من أن «تلك الممارسات (من جانب الناتو) التي تؤدي إلى تقويض الاستقرار الاستراتيجي في أوروبا، تُجبر روسيا على تدابير للرد، وبالدرجة الأولى على جبهتها الغربية».
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016، قال ألكسندر غروشكو، مندوب روسيا الدائم لدى حلف «الناتو»، إن روسيا سترد على إرسال كتائب من القوات متعددة الجنسيات التابعة لـ«الناتو»، إلى بولندا وجمهوريات البلطيق. وفي حديث حينها لصحيفة «إزفستيا»، أشار غروشكو إلى أن لقاءات قادة «الناتو» لم تشهد أي تحولات إيجابية فيما يخص العلاقات بين الحلف وروسيا منذ قمة الحلف في يوليو (تموز) عام 2014، حين تم اتخاذ قرار بتشكيل وحدة للرد السريع، بحال هاجمت روسيا أيًا من دول الحلف، لافتًا إلى أن الحلف يحاول كذلك تعزيز تواجده في منطقة البحر الأسود، لا سيما عبر رومانيا، متوعدًا بأن «التدابير التي يتخذها (الناتو) لن تبقى دون رد» من جانب روسيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».