مقهى في بنغلاديش يفتح أبوابه بعد هجوم إرهابي عليه

قتلوا الرهائن الأجانب... وهواتف الضحايا نقلت صور الرعب إلى مواقع التواصل الاجتماعي

مخبز «هولي أرتيزان بيكري» الذي أعيد افتتاحه مؤخرًا (نيويوك تايمز)
مخبز «هولي أرتيزان بيكري» الذي أعيد افتتاحه مؤخرًا (نيويوك تايمز)
TT

مقهى في بنغلاديش يفتح أبوابه بعد هجوم إرهابي عليه

مخبز «هولي أرتيزان بيكري» الذي أعيد افتتاحه مؤخرًا (نيويوك تايمز)
مخبز «هولي أرتيزان بيكري» الذي أعيد افتتاحه مؤخرًا (نيويوك تايمز)

لم يكن مميزًا بل مجرد مقهى داخل سوبرماركت في مركز تجاري، لكن عندما دخلت سيدة أنيقة تدعى عائشة ستار يوم الأربعاء إلى مخبز «هولي أرتيزان بيكري»، الذي تم إعادة افتتاحه مؤخرًا، بدا تعبير لطيف على محياها، يشير إلى أنها لم تكن متأكدة من أن كل ذلك حقيقي. والتقط روكي، أحد الندل، أنفاسه عندما رآها وقال: «إنها العمة نيني إحدى زبائن المخبز الدائمين». ومر ذلك اليوم على هذا النحو. وقال أحد المالكين إن بعض الزبائن قد أتوا إلى المخبز وأخذوا يعانقون طاقم العمل؛ وأجهشت سيدة في البكاء، واشترت آخر قطعة مخبوزات، وعلبة زبادي معروضتين للبيع.
مرت ستة أشهر ولا أحد يتذكر مخبز ومطعم «هولي أرتيزان بيكري» إلا ويشعرون بالرعب. لقد كان يومًا ما من أحب المطاعم في دكا، عاصمة بنغلاديش، حيث يقع في الحي الدبلوماسي، ويحظى بشهرة بين المغتربين، والسكان المحليين على حد سواء إلى أن جاء يوم الواحد من يوليو (تموز) حين اقتحم المتجر خمسة رجال مسلحين يحملون أسلحة ثقيلة تحتوي على أسلحة منها قنابل وبنادق. تفرّق الزبائن، والندل، والطهاة في أنحاء البناية، وأخذ الرجال المسلحون في تصنيفهم موضحين لهم أن نيتهم هي قتل الأجانب، وغير المسلمين فحسب. وأخذوا يقتلون الرهينة تلو الأخرى باستخدام بنادق، ومناجل، واستخدموا هواتف الضحايا في نشر صور الجثث على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع انتهاء هذه الكارثة والمحنة بعد عشر ساعات، كان قد وصل عدد القتلى إلى 22، ومنهم ضابطا شرطة؛ وكان المطعم غارقًا في الدماء والزجاج المكسور متناثرا في أرجائه.
وظل الحي الدبلوماسي في مدينة دكا طوال أشهر مكانًا يسيطر عليه الخوف، حيث كانت المطاعم خالية، ولم يعد الأجانب يغادرون منازلهم في المجمعات السكنية. وأخذ الشباب البنغلاديشي يتساءل عمن يمكن الوثوق به، فالكثير من الإرهابيين من أسر ثرية تعيش في مناطق حضرية، ولا يختلفون عن النخبة من الشباب الذين تم قتلهم في الحصار.
في محاولة للخروج من هذه الحالة، قرر أصحاب المطاعم إعادة فتح «هولي»، الذي يعرف بما يقدمه من خبز الباغيت، والمكرونة يدوية الصنع. وقال علي أرسلان، أحد مالكي المطعم، إن الفكرة خطرت بباله بفضل طاقم العمل إلى حد ما، فعندما دفع لهم راتب شهرين، واقترح عليهم العودة إلى قراهم إلى أن يتعافوا من الصدمة، قالوا إنهم يفضلون العودة إلى العمل.
لذا عندما عرض عليه صديق مساحة في السوبرماركت الجديد الذي يفتتحه، قال أرسلان إنه وشريكه في العمل قالا: «نعم، فما الذي يمكن عمله سوى المضي قدمًا؟». وأضاف أرسلان قائلا: «لن يدفع أحد لنا دون أن نقدم شيئا، أو نفعل أي شيء سوى الشعور بالأسى تجاه ما حدث». وتحمس الكثيرون لذلك القرار. وكتبت سيده زارين البالغة من العمر 17 عاما على موقع «فيسبوك»: «فلنتجاوز الرعب، والحزن، والأسى». وكانت قد قرأت في الصحف عن شباب اختفوا، ربما للانضمام إلى جماعات مسلحة، وقالت إنها شعرت بالقلق من حدوث هجوم إرهابي ضخم آخر. مع ذلك لوهلة شعرت بالحماس والسعادة لفتح المطعم أبوابه من جديد. وأضافت قائلة: «شعرت وكأنه شكل من أشكال النصر».
مع ذلك كان من المؤلم تذكر ما حدث، فقد كانت العمة نيني صديقة مقربة من كلوديا دي أنتونا، مسؤولة تنفيذية إيطالية تم قتلها في الهجوم. كذلك كان فراز حسين، ابن شقيق أرسلان البالغ من العمر 20 عامًا، من بين ضحايا الهجوم الإرهابي. أما النادل راكيب أحمد الشهير بروكي، فبفضل حظه الجيد عمل في نوبة العمل الصباحية يوم الهجوم. ولم يتمكن من النوم جيدًا لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر بعد الهجوم.
وتختلف المساحة الجديدة عن المقرّ الرئيسي للمطعم، الذي كان يشغل طابقين، ويطل على البحيرة؛ فالمكان الجديد مساحته أقل، ويقع داخل مركز تجاري، ومحاط بقوات الأمن. مع ذلك قال إنه لم يكن يتوقع أن يكون المكان الجديد مشابهًا للمطعم القديم. وأوضح قائلا: «لا يمكنني أن أصف شكل المكان والشعور الذي كان يمنحه. كان الناس يستطيعون إحضار أطفالهم، وكلابهم، وقضاء اليوم كله هنا. لن يكون هناك مكان مثله أبدا لأن الأرض المتاحة حاليًا تستخدم لأغراض أخرى، وكذلك بسبب الخوف الموجود في نفوس الناس حاليًا».
مع ذلك تشجع عند مشاهدة عدد كبير من الأجانب الجالسين على الموائد لتناول الطعام، حيث لم يكن يتوقع أن تواتيهم الجرأة لفعل ذلك. وقال: «سوف نعود من جديد، وسنوضح للناس أن (هولي) قد عاد بالفعل».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.