الخارجيتان الروسية والكازاخية: موعد آستانة ليس نهائيًا

بوتين يواصل جهوده المكثفة لعقد المفاوضات

صورة جماعية لطاقم حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» في نهاية مهمتها قبالة الساحل السوري في طرطوس يوم 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)
صورة جماعية لطاقم حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» في نهاية مهمتها قبالة الساحل السوري في طرطوس يوم 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)
TT

الخارجيتان الروسية والكازاخية: موعد آستانة ليس نهائيًا

صورة جماعية لطاقم حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» في نهاية مهمتها قبالة الساحل السوري في طرطوس يوم 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)
صورة جماعية لطاقم حاملة الطائرات الروسية «الأميرال كوزنيتسوف» في نهاية مهمتها قبالة الساحل السوري في طرطوس يوم 6 يناير الحالي (إ.ب.أ)

تستعد العاصمة الكازاخية لاستقبال المفاوضات السورية السورية، بينما المتحدث باسم خارجيتها لم يستبعد احتمال تأجيل الموعد. وكانت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، قد تناولت في مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، أمس، المفاوضات المزمعة في آستانة، وبصورة خاصة الجدل الدائر حول موعدها واحتمالات التأجيل وقالت: إن موعد يوم 23 يناير (كانون الثاني) ليس موعدًا نهائيا لتلك المفاوضات.
وقالت زاخاروفا في إجابتها على أسئلة الصحافيين، إن «هذا ليس موعدا نهائيا وقد يتغير، وعندما يكون الموعد نهائيا فسيتم الإعلان عنه على المستوى الرسمي، وكذلك سيتم الإعلان عن قائمة المشاركين والرعاة»، موضحة: «إننا ننطلق الآن من أن 23 يناير هو الموعد الذي ستنعقد فيه المفاوضات».
من جهته قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الكازاخية إن موعد المفاوضات السورية في آستانة «غير واضح بعد». وفي حديث لوكالة «ريا نوفوستي» لم يستبعد الدبلوماسي الكازاخي احتمال تأجيل الموعد، وأضاف أنه «لا يوجد حتى الآن موعد نهائي للمفاوضات»، موضحا أن تحديده ليس من مهام الجانب الكازاخي الذي يعمل حاليا على تحديد المكان الذي يستضيف المفاوضات.
وفيما يبدو أنه عدول عن موقف موسكو بشأن مشاركة «القوى المسلحة فقط» في مفاوضات آستانة، قالت زاخاروفا في إجابة على سؤال حول احتمال مشاركة الهيئة العليا في تلك المفاوضات، إنه «لا توجد الآن أي معلومات نهائية حول المشاركين، والتفاصيل الأخرى. كل شيء في طور التشكيل»، واصفة الجهود التي تبذل لصياغة آلية تفاوض بين الأطراف التي كانت منخرطة في المواجهات المسلحة، بأنها «جهود دقيقة»، ومعربة عن أملها في أن يصبح اللقاء في آستانة معلما جديدا على الدرب نحو السلام، وأن يعطي دفعة قوية للعمل البناء من قبل كافة الأطراف السورية لاستئناف العملية السياسية في جنيف يوم الثامن من فبراير (شباط) برعاية الأمم المتحدة وعلى أساس القرار الدولي رقم 2254، داعية الشركاء الدوليين إلى المساهمة في إنجاح هذه الجهود.
وكانت مفاوضات آستانة موضوعًا رئيسيًا بحثه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم أمس، خلال اتصالين هاتفيين مع نظيريه الكازاخي نور سلطان نزار بايف، والتركي رجب طيب إردوغان. إذ بحث مع الأول «سير التحضيرات للقاء الدولي المرتقب في آستانة حول التسوية السورية»، وفق ما ذكر الكرملين في بيان رسمي. أما المحادثات مع إردوغان فقد أشار الكرملين إلى أنها جاءت بمبادرة من الجانب التركي، «وجرى التركيز خلالها على الوضع في سوريا». وأشار الرئيسان إلى التزام بشكل عام باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، و«اتفقا على مواصلة الجهود المشتركة في التحضير للمفاوضات في آستانة».
في غضون ذلك نفت وزارة الدفاع الروسية المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام غربية حول تعزيز الوجود العسكري في سوريا وزيادة عدد القوات هناك. وقال إيغور كونشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية في تصريحات، يوم أمس، إن العمل جار على تقليص القوات في سوريا، بموجب الأمر الذي أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) 2016، وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية أن مجموعة السفن التابعة لأسطول الشمال الروسي وعلى رأسها حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف» وعلى متنها 40 مقاتلة جوية، قد غادرت سوريا وهي عائدة الآن إلى قاعدتها في سيفيرمورسك. فضلا عن ذلك قالت الوزارة إن دفعة تضم 6 قاذفات من نوع «سو - 24» قد غادرت القاعدة في حميميم وعادت إلى قواعدها الدائمة في روسيا.
وكانت قناة «فوكس نيوز» قد قالت إن روسيا تعزز وجودها العسكري في سوريا، وانطلقت في ذلك من معلومات حصلت عليها من مسؤول أميركي، تشير إلى وصول 4 قاذفات من طراز (سو - 25) إلى قاعدة حميميم الروسية في سوريا. وقد أكد إيغور كوناشينكوف صحة تلك المعلومات، لكنه أشار إلى أن المقاتلات وصلت في إطار عملية المناوبات الدورية للقوات والعتاد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.