جنبلاط يدفع لانتخابات وفق «الستين» وبرّي يحذر من ضيق الوقت

مصدر وزاري «اشتراكي» لـ «الشرق الأوسط»: القانون الحالي هو الأكثر عدالة

رئيس الوزراء سعد الحريري لدى ترؤسه أولى جلسات مجلس الوزراء اللبناني في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
رئيس الوزراء سعد الحريري لدى ترؤسه أولى جلسات مجلس الوزراء اللبناني في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
TT

جنبلاط يدفع لانتخابات وفق «الستين» وبرّي يحذر من ضيق الوقت

رئيس الوزراء سعد الحريري لدى ترؤسه أولى جلسات مجلس الوزراء اللبناني في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)
رئيس الوزراء سعد الحريري لدى ترؤسه أولى جلسات مجلس الوزراء اللبناني في بيروت أمس (دلاتي ونهرا)

بات الحزب «التقدمي الاشتراكي» يروّج علنا لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة وفق القانون الحالي المعروف بقانون «الستين»، بعدما كان في مرحلة سابقة منفتحا على القانون المختلط الذي يعتمد النظامين، الأكثري والنسبي. ويُنتظر أن يتم الحسم بملف قانون الانتخاب بعد عودة رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، والوفد الوزاري المرافق، من جولته الخليجية باعتبار أن المهل باتت ضيقة وتستدعي اتفاقا سريعا لإتمام وزارة الداخلية استعداداتها لإجراء الاستحقاق النيابي في موعده المحدد الربيع المقبل.
وفيما حذر رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس من «ضيق الوقت»، معبرا عن خشيته مرة أخرى من «مواقف بعض الذين سيوفهم على قانون الستين وقلوبهم معه»، قالت مصادر وزارية في الحزب «التقدمي الاشتراكي» إن «قانون الستين هو الأكثر عدالة في المرحلة الحالية باعتباره يؤمن تمثيل كل المكونات الأساسية دون استثناء»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «البحث والنقاش في مشروعات القوانين الجديدة لم ينضج بعد، أضف أن تطبيق القانون الذي يعتمد النظامين المختلط والنسبي سيكون صعبا، ما يجعل الستين أفضل الممكن». وأضافت المصادر: «حين ندفع باتجاه قانون عصري، يجب أن نكون على الأقل عمدنا لإلغاء الطائفية من نظامنا السياسي ووضعنا حدا للعقلية المذهبية والمناطقية التي تسيرنا منذ نحو 150 عاما... عدا ذلك فإننا نكون نضحك على الناس وعلى أنفسنا، ففي النهاية لكل قانون حسناته وسيئاته».
وبعدما رفع النائب وليد جنبلاط الصوت عاليا بوجه اعتماد قانون يعتمد النسبية الكاملة، الذي بنظره يستهدفه شخصيا، توالت المساعي لطمأنته. إذ زاره بوقت سابق وفد مما يسمى «حزب الله» لهذا الغرض، كما أكّد حزب «القوات اللبنانية» أول من أمس عدم قبوله بأي قانون انتخابي لا يرضى به «الاشتراكي». رغم ذلك، أكّد ما يسمى «حزب الله» في الاجتماع الأخير لكتلته النيابية تمسكه بالقانون الذي يعتمد «النسبية الكاملة» والدوائر الموسعة أو لبنان دائرة واحدة، وهو القانون الذي يؤيده رئيس المجلس النيابي و«التيار الوطني الحر» أيضا. إلا أن الأخيرين يسوقان لمشروعات قوانين أخرى، منها القانون المختلط (بري) والقانون الأرثوذكسي (التيار). أما حزب «القوات» فيحاول التواصل مع كل الفرقاء للخروج بصيغة نهائية لقانون انتخابي يعتمد النظام المختلط ويحظى برضا الجميع.
وأكد مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» رامي الريس في حديث تلفزيوني أمس، أن حزبه «يميل إلى قانون الستين إلا أنه لم يقفل الباب على مناقشة أي من القوانين المطروحة لكن دائما تحت سقف الحفاظ على الشراكة الوطنية»، لافتا إلى أن هناك «كثيرا من البنود الواردة في الدستور لم تطبق منها إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس للشيوخ واللامركزية الإدارية وسواها، لذلك لا يجب أن نحمّل قانون الانتخاب وحده وزر تطبيق الدستور». وتساءل الريس: «لما لا نسير بسلة إصلاحية كاملة متكاملة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟»، وأضاف: «لعل النائب وليد جنبلاط هو الوحيد الذي يعلن ما يضمر في حين أن كثيرا من القوى السياسية تسجل مواقف للاستهلاك الشعبي وهي بالفعل لا تريد النسبية».
ولا يبدو حزب «الكتائب اللبنانية» الذي يصطف وحيدا في صفوف المعارضة باعتبار أنّه لم يتمثل في الحكومة، مرتاحا للمسار الذي تسلكه التحضيرات للانتخابات النيابية. وقد عبّر رئيسه النائب سامي الجميل، أمس، عن مخاوفه في هذا الإطار، لافتا إلى أنه «بعد الحديث عن أن أولوية الحكومة هي إقرار الموازنة وإقرار قانون جديد للانتخاب، تبين لنا أن الأولوية للغاز». وقال الجميل في مؤتمر صحافي أمس: «إننا نشعر أنّه قد حصلت تسوية في البلد أبرز بنودها الإبقاء على القانون الحالي»، مطالبا بـ«عرض قوانين الانتخاب على التصويت في المجلس النيابي».
وأعلن وزير الداخلية، نهاد المشنوق، بوقت سابق أن «أجهزة الوزارة تستعد، إن على صعيد تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية قبل نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي، أو بالنسبة إلى دعوة الهيئات الناخبة في فبراير (شباط) المقبل»، لافتا إلى أنّه سيتقدم «بطلب الاعتمادات ضمن المهل القانونية لإجراء الانتخابات في مايو (أيار) المقبل، أما في حال إقرار قانون جديد للانتخابات فسيتم تأجيلها لأشهر وذلك لأسباب تقنية، أو يُتّخذ قرار بإجراء الانتخابات في موعدها على أساس القانون الحالي على أن تُجرى الانتخابات التالية على أساس القانون الجديد، وهذا الخيار إذا اعتمد فسيكون لتجاوز فكرة التمديد المرفوضة من الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي».
ورجّح الخبير الدستوري والأستاذ المحاضر في الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية في بيروت، شفيق المصري، أن يكون التوجه لـ«اعتماد قانون مختلط يعتمد النظامين النسبي والأكثري، باعتبار أن هناك من يتحفظ ويعترض على النسبية الكاملة، كما أن معظم القوى تعترض على النظام الأكثري بالكامل الذي يتمثل في قانون الستين». وقال المصري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قانون كهذا قد يستلزم تأجيلا تقنيا كما سبق لوزير الداخلية أن أعلن، لكن المهلة ستكون محدودة. فبدلا من أن تُجرى الانتخابات في ربيع عام 2017، تُجرى في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه».
وعرض السفير البريطاني في بيروت، هوغو شورتر، مع الرئيس بري، أمس، ملف قانون الانتخاب، وقال بعد اللقاء: «بحثنا في الانتخابات النيابية المقبلة وقانون الانتخاب، ونعتقد أنّه يجب أن يتضمن إصلاحات أساسية مثل اللائحة المطبوعة مسبقا في إطار الشفافية والقانون العصري». وأعرب شورتر عن أمله أيضا في «اتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز مشاركة المرأة في البرلمان، من خلال إقرار قانون يتضمن كوتة نسائية، وألا ينحصر ذلك في البرلمان فحسب، بل نأمل في أن نرى أيضا وزيرات أكثر في الحكومة المقبلة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».