اغتيال أربعة ضباط يمنيين خلال يومين مع تصعيد الحملة ضد «القاعدة»

محكمة تدين المتهم ديان بقضايا إرهاب

اغتيال أربعة ضباط يمنيين خلال يومين  مع تصعيد الحملة ضد «القاعدة»
TT

اغتيال أربعة ضباط يمنيين خلال يومين مع تصعيد الحملة ضد «القاعدة»

اغتيال أربعة ضباط يمنيين خلال يومين  مع تصعيد الحملة ضد «القاعدة»

اغتال مسلحون مجهولون أربعة ضباط يمنيين في صنعاء خلال اليومين الماضيين في الوقت الذي تستمر فيه حملة كبيرة ضد تنظيم القاعدة في جنوب ووسط البلاد. وقتل ضابط في الجيش اليمني برصاص مسلحين في العاصمة صنعاء أمس، في وقت توفي فيه مسؤول في المخابرات متأثرا بجراح جراء إطلاق النار عليه. وأفادت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن مسلحين يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة اغتالوا العقيد عبد الرزاق الجبلي، مدير التدريب في الشرطة العسكرية في منطقة دارس شمال العاصمة صنعاء. وقالت مصادر رسمية يمنية إن المسلحين اعترضوا طريق القائد العسكري وأطلقوا النار عليه قبل أن يلوذوا بالفرار، في الوقت الذي توفي فيه العقيد محمد العريج، مدير الاستعلامات في جهاز الأمن السياسي (المخابرات) متأثرا بجراحه بعد إطلاق النار عليه من قبل مسلحين في صنعاء وكان بمعية أحد زملائه الذي توفي على الفور.
وتشهد الساحة اليمنية سلسلة متواصلة من عمليات الاغتيالات التي تطال الضباط في أجهزة الأمن وقوات الجيش. وقد حصدت هذه العمليات أرواح نحو أربعمائة ضابط، إضافة إلى عشرات الجنود، في الوقت الذي تشير أصابع الاتهام إلى تورط تنظيم القاعدة في معظم عمليات الاغتيالات هذه.
وتأتي هذه الاغتيالات فيما تشن حكومة صنعاء بالتعاون مع الولايات المتحدة حملة جوية ضد تنظيم القاعدة في جنوب ووسط البلاد. وأكدت وزارة الداخلية اليمنية مقتل نحو 55 من المشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة في الغارات الجوية التي نفذت الأيام الماضية في محافظتي شبوة وأبين. وأشار بيان للوزارة إلى أن بين القتلى ثلاثة من القياديين البارزين في التنظيم إضافة إلى وجود عناصر أجنبية ضمن المقتولين.
ومن جهة أخرى، أفادت مصادر محلية يمنية بأن مسلحين مجهولين خطفوا أمس نائب مدير أمن مديرية حريب بمحافظة مأرب شمال شرقي اليمن. ونقل موقع «براقش نت» اليمني عن المصادر قولها إن مسلحين من «القاعدة» اعترضوا الرائد عبد الرحمن صلاح وسط مدينة حريب، وقد حاول مقاومة الخاطفين الذين أصابوه بطعنات بالغة قبل أن يتمكنوا من اختطافه وهو بحالة حرجة واقتياده إلى جهة مجهولة.
وتزامن ذلك مع حكم محكمة البدايات الجنائية المتخصصة في قضايا الإرهاب أمس على سامي ديان، وهو أحد عناصر تنظيم القاعدة، بالسجن 15 سنة بتهمة الانتماء للتنظيم المتطرف والتخطيط لاغتيال قائد عسكري، بحسب ما أفادت مصادر قضائية.
وذكرت المصادر أنه حكم على سامي ديان بالسجن 15 سنة بعد أن أدين بـ«الاشتراك في تشكيل عصابة مسلحة للقيام بأعمال إرهابية والاشتراك في التخطيط لاغتيال العميد سالم القطن» قائد المنطقة العسكرية الجنوبية الذي قتل في عملية انتحارية وسط عدن في يوليو (تموز) عام 2012.
وقتل القطن بعد أن قاد بنجاح العملية العسكرية الضخمة التي أسفرت عن طرد عناصر «القاعدة» من محافظة أبين الجنوبية في يونيو (حزيران) من العام نفسه. كما أدين المتهم بمهاجمة مقرات عسكرية. وحكمت المحكمة على متهم آخر في القضية نفسها هو فرحان عوض السعدي بالسجن أربع سنوات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم