ابن كيران ينهي المشاورات مع أخنوش والعنصر بشأن تشكيل الحكومة

المراقبون يرجحون وجود أزمة ثقة في انتظار نتيجة اجتماع الفرصة الأخيرة مع الملك اليوم

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران
TT

ابن كيران ينهي المشاورات مع أخنوش والعنصر بشأن تشكيل الحكومة

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران

أوقف عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف أمين عام حزب العدالة والتنمية (125 مقعدا)، المشاورات الجارية مع عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار المغربي (37 مقعدا نيابيا)، بخصوص تشكيل الحكومة، بشكل تام، بعد ثلاثة أشهر من التعثر والانسداد، أعادت عقارب الساعة إلى الصفر.
وعرفت عطلة نهاية الأسبوع ارتفاعا شديدا في درجة التوتر بين الحزبين الرئيسيين في هذه المشاورات، بلغت درجة اللاعودة مع إصدار رئيس الحكومة المعين، مساء أول من أمس، بيانا يعلن فيه توقيف المشاورات مع أخنوش، وأيضا مع محند العنصر، أمين عام الحركة الشعبية. وجاء تصعيد ابن كيران على أثر رفض الحزبين اقتراحه بتشكيل الغالبية الحكومية من الأحزاب نفسها التي شاركت في حكومته السابقة، وإصدارها مساء أول من أمس بيانا مشتركا مع حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري، «تؤكد فيه رغبتها في تكوين حكومة قوية، وتعلن التزامها بالعمل المشترك من أجل الوصول إلى تقوية وتعزيز التحالف الحكومي»، وفقا لما جاء في بيان الأحزاب الأربعة.
وذكر ابن كيران في بيانه أنه وجه السؤال إلى أخنوش خلاله اجتماعه الأخير معه الأربعاء حول رغبته من عدمها في المشاركة في الحكومة، وقال: «هو السؤال الذي وعدني بالإجابة عنه بعد يومين، ولم يفعل، وفضّل أن يجيبني عبر بلاغ خطه مع أحزاب أخرى منها حزبان لم أطرح عليهما أي سؤال». وأضاف ابن كيران أنه استخلص أن أخنوش «في وضع لا يملك معه أن يجيبني، وهو ما لا يمكن للمفاوضات أن تستمر معه حول تشكيل الحكومة. وبهذا يكون قد انتهى الكلام معه، والشيء نفسه يقال عن السيد محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية».
ويرى كثير من المراقبين أن الأمر يتعلق بأزمة ثقة بين التجمع الوطني للأحرار وحزب العدالة والتنمية. ويقول المحلل السياسي ميلود بلقاضي في هذا الصدد، إن ابن كيران «ينظر بريبة إلى أخنوش، ويعتبر أنه يمثل ما يسميه قوى التحكم، في حين يرى أخنوش أن ابن كيران يتصرف كأمين عام لحزب العدالة والتنمية وليس كرئيس حكومة». ويقول بلقاضي إن الاجتماع المرتقب اليوم للمجلس الوزاري في مراكش، الذي سيترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويحضره وزراء حكومة تصريف الأعمال ضمنهم ابن كيران وأخنوش «سيكون بمثابة فرصة أخيرة ممكنة لتقريب وجهات النظر بين الرجلين، وتقديم تنازلات من الطرفين في اتجاه انفراج الأزمة».
من جهته، لم يستبعد منتصر زيان، رئيس المؤسسة المتوسطية للدراسات الاستراتيجية، أن يعيد ابن كيران إلى الواجهة فكرة التحالف مع أحزاب الكتلة الديمقراطية، أي حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، كبديل عن التحالف مع حزبي الأحرار والحركة، وذلك رغم موقف الاتحاد الاشتراكي الذي اصطف مع الأحرار والحركة في هذه الأزمة.
وأضاف زيان أن ابن كيران كان دائما يتغزل بحزب الاتحاد الاشتراكي، ويتحدث عن كونه كان منتميا إليه في شبابه قبل التحاقه بالحركة الإسلامية. وقال زيان إن السيناريو الثاني وهو حل مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات سابق لأوانه، وهو ما يتيحه الدستور لرئيس الحكومة. وتوقع زيان أن يكون هذا الحل في صالح ابن كيران، لأنه قد يعطيه مزيدا من الأصوات.
ويرى الباحث يوسف بلال استاذ علم الاجتماع السياسي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط، أن سبب هذه الإشكالية تكمن في النظام الانتخابي المعتمد في المغرب، الذي لا يمنح لأي حزب الغالبية المطلقة، ويفرض على الحزب الأول الخضوع للأحزاب الصغرى من أجل تشكيل الغالبية الحكومية، مشيرا إلى أن هذا ليس خاصا بالمغرب، بل تعرفه كل الدول التي اعتمدت نظاما انتخابيا مماثلا. وأضاف بلال أن هذه الأزمة تضع مصداقية المسلسل الديمقراطي في المغرب على المحك، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 125 مقعدا في مجلس النواب لا يمكنه أن يتنازل عن الفضاء الذي منحه إياه الدستور لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار الذي لم يحصل سوى على 37 مقعدا. ويعتقد بلال أن الحل سيكون من خلال تنازل أخنوش، مستبعدا إجراء انتخابات سابقة، لأنها ستكون مكلفة سياسيا وماديا، مشيرا إلى أن المستفيد الأكبر في حال إعادة الانتخابات سيكون حزب العدالة والتنمية.
في غضون ذلك، ما زال حزب الاستقلال الذي جرى استبعاده مؤخرا من مشاورات تشكيل الحكومة، جراء الأزمة مع موريتانيا، يقدم نفسه على أنه معني بها، إذ اعتبر في مقال نشر أمس في موقعه الرسمي أنه «خاطئ من يعتقد أن المواقف الأخيرة وضعت حزب الاستقلال على الهامش، أو أنها قلصت مساحات اشتغاله، أو أنها ضيقت عليه فضاءات التحرك».
وذكر المقال أن الحزب «لا ينظر إلى المشاركة في الحكومة كمشاركة في اقتسام قطع الكعكة، وأن مصير هذا الحزب التاريخي الكبير لا يرتهن بلحظة سياسية معينة مهما كانت قوّتها».
وأشار المقال إلى أن حزب الاستقلال حينما أعلن مشاركته في الحكومة المرتقبة في اجتماع المجلس الوطني للحزب، بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإنه أعلن مساندته للخيار الديمقراطي الذي قرره الناخب في صناديق الاقتراع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «بمعنى أن قرار المشاركة كان قرارًا سياسيًا صرفًا، وليس مجرد قرار تكتيكي يندرج في حسابات سياسية مرتبطة باللحظة».
وأضاف المقال أن قرار الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني الأخير الذي أعلن انتماء الحزب إلى الأغلبية النيابية، بغض النظر عن المستجدات السياسية القادمة، قرار لا يتخذه إلا حزب في حجم حزب الاستقلال، «بيد أن آخرين راحوا يبحثون عن مواقع، يحتمون فيها من قلق وغموض اللحظة السياسيّة». وأوضح المقال أنه كان بإمكان الحزب البحث عن مخارج أخرى ليس أقلها ربط الانتماء للأغلبية بتحقيق ما يفهمه الآخر كمنفعة ويتعامل معها على هذا الأساس، وهو قرار غير مسبوق في تاريخ الممارسة السياسية الوطنية، وبذلك - يضيف المقال - فإن حزب الاستقلال يعطي درسًا مفيدًا في الواقعية السياسية التي تلغي الذات وتضع ما هو خاص وذاتي في خدمة ما هو عام وموضوعي، ولذلك كله فالمشاركة في الحكومة من عدمها لا تصبح أولوية في هذا السياق.
وأشار المقال إلى أن حزب الاستقلال يتابع التطورات المتسارعة، «التي حولت في كثير من المرات مسار المشاورات إلى فرجة تضحك البعض وتسلي البعض الآخر، وتؤلم بعضًا ثالثًا، يتابعها بعين راصدة للوقائع وبقراءة عميقة للخلفيات».
وذكر المقال بمواقف الحزب الأخيرة «التي تحمل مسؤوليته في اتخاذها»، مضيفًا أن الحزب «لا يهتم بما يقال، إنهم تخلوا عن حزب الاستقلال، لأنه أكبر من أن يتخلى عنه، يذكر بها، لأنها كانت مواقف مشروطة ليس بمفهوم الابتزاز الذي تركناه لآخرين يتعاملون مع السياسة بمنطق الربح والخسارة، ولكن بمفهوم المسؤولية التاريخية، مواقف سياسية ربطت بتحالف مع القوى السياسية الوطنية، وحينما يتحول الأمر إلى عجينة أطفال من خلائط هجينة فإن قيادة الحزب قد تكون مطالبة بالعودة إلى المؤسسة التي اتخذت تلك القرارات لمناقشة التطورات وترتيب النتائج عن ذَلِك».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.