الإشاعات وشبح الأمراض القاتلة يحاصران السكان ويبثان الذعر

نشطت بعد أسبوعين من قطع المياه عن دمشق بسبب المعارك

رجل يحمل أواني لتعبئة مياه من الآبار المتوفرة في دمشق بعد شح المياه الذي يعاني منه سكان العاصمة السورية على أثر معارك أصابت نبع عين الفيجة الذي يروي دمشق، منذ أكثر من أسبوعين (إ.ب.أ)
رجل يحمل أواني لتعبئة مياه من الآبار المتوفرة في دمشق بعد شح المياه الذي يعاني منه سكان العاصمة السورية على أثر معارك أصابت نبع عين الفيجة الذي يروي دمشق، منذ أكثر من أسبوعين (إ.ب.أ)
TT

الإشاعات وشبح الأمراض القاتلة يحاصران السكان ويبثان الذعر

رجل يحمل أواني لتعبئة مياه من الآبار المتوفرة في دمشق بعد شح المياه الذي يعاني منه سكان العاصمة السورية على أثر معارك أصابت نبع عين الفيجة الذي يروي دمشق، منذ أكثر من أسبوعين (إ.ب.أ)
رجل يحمل أواني لتعبئة مياه من الآبار المتوفرة في دمشق بعد شح المياه الذي يعاني منه سكان العاصمة السورية على أثر معارك أصابت نبع عين الفيجة الذي يروي دمشق، منذ أكثر من أسبوعين (إ.ب.أ)

مع استمرار انقطاع المياه عن دمشق يسيطر على سكانها حالة رعب وسط أنباء عن تضاعف عدد الإصابات بالتسمم جراء استخدام مياه ملوثة غير خاضعة للرقابة والتعقيم، حيث يتم تداول منشورات على نطاق واسع عبر وسائل الاتصال من ضمنها الـ«واتساب»، تحذر من تناول الخضراوات وكل ما يحتاج إلى تعقيم في المطاعم والأماكن العامة، وكذلك التأكد من أن المياه المقدمة في المطاعم معقمة وصالحة للشرب.
وقال مصدر إعلامي مستقل في دمشق، إن أحد العاملين في مطعم وسط دمشق تحدث إليه عن قيام بعض المطاعم بجمع عبوات المياه الفارغة لإعادة تعبئتها بمياه صهاريج مجهولة المصدر، غالبًا غير معقمة، حيث تتم إعادة إغلاقها بشكل محكم، وتباع للمستهلكين على أساس أنها نظامية معقمة وغير مغشوشة. وقال الإعلامي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إنه شاعت تحذيرات بضرورة خرق العبوة أو كسرها بعد فراغها كي لا تعاد تعبئتها.
وعلى الرغم التحذيرات الكثيرة من ارتياد المطاعم إلا أن انقطاع المياه دفع الناس إلى تناول الأطعمة في السوق والأماكن العامة، حيث تنعدم فرص إعداد الطعام في المنازل التي تحتاج إلى الكثير من المياه لتنظيف الخضار، وإعداد الوجبات، وتنظيف الأطباق والأواني.
وأدت أزمة المياه غير المسبوقة التي تعيشها دمشق منذ أسبوعين بعد قصف المصدر الرئيسي للمياه في نبع عين الفيجة، إلى نشوء سوق سوداء تديرها عصابات من متنفذين من المحسوبين على النظام، مستغلين حاجة ستة ملايين نسمة للمياه، حيث ارتفعت بشكل غير مسبوق أسعار عبوات المياه المعدنية التي تكاد تكون المياه الوحيدة المعقمة والآمنة من مياه نبع الشفة، وبلغ سعر العبوة الواحدة (ليتر ونصف الليتر) نحو 300 ليرة سورية (الدولار = نحو 520 ليرة). إلا أن ازدياد الشكاوى أدى إلى قيام حكومة النظام بتسيير دوريات تموين لضبط الأسعار ومنع الاحتكار، ما تسبب بامتناع الباعة عن بيع المياه المعدنية علنًا في محالهم، وراحوا يبيعونها سرًا وبأسعار مضاعفة ما زاد في تفاقم الأزمة. بينما منعت الحكومة أصحاب الصهاريج من بيع المياه داخل العاصمة ما عدا استثناءات المتنفذين، الأمر الذي أدى أيضًا إلى ارتفاع أسعار مياه الاستخدام المنزلي بحسب المناطق، ويقول أحد أصحاب الصهاريج إنه يدفع إتاوات للحواجز تتجاوز 80 ألف ليرة ليصل إلى وسط دمشق وهذا يضيفه إلى سعر المياه، وقد يصل سعر البرميل إلى خمسة عشر ألف ليرة، أما الخزان فيعادل ثمنه راتب موظف سوري.
ويلجأ السكان ممن لا يمكنهم شراء عبوات مياه معدنية إلى تعقيم مياه الصهاريج عن طريق غليها أو استخدام أقراص الكلور المعقمة.
وبحسب مصادر طبية في دمشق فإن حالات التسمم والتهاب المعدة والأمعاء الحاد ازدادت بشكل كبير ومفاجئ منذ تفجر أزمة المياه في دمشق، بسبب تلوث المياه. وحسب تصريح أخصائي الأمراض الهضمية في مشفى ابن النفيس بدمشق لإذاعة «ميلودي إف إم» المحلية، يرد إلى مشفى ابن النفيس يوميًا بين 10 و15 حالة تسمم بعد أن كانت نحو 3 حالات سابقًا، بسبب شرب المياه الملوثة وعدم التأكد من مصدرها.
والمخاوف التي عبرت عنها المصادر الطبية ترافقت مع منشورات تداولها أهالي دمشق عن انتشار مرض مجهول السبب اسمه متلازمة (غيلان باريه)، أو التهاب الأعصاب الحاد المزيل للنخاعين ويتسبب بالشلل وحتى الموت، وذلك بعد ظهور نحو 26 إصابة في محافظة دمشق تم نقلها إلى المشافي الحكومية لتلقي العلاج. ومع أن التقرير لا يربط بين هذا المرض وتلوث المياه، إلا أنه يتم تداوله للتحذير من شرب المياه الملوثة.
ويقول نزار وهو صيدلاني، إن التحذيرات والإشاعات وبث الذعر بين الناس، ترمي إلى خلق بيئة تنشط السوق السوداء، سواء سوق المياه التي ترتفع أسعارها بشكل جائر أو سوق الأدوية والمعقمات، دون أن ينفي صحة ما قيل عن ظهور مرض (غيلان باريه)، وقال إنه يعرف حالتين على الأقل لكنه أشار إلى أن ظهور هذا المرض في سوريا كان في الساحل وريف دمشق ودمشق وقبل تفجر أزمة المياه، كما لفت إلى أن تلوث المياه أمر يحصل وتمكن مواجهته بالتعقيم بأبسط الوسائل، ولا داعي لحالة الذعر التي لا تحل المشكلة، متفقًا مع توصيف الأمم المتحدة لقطع المياه عن دمشق بأنه (جريمة حرب). ويقول: «نعم نحن نتعرض لجريمة حرب قذرة ولا داعي لأن نكون أيضًا ضحايا الابتزاز والإشاعات التي يروجها تجار الحروب».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.