نجوم الفن والإعلام في لبنان يطلقون حملات نوعية انتخابية

تبنتها مجموعة من الإعلاميين والفنانين.. وحل كلماتها المتقاطعة يطبق على ثلاث مراحل

ديما صادق  -  جورج خباز
ديما صادق - جورج خباز
TT

نجوم الفن والإعلام في لبنان يطلقون حملات نوعية انتخابية

ديما صادق  -  جورج خباز
ديما صادق - جورج خباز

«عم بتفكر بيَلي عم فكّر فيه؟» شعار انتشر في الآونة الأخيرة على ملصقات إعلانية ارتفعت على الطرقات والشوارع في لبنان. وتبين فيما بعد أنه عنوان لحملة توعوية موجهة للمواطن اللبناني، ليتعرف على حقوقه من ناحية الإصلاحات التي يجب أن يطالب بها، وذلك قبيل توجهه إلى صناديق الاقتراع وانتخاب مرشحه المفضل للانتخابات النيابية المقبلة.
وجوه معروفة في عالم الإعلام والفن شاركت في هذه الحملة، فتبنت فكرتها التي ستطبق على الأرض على ثلاث مراحل.
ديما صادق وبولا يعقوبيان ونيشان وداليا أحمد وجورج خباز وندى بوفرحات وغيرهم، انضموا تحت لواء هده الحملة التي يديرها ويشرف عليها سلام زعتري مقدم البرنامج الانتقادي الساخر «شي إن إن» على شاشة (نيو تي في).
وما إن وقعت عيون اللبنانيين على هذه الملصقات الإعلانية، التي نشرها أصحابها أيضا على صفحاتهم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي من «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستاغرام»، حتى راحوا يتساءلون عن طبيعة البرنامج التلفزيوني الذي سيجمعهم سويا. ورغم أن لكل صورة من هؤلاء المشاهير حملت في طياتها فكرة معينة، فجاءت مختلفة تدفع بناظرها إلى التساؤل عن سبب تقديمها بهذا الشكل، إلا أنها دفعت بمشاهدها إلى التفكير بحل لغزها تماما كما رغب القائمون على هذه الحملة أن تنعكس عليهم. فداليا أحمد مثلا صورت وهي تهم في تشغيل جهاز كهربائي فاحص يستخدم في المستشفيات ويرتبط بعبوة مصل من شأنه إسعاف المريض، ونيشان ظهر وهو يدون كتابات مبهمة على لوح أحد الصفوف الجامعية ويطرح السؤال «عم بتفكر بيَلي عم فكّر فيه؟»، وبولا يعقوبيان أمسكت بريش تنظيف الغبار وهي تتكئ على كرسي من الجلد الأسود. وتتوالى مواضيع هذه الملصقات الإعلانية الخاصة بالحملة، لتشمل الممثل جورج خباز وهو يجلس على كرسي مخصص لأصحاب الإعاقات، وزميلته ندى بوفرحات مكبلة اليدين يهم رجلان ملثمان بخنقها، وغسان الرحباني يقف في العتمة حاملا ولاعة مضاءة بيده، وكذلك الأمر بالنسبة للصورة التي تبدو فيها ديما صادق مكبلة اليدين بسلاسل حديدية ضخمة وهي تمسك بقلم.
كل هذه الصور المثيرة للجدل كانت عبارة عن المرحلة الأولى للحملة، كما أوضح لنا سلام زعتري، الذي قام شخصيا بتصوير هؤلاء النجوم. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هدف هذه الحملة هو حث اللبنانيين على تشغيل أفكارهم ودفعهم إلى التساؤل عن معاني هذه الصور». وأضاف: «لا يهمنا كيف أو بماذا سيفكرون، ولكن الأهم هو أن يفكروا ويبدأوا بحل هذا اللغز ليأتيهم الجواب الشافي في المرحلتين المقبلتين». ولكن عن ماذا يتكلم سلام زعتري ومن هي الجهة التي تقف وراء الموضوع وعن أي مراحل يتحدث؟ يرد: «الحملة موجهة للبنانيين لإثارة انتباههم مباشرة قبيل توجههم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مرشحهم للمجلس النيابي المقبل، وكذلك لتحفيزهم على تشغيل رؤوسهم بأفكار نيرة ومفيدة لهم، وما تشاهدونه اليوم هو الجزء الأول من الحملة التي تتألف من ثلاثة مراحل، الأولى ما ترونه حاليا هو بمثابة مقدمة لها لجذب الاهتمام، أما المرحلة الثانية فستحمل معلومات وأرقاما وإحصاءات عن أمور حياتية لم يسبق أن اطلع عليها اللبناني بعد وهذا من حقه، والثالثة تكشف عن الجهة المنظمة للحملة وتعرض إعلانات مصورة يشارك فيها دائما هؤلاء النجوم لتعلم الناس كيف يطالبون بحقوقهم المدنية وعلى طريقتهم». وعن كيفية اختياره لتلك الوجوه والفكرة من تقديم الحملة أجاب: «جميعهم من الأصدقاء وقد أبدوا بسرعة موافقتهم على هذا التحرك المدني، أما الفكرة فوجدتها الأفضل ضمن هذا الكم الكبير من الإعلانات الترويجية التي نشهدها مؤخرا، فهي تطرح أسئلة استفهامية مباشرة تشغل اللبناني بها بطريقة تلقائية».
وتقول الإعلامية بولا يعقوبيان لـ«الشرق الأوسط» حول مشاركتها في هذه الحملة: «لقد أخذت على عاتقي منذ زمن الوقوف في صف المرأة فهذا الإجحاف بحقها يدفعني إلى التحدث عنها في أي زمان ومكان، والحملة شكلت منبرا آخرا لي أتناول فيه هذا الموضوع». وأضافت: «لا أستطيع أن أستوعب سبب تغييب المرأة عن المشاركة في أي مجال أكان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وتستفزني بعض النساء ومجموعة من الرجال الذين يقولون لي إن (الكوتة) المتبعة في نظامنا السياسي تهين المرأة وتسيء إلى صورتها الاجتماعية، لأنني وعلى العكس تماما أعدها محاولة جاءت في مكانها لتصحيح خطأ تاريخي ارتكب في حقها، وهي في رأيي بمثابة مرحلة انتقالية لها من زمن الإجحاف والعتمة إلى زمن الحق والنور. وهناك مثل فرنسي يقول إذا أردتم الوقوف على مدى حضارة وطن انظروا كيف يتعاملون فيه مع المرأة وشواطئ البحر، وفي كلتا الحالتين نحن نعتبر متخلفين لأننا نزدري المرأة ونظافة شواطئنا البحرية».
من جهته أشار الممثل جورج خباز إلى أنه فور معرفته بالصورة التي سيمثلها في هذه الحملة (مساندة حقوق المعوقين)، لم يتردد عن إبداء موافقته على المشاركة فيها وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بغض النظر عما ستحققه الحملة أو العكس فأنا بمجرد أنها تصب في خانة الدفاع عن حقوق الإنسان أعدها فعالة». وأضاف: «أنا في الأصل متعاطف ومساند ومؤيد لأي خطوة يستفيد منها المعاق في مجتمعنا، وقد آن الأوان أن يعي بعض الناس غير المطلعين كفاية على هذه المسألة، أو الذين لا يعيرون حقوق الإنسان المعاق أهمية أن يتكاتفوا من أجل تحريره من نظرات الناس إليه أو من الإهمال الذي يلاقيه على الصعيد الاجتماعي أو الرسمي المسؤولة عنه الدولة اللبنانية». وختم بالقول: «دوري كان واضحا في الحملة ومن المفروض أن يكون لدينا تحركات توعوية مشابهة للتخلص من الركود الفكري الذي أصاب اللبنانيين بصورة أو بأخرى، وأجد سلام زعتري (المشرف على الحملة) يملك إمكانيات فكرية جيدة يترجمها بطريقة طرحه للأمور، وأنا من المعجبين فيها وبأسلوب تنفيذه لها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».