أبطال هوليوود ينقلون صراعاتهم إلى آسيا الجنوبية

أولها «الياكوزا» وآخرها «السور العظيم»

مات دامون وسط محاربي سور الصين العظيم - روبرت ميتشوم في «الياكوزا»
مات دامون وسط محاربي سور الصين العظيم - روبرت ميتشوم في «الياكوزا»
TT

أبطال هوليوود ينقلون صراعاتهم إلى آسيا الجنوبية

مات دامون وسط محاربي سور الصين العظيم - روبرت ميتشوم في «الياكوزا»
مات دامون وسط محاربي سور الصين العظيم - روبرت ميتشوم في «الياكوزا»

بينما كان ديفيد كارادين يُبدي مهارته في القتال الشرقي في حلقات «كونغ فو» التلفزيونية في مطلع السبعينات، لاعبًا شخصية أميركي - صيني يعيش في الغرب القاتل ويجيد الساموراي في مواجهة المسدسات القاتلة، كان روبرت ميتشوم يستجمع قواه ليدخل عرين الإمبراطورية اليابانية بدوره في فيلم مأخوذ عن رواية لليونارد شرادر بعنوان «الياكوزا»: (The Yakuza) شخصية أميركي لديه عقد دم مع حليف ياباني في المافيا المعروفة بـ«الياكوزا».
المشروع كان يلمع في وجه مارتن سكورسيزي مع مطلع عام 1970، لكن منتجيه اختاروا أولاً المخرج روبرت ألدريتش الذي طلب لي مارفن للدور. لي مارفن كان مشغولاً بسلسلة أفلام امتدت من 1970 حتى 1974 بلا توقف. هنا وصل المشروع إلى روبرت ميتشوم كبديل لمارفن وهذا قبل به على الفور بشرط إخراج ألدريتش من المشروع وإحلال سيدني بولاك. هذا ما حدث وتم عرض الفيلم في عام 1974.
في طي هذه المتحوّلات كمنت رغبة السينما الأميركية حينها الاقتراب من صيغة لم تكن جديدة، لكنها كانت بحاجة للتجديد: ماذا لو أن البطل الأميركي خاض حروبه في الشرق الآسيوي عوض شوارع نيويورك وبوسطن ولوس أنجليس؟ ماذا لو تم تقريب فنون القتال الشرقية إلى المشاهد عبر أفلام رئيسية؟
* في زمن آخر
لم يصبح «الياكوزا» أنجح أفلام العام. هذه المكانة حققها فيلم الوسترن الكوميدي «أسرجة ملتهبة» (Blazing Saddles) وبعده فيلم الكوارث «برج الجحيم» مع ستيف ماكوين وبول نيومان وحل «العراب 2» سادسًا بين فيلمين من أفلام الكوارث أيضًا هما «زلزال» و«مطار 1975».
لكن «الياكوزا» دفع الباب أمام أفلام أخرى من نوعه. صحيح أن «فلاش غوردن» طار فوق الصين سنة 1936 لكنه لم يحارب لجانب الصينيين أو الشرق آسيويين عمومًا كما فعل «الياكوزا» عندما هب الأميركي هاري لنجدة صديقه الياباني تاناكا كما قام بن كن تاكاكورا.
بعده، ببضع سنوات قام مايكل دوغلاس وآندي غارسيا بالتعامل مع مافيا «الياكوزا» ثانية في فيلم لريدلي سكوت عنوانه «مطر أسود» (1988): متحريان من نيويورك عليهما اصطحاب عضو في تلك المنظمة اليابانية إلى طوكيو لتسليمه إلى السلطات. حال وصولهما يهرب السجين وينبري المتحري ماساهيرو (كن تاكاكورا مرة ثانية) لمساعدتهما.
الجديد في السنوات الأخيرة، فيه بعض الاختلاف عما سبقه: أبطال هوليوود الآن يعيشون زمنًا بعيدًا مختلفًا في قرون مضت ويجيدون الساموراي كأفضل ما يمكن للمحترف إجادته. وكل شيء في هذا الإطار بدأ، ضمن هذا التيار المستحدث، عندما قام توم كروز، سنة 2003 ببطولة فيلم «الساموراي الأخير» حول رجل أميركي خاض غمار الحرب الأهلية الأميركية قبل أن يلجأ إلى الصين بحثًا عن ذاته. هناك يتعلم فن القتال بالسيف وينضم إلى مجموعة من المحاربين بعدما وجد أن دوره في الحياة لصالح المبادئ لم ينته بعد.
عشرة أعوام مرّت على ذلك الفيلم قبل أن يقوم كيانو ريفز بتمثيل وإخراج «رجل تاي شاي» لاعبًا شخصية صيني - أميركي ترعرع في الصين وحارب فيها ضد أشرار أحد القرون السابقة. هذا هو أيضًا موضوع فيلمه التالي «47 رونين» الذي يستبدل المكان (اليابان بدل الصين) لكن ريفز ما زال أجنبيًا عاش منذ صغره في اليابان وانضم إلى فريق من الساموراي الذين تحوّلوا إلى رونين (أي ساموراي سابق فقد سيّده وبات عاطلاً عن العمل) يحارب في سبيل استعادة مجده.
* المحاربون
في سنة 2015 لحق الممثلان جون كوزاك وأدريان برودي بهذا الركب فشاركا جاكي شان بطولة فيلم آخر من هذا النوع بعنوان «نصل التنين» ولو أن أحداثه تقع فوق «طريق الحرير» الرابط بين أوروبا والعالم القديم.
والآن يتقدم مات دامون لينضم إلى عداد الممثلين الأميركيين الذين وجدوا أنفسهم في إحدى بقاع جنوب - شرق آسيا في زمن مضى. ففي «السور العظيم» لزانغ ييمو نجده يؤدي دور مرتزق أميركي في قرن بعيد مضى يتحالف مع جيش صيني عند أحد ثكنات السور الكبير ليواجه مخلوقات متوحشة تحاول اختراق السور وتكاد تفعل لولا فطنته ومهارته.
إذا استثنينا أن جون واين، الذي قام سنة 1956، بدور جنكيز خان في فيلم «القاهر» لدك باول (1956)، و«سايونارا»، بطولة مارلون براندو، في العام التالي، فإن معظم الأفلام الأميركية التي دارت أحداثها في جنوب شرقي آسيا كانت حربية تتمحور حول المواقع القتالية الدامية التي خاضها الجيش الأميركي ضد اليابان فوق تلك الجزر والأراضي التي استولت عليها اليابان خلال الحرب العالمية الثانية وقامت الولايات المتحدة باستردادها.
تلك الحرب كانت معينًا لكثير من الأفلام التي قاد بطولتها جنود أميركيون ضد أعدائهم اليابانيين. وهذه اختلفت بدورها. شهد بعضها وجودًا حقيقيًا لشخصية المقاتل الياباني، كما الحال في فيلم كلينت ايستوود «رسائل من إيوو جيما» قبل عشر سنوات، بينما تحوّل المحارب الياباني في كثير منها إلى أشباح بلا شخصيات تقاتل وتموت على غرار قتال وموت الهنود الحمر في أفلام الوسترن.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.