الصين تقود ثورة الطاقة المتجددة في العالم... باستثمار 361 مليار دولار

انبعاثات الكربون تواصل النمو بوتيرة أقل

الصين تقود ثورة الطاقة المتجددة في العالم... باستثمار 361 مليار دولار
TT

الصين تقود ثورة الطاقة المتجددة في العالم... باستثمار 361 مليار دولار

الصين تقود ثورة الطاقة المتجددة في العالم... باستثمار 361 مليار دولار

يسعى العالم منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ العام الماضي للترويج للتوسع في الاستثمار في الطاقة المتجددة، التي أصبحت محل الاختبار في 2017 بعد تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، قائلا إنه «لا أحد يعرف حقا إذا كان التغير المناخي حقيقيا أم لا».
ويخشى خبراء أن يكون مصير اتفاق باريس كمثيله برتوكول كيوتو حول تغير المناخ في عام 1997 والذي رحبت به الولايات المتحدة الأميركية ثم قضى عليه الرئيس الأميركي بيل كلينتون ونائبه ألبرت آل جور.
على العكس يسعى المحرك الأول للاقتصاد العالمي، الصين، إلى اقتناص الفرص الاستثمارية في سوق الطاقة المتجددة بعد خسائر شركات الفحم والبترول على مدار العامين الماضيين، حيت أعلنت بكين عن استثمارات جديدة في قطاع الطاقة النظيفة.
وقالت إدارة الطاقة الوطنية في الصين أمس الخميس إن بكين ستستثمر 2.5 تريليون يوان (361 مليار دولار) في توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة بحلول عام 2020. حيث تواصل أكبر سوق للطاقة في العالم التحول من استخدام الفحم الضار بالبيئة في تشغيل محطات الكهرباء إلى أنواع من الوقود أكثر نظافة.
وتتوجه الكثير من الدول حاليا لزيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة حيث أعلنت السعودية أيضا عن نيتها إنتاج 9.5 غيغاواط من الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2023 ضمن رؤية السعودية 2030.
ولا يبدو أن خطة الصين الطموحة قد تؤثر على استهلاك النفط لديها إذ أن من سيتضرر في المقام الأول هو الفحم وليس النفط الذي يذهب أغلبيته لقطاع النقل، وتنتج الصين نحو 5 ملايين برميل من النفط ولكنها تستورد ما بين 4 إلى 5 ملايين من الخارج من بينها نحو 1.1 مليون برميل يوميا من النفط السعودي.
ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الرمادي: «هذا خبر جيد ومتوقع لأن التلوث في المدن في الصين فاق المقبول لكن الطلب على النفط لا يزال في مأمن حتى الآن، وسيظل الوقود الأحفوري، لا سيما الغاز الطبيعي أجدى اقتصاديا من الطاقة المتجددة».
وأشارت الإدارة الصينية في وثيقة خطتها الخمسية لتطوير قطاع الطاقة المحلي خلال الفترة ما بين 2016 و2020 إلى أن هذه الاستثمارات ستخلق أكثر من 13 مليون فرصة عمل في القطاع، وأضافت أن قدرة الطاقة المتجددة القائمة التي تشمل الرياح والطاقة المائية والشمسية والنووية ستسهم بنحو النصف في توليد الكهرباء الجديدة بحلول عام 2020، ولم تفصح الإدارة عن مزيد من التفاصيل بشأن مجالات إنفاق الأموال التي تعادل 72 مليار دولار سنويا.
وتعكس هذه الاستثمارات استمرار تركيز بكين على الحد من استخدام الوقود الأحفوري الذي دعم النمو الاقتصادي للصين على مدار العقد الماضي في إطار تصعيد الحرب على التلوث.
وفي الشهر الماضي قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - المسؤولة عن التخطيط الاقتصادي في الصين - في خطتها الخمسية إنه سيتم استثمار تريليون يوان في الطاقة الشمسية حيث تسعى الصين لتعزيز قدراتها بمقدار خمسة أمثالها، ويعادل هذا نحو ألف محطة كهرباء كبيرة بالطاقة الشمسية وفقا لتقديرات الخبراء.
وتأتي هذه الاستثمارات مع تراجع تكلفة بناء تلك المحطات بنحو 40 في المائة منذ 2010، وأصبحت الصين أكبر مولد للكهرباء بالطاقة الشمسية في العالم في العام الماضي.
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنحو 1000 في المائة في الفترة من 1990 وحتى 2015، في حين بلغت معدلات الانبعاثات الكربونية نحو 300 في المائة في نفس الفترة.
وتسعى الصين لتوليد ما يقرب من 27 في المائة من الطاقة المتجددة لمزيج احتياجاتها من الطاقة حتى 2020، وتولد الصين حاليا 18 في المائة من خلال مصادر الطاقة المتجددة، وتستهدف الصين إنتاج 80 في المائة من احتياجاتها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050.
وتحاول الصين زيادة قدرتها من الطاقة المائية إلى 380 غيغاواط، والرياح إلى 210 غيغاواط، ومن الطاقة الشمسية 110 غيغاواط والكتلة الحيوية إلى 15 غيغاواط بحلول 2020.
وفي حال تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح، فإن حصة الوقود عير الأحفوري في مزيج الطاقة في الصين في عام 2020 سيصل إلى نحو 15 في المائة، وفقا لحسابات وكالة الطاقة الصينية، الأمر الذي سيساعد على تخفيض الانبعاثات الكربونية بنحو 1.4 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون مع ضمان فرص عمل أكثر من 13 مليون شخص.
وفي الوقت الذي تستهدف فيه الدول الصناعية الكبرى تقليل الاعتماد على النفط والغاز والفحم بحلول عام 2040، جاءت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب كرياح معاكسة الأمر الذي دفع بعض الخبراء للتصريح بأن سوق الطاقة غير المتجددة لن تشهد تغيير جوهريا برغم الضغوط للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
على العكس يرى عملاق الطاقة إكسون موبيل في مذكرة للتوقعات المستقبلية لـ2040، بعد استقراء الطلب والتغير التكنولوجي ومستويات المعيشة العالمية الآخذة في الارتفاع، وأوضحت المذكرة أن ارتفاع الطلب في آسيا بقيادة الصين والهند رفع استهلاك الطاقة خلال السنوات العشر الأخيرة إلى مستويات قياسية، ومع التحولات التكنولوجيا فإن انبعاثات أكسيد الكربون من مصادر الطاقة سوف تبدأ في الانخفاض خلال 2030 ليتضاعف الانخفاض بحلول 2040.
وأشارت المذكرة إلى أن هذا الإطار الزمني سيشهد ظهور الغاز كأكبر مصدر للطاقة، وتوفير نحو ربع الطلب على وسائل أخرى للطاقة بحلول 2040، في قطاع الكهرباء في المقام الأول، وأيضا في بعض المناطق كوقود للنقل. وتوقعت إكسون موبيل ارتفاع كفاءة استخدام الطاقة والطلب عليها ولكن سيرتفع الطلب الفعلي بمقدار الربع.
كذلك، سيشكل الفحم جزءا أساسيا من معادلة الطاقة، فمن المتوقع أن يتم توليد 143 كوادريليون (ألف تريليون) وحدة حرارية بريطانية في عام 2040 بانخفاض طفيف من 150 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية في 2025 والتي ستشكل 20 في المائة من استهلاك الطاقة في ذلك الوقت، انخفاضا من 24 في المائة في عام 2025.
أما مجال توليد الكهرباء، فسيشهد تحولا كبيرا اعتمادا على الطاقة النووية والتي يتوقع أن ترتفع إلى 18 في المائة من إمدادات الكهرباء حول العالم بحلول عام 2040 ارتفاعا من 13 في المائة في الوقت الحاضر، فضلا عن توفير نحو 17 في المائة من مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2040 ارتفاعا من 13 في المائة في الوقت الحاضر.
وأفادت توقعات إكسون موبيل أن إمدادات الطاقة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة ستسمر في النمو حتى عام 2035، لتنمو استخدامات الرياح والطاقة الشمسية بنحو 360 في المائة.
وسينخفض معدل نمو انبعاثات الكربون على مستوى العالم، إلى 10 في المائة فقط عن مستويات 2015 بحلول 2040، بعد أن ارتفع بنحو 40 في المائة على مدار الـ15 عاما السابقة لـ2015.
أما عن الوقود المستمر في الهيمنة خاصة في زيادة حصة النفط الصخري، فمن المتوقع أن تهيمن سوق الغاز الطبيعي خلال الفترة المقبلة مع بروز روسيا والمنتجين في بحر قزوين لتتجاوز معدلات التصدير من الشرق الأوسط.
في حين سيشهد قطاع السيارات تحولات كبرى حول كفاءة استهلاك الوقود، فيبلغ متوسط استهلاك الوقود للسيارة 30 ميلا للغالون (9.5 لتر لكل 100 كيلومتر) في الوقت الحاضر، ومن المتوقع أن ينخفض استهلاك الوقود في 2040 ليصل إلى 50 ميلا للغالون الواحد (5.6 لتر لكل 100 كيلومتر).



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.