في سابقة خطيرة... مصراتة تلوح بالانفصال عن ليبيا

كوبلر يدعو الأطراف إلى ضبط النفس ومعالجة خلافاتهم عبر الحوار والمصالحة

مقاتل موال للقوات الحكومية الليبية يرفع شارة النصر من بين أنقاض أحد الأبنية في مدينة سرت بعد تحريرها من «داعش» (رويترز)
مقاتل موال للقوات الحكومية الليبية يرفع شارة النصر من بين أنقاض أحد الأبنية في مدينة سرت بعد تحريرها من «داعش» (رويترز)
TT

في سابقة خطيرة... مصراتة تلوح بالانفصال عن ليبيا

مقاتل موال للقوات الحكومية الليبية يرفع شارة النصر من بين أنقاض أحد الأبنية في مدينة سرت بعد تحريرها من «داعش» (رويترز)
مقاتل موال للقوات الحكومية الليبية يرفع شارة النصر من بين أنقاض أحد الأبنية في مدينة سرت بعد تحريرها من «داعش» (رويترز)

في حين لوح أعيان مصراتة بالانفصال عن ليبيا، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الذي بدأ أمس زيارة مفاجئة إلى تونس، أن «بلاده تريد من تونس الوقوف إلى جانبها لمنع التدخل الأجنبي في الشأن الليبي»، مؤكدا أن «ليبيا لا تريد أن تكون دولة تابعة لأحد أو تحت أي وصاية». ووصل صالح والوفد المرافق له إلى تونس، حيث كان في استقباله رئيس مجلس نواب الشعب التونسي محمد الناصر، وعقدا اجتماعا منفردا تلاه اجتماعان مع وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، ووزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب.
ومن المنتظر بحسب بيان أصدره مكتب عقيلة، أن يلتقي اليوم (الخميس) في ختام الزيارة مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بالإضافة إلى مبعوث جامعة الدول العربية لدى ليبيا صلاح الدين الجمالي.
من جهته، قام رئيس المجلس الأعلى للدولة، عبد الرحمن السويحلي، بزيارة مفاجئة أيضا إلى الجزائر في زيارة رسمية، وذلك بدعوة من حكومتها، حيث قال مكتبه الإعلامي إنه سيجري مُباحثاتٍ سياسية مهمة مع عدد من المسؤولين الجزائريين رفيعي المستوى خلال الزيارة التي ستستمر يومين.
إلى ذلك اعتبر مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أن التوتر في الجنوب يدعو إلى القلق. ودعا عبر تغريدة له على موقع «تويتر» جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومعالجة خلافاتهم عبر الحوار والمصالحة من أجل مصلحة ليبيا.
ولاحقا حذر كوبلر في بيان أصدرته بعثة الأمم المتحدة من خطر التصعيد الذي من شأنه أن يؤدي إلى تجديد النزاع وقال: «أحث جميع الأطراف على ضبط النفس وتسوية المسائل من خلال الحوار السلمي». وناشد جميع الأطراف العمل على المصالحة المحلية والوطنية، والامتناع عن أي عمل أو خطاب من شأنه تأجيج الأوضاع، مؤكدا ضرورة بذل جهود جديدة لإيجاد حلول للمسائل السياسية التي سوف تسمح بتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي بشكل كامل، كما أعرب عن دعمه القوي للمعركة القائمة ضد الإرهاب في ليبيا.
وكان سلاح الجوي التابع للقيادة العامة للجيش الليبي برئاسة حفتر، قد قصف طائرة عسكرية في مطار الجفرة أول من أمس، وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات من خصومه السياسيين والعسكريين.
وفي سابقة تعد الأولى من نوعها، لوح إبراهيم بن غشير، رئيس مجلس حكماء مصراتة، بالانفصال عن الدولة الليبية، حيث اعتبر أن المنطقة الغربية قادرة على أن تعيش من دون المنطقة الشرقية، التي يوجد فيها حفتر الموالي للبرلمان المعترف به دوليا. كما أدان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم بعثة الأمم المتحدة، بالهجوم الذي قال إنه استهدف طائرة نقل عسكرية كانت تقل نخبة من ضباط قوات «البنيان المرصوص»، التي تواجه تنظيم داعش في مدينة سرت.
وقال المجلس إن الوفد حضر إلى الجفرة لتقديم واجب العزاء في مصاب زميل له، متوعدا بأنه لن يسمح بتكرار هذا العمل، ولن يتسامح مع قتل وترويع المواطنين. كما حذر من استمرار ما وصفه بـ«التصعيد غير المبرر»، الذي قال إنه يفتح الباب أمام مواجهات يعمل كل الوطنيين على تجنبها.
وأدان المجلس البلدي والعسكري وأعيان بلدية مصراتة والمنطقة العسكرية الوسطى وفرقة عمليات الطوارئ بسلاح الجو في بيان مشترك القصف، وطلب من السراج بوصفه القائد الأعلى للجيش الليبي ضرورة تحمل مسؤولياته، واتخاذ الإجراءات بوضع حد لكل ما يهدد الوفاق بين الليبيين.
وأعلن الجيش الوطني أنه شن ضربة جوية ضد طائرة نقل عسكرية في منطقة الجفرة بوسط البلاد، مما أسفر عن إصابة رئيس المجلس العسكري لمدينة مصراتة المنافسة.
وتثير الضربة الجوية وما سبقها من اشتباكات مخاوف من تصاعد التوتر في المنطقة الصحراوية بوسط ليبيا بين القوتين العسكريتين الرئيسيتين في البلاد. ويتصاعد التوتر في المنطقة بين الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر من جهة وقوات من مدينة مصراتة الساحلية الغربية، أو قوات متحالفة معها من جهة أخرى بعضها مؤيد لحكومة السراج.
وقال الجيش إن طائرة مقاتلة تابعة له ضربت طائرة نقل من طراز «سي - 130» كانت متوقفة في الجفرة، موضحا أنها كانت تسلم أسلحة وذخيرة إلى ما وصفها بجماعات إرهابية متمركزة هناك.
لكن محمد قنونو، المتحدث باسم القوات الجوية في مصراتة، قال إن الطائرة «سي - 130» كانت تنقل وفدا زائرا من مصراتة، مؤكدا أن رئيس المجلس العسكري بالمدينة إبراهيم بيت المال أصيب، وقتل شخص في الضربة، كما أصيب ثالث أيضا.
وأوضح قنونو، الذي قال إنه يتحدث نيابة عن قوات متحالفة مع حكومة السراج، أن غرفة عمليات الطوارئ الخاصة بالقوات الجوية لهذه الحكومة تعتبر الهجوم عملا إجراميا، لكنهم سيردون بحكمة حفاظا على مصلحة الليبيين.
من جهة أخرى، اختار أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي نوح المغربي رئيسا للهيئة، خلفا لرئيسها السابق علي الترهوني المستبعد بقرار محكمة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.