تكثيف عمليات استهداف «داعش» و«فتح الشام» جوًا وبرًا

تكثيف عمليات استهداف «داعش» و«فتح الشام» جوًا وبرًا
TT

تكثيف عمليات استهداف «داعش» و«فتح الشام» جوًا وبرًا

تكثيف عمليات استهداف «داعش» و«فتح الشام» جوًا وبرًا

تسارعت في الأيام القليلة الماضية وتيرة العمليات العسكرية، وبالتحديد الغارات الجوية التي تستهدف متشددين من تنظيمي «داعش» و«جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة)، مع التركيز على الشخصيات القيادية والعناصر المنضوية في الجناح الذي يتخطى دوره سوريا إلى التخطيط لعمليات تستهدف دول العالم.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بمقتل 25 عنصرا على الأقل من «فتح الشام»، بينهم قياديون في غارات استهدف اجتماعا داخل أحد أهم مقرات الجبهة قرب بلدة سرمدا، بشمال غربي سوريا، مشيرا إلى أن القصف أسفر أيضا عن مقتل أربعة معتقلين كانوا محتجزين في نظارة داخل المقر. ولم يتمكن «المرصد» من تحديد ما إذا كانت الطائرات التي نفذت الغارات «تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن أم روسية»، إلا أن «فتح الشام» اتهمت على قناتها على تطبيق «تلغرام» التحالف الدولي بشن الغارة على أحد مقارها «المركزية».
وأوردت الجبهة في خبر عاجل «أكثر من 20 شهيدا جراء استهداف التحالف الصليبي لأحد المقرات المركزية في ريف (محافظة) إدلب الشمالي». وقال: «أبو أنس الشامي» المتحدث باسم الجبهة إن الهجوم شنه التحالف الدولي. وأضاف أن أكثر من 20 شخصا قتلوا. وأضاف في بيان «المقر المستهدف من قبل التحالف الدولي قبل قليل هو مقر رئيسي للمنطقة تلك، ويحتوي على مكاتب فرعية عدة؛ مما أدى إلى مقتل جميع الإخوة فيه».
أما «المرصد» فذكر أن بعض القتلى كانوا يحتجزون في المبنى، لكن المتحدث باسم «جبهة فتح الشام» نفى استخدام المبنى سجنا. وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب»، أن غارات عدة استهدفت أيضا مواقع عدة داخل بلدة سرمدا بينها حاجز لـ«فتح الشام»، وتحدثت عن سيارات إسعاف عدة هرعا إلى المواقع التي استهدفتها الغارات.
بدوره، قال مصدر مقرب من المعارضة السورية في محافظة إدلب لوكالة الأنباء الألمانية: إن «طائرات أميركية من طراز (بي 52) القاذفة العملاقة قصفت مقرًا لـ«جبهة فتح الشام» بين بلدتي سرمدا وكفردريان في ريف إدلب الشمالي، مساء الثلاثاء، وأسفر القصف عن مقتل جميع من كانوا في المقر من قادة وعسكريين، ويقدر عددهم بسبعة وثلاثين شخصًا». وأكد المصدر، نقلاً عن مصادر عسكرية في المعارضة في محافظة إدلب، أن «الطائرات القاذفة العملاقة أقلعت من قاعدة أنجرليك الجوية بجنوب تركيا، وألقت أربعة صواريخ شديدة الانفجار اهتز لها المقر الرئيسي للمنطقة الذي يحتوي على مكاتب فرعية عدة وألحق به مخفر».
من جانب آخر، بثت وكالة «رويترز» لقطات نُشرت على وسائل للتواصل الاجتماعي أظهرت أعمدة دخان تتصاعد عقب ما ورد أنه غارة جوية على سرمدا. وقال الناشط الإعلامي المعارض محمد شقلوب (من ريف إدلب) لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن المقر المستهدف يعد مقرًا رئيسًا في المنطقة ويحتوي على مكاتب فرعية عدة، مؤكدا مقتل جميع من كانوا داخله، لافتا إلى أن مقاتلي الجبهة فرضوا طوقا أمنيا حول المقر حتى انتشلت فرق الدفاع المدني جميع القتلى ودفنوهم في مقبرة بالمنطقة.
هذا، وكان 8 مقاتلين وقياديين من «فتح الشام» قضوا في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي جراء الضربات الجوية التي استهدفت، سيارات كانوا يستقلونها على طريق سرمدا – حزانو، وطريق سرمدا – باب الهوى بالريف الشمالي لإدلب، من بينهم أحد القياديين العشرة الأوائل في سوريا وأحد القادة الأربعة الأبرز في الحزب «الإسلامي التركستاني».
وأوضح رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، أن العمليات التي تقوم بها أميركا في سوريا والغارات التي تنفذها «تستهدف بشكل خاص المتشددين الذين تعتقد الاستخبارات الأميركية أن لهم دورا أبعد من سوريا، وفي سياق ما يُعرف بـ(الجهاد العالمي)، ومنهم من قاتل في أفغانستان أو غيرها»، لافتا إلى تركيزها بشكل خاص على حلقة «خراسان» داخل «جبهة النصرة».
وأشار زيادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاستراتيجية الأميركية في سوريا واضحة تمامًا، وتقتصر على محاربة هؤلاء كما تنظيم داعش، بخلاف الاستراتيجية الروسية القائمة على الخداع، ولعل أبرز مثال على ذلك انصراف طائرات موسكو لقصف حلب بالتزامن مع سقوط مدينة تدمر مجددًا بيد تنظيم داعش».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم