الصين تتدخل لدعم اليوان قبل تنصيب ترامب

للحد من خسائر العملة

البنك المركزي يتدخل في السوق للحيلولة دون هبوط اليوان بسرعة شديدة (أ.ف.ب)
البنك المركزي يتدخل في السوق للحيلولة دون هبوط اليوان بسرعة شديدة (أ.ف.ب)
TT

الصين تتدخل لدعم اليوان قبل تنصيب ترامب

البنك المركزي يتدخل في السوق للحيلولة دون هبوط اليوان بسرعة شديدة (أ.ف.ب)
البنك المركزي يتدخل في السوق للحيلولة دون هبوط اليوان بسرعة شديدة (أ.ف.ب)

تدخلت الصين في سوقي اليوان في الداخل والخارج لدعم العملة المتعثرة لليوم الثاني أمس الأربعاء، مما يثير تكهنات بأنها ترغب في إحكام قبضتها على العملة قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. ووضع البنك المركزي نقطة المنتصف اليومية لليوان عند مستوى أقوى من المتوقع، وقامت البنوك الحكومية ببيع الدولارات، في حين ارتفعت تكلفة الاقتراض لليوان الخارجي، وهي كلها عوامل تشير إلى تدخل حكومي للحد من خسائر العملة.
وساعدت تلك الخطوات اليوان على الارتفاع 0.1 في المائة رغم صعود مؤشر الدولار العالمي، بينما بلغ اليوان في الأسواق الخارجية أعلى مستوى له في أسبوعين.
وتشتد مخاوف المستثمرين العالميين بشأن اليوان قبل تنصيب ترامب في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي. وهدد ترامب خلال حملة الانتخابات الرئاسية بفرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات السلع الصينية، ووصف بكين بأنها تتلاعب بسعر العملة.
وقال كين تشيونغ، الخبير الاستراتيجي في أسواق الصرف الآسيوية لدى بنك «ميزوهو» في هونغ كونغ، في مذكرة للعملاء، إن نقطة المنتصف الداعمة لليوان، وارتفاع تكلفة الاقتراض، يشيران إلى أن «بنك الشعب» الصيني (البنك المركزي) ربما كثف تحركه للدفاع عن اليوان والحيلولة دون اختراقه مستوى 7 يوانات مقابل الدولار.
وقال تشيونغ: «التطبيق الفعلي لسياسة ترامب وموقفه المناوئ للصين أمران حاسمان لاتجاهات الدولار واليوان في 2017».
وأضاف: «رغم أن التوترات بين الصين والولايات المتحدة ازدادت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن أي استفزاز من جانب حكومة ترامب بعد توليه منصبه سيزيد بسهولة من احتمال نشوب حرب تجارية، وسيطلق موجة بيع عنيفة للعملة الصينية». وحدد «بنك الشعب» الصيني نقطة المنتصف لليوان عند 6.9526 يوان للدولار قبل فتح السوق، وهو مستوى أضعف من النقطة السابقة البالغة 6.9498 يوان للدولار. وفي السوق الفورية فتح اليوان عند مستوى 6.9565 دولار في تعاملات أمس.
وفقد اليوان 6.6 في المائة مقابل الدولار العام الماضي ليتكبد أكبر خسارة سنوية منذ عام 1994. ويتوقع كثير من مراقبي السوق مزيدا من التراجع في العملة هذا العام، مما سيجبر بكين على سحب مزيد من احتياطي النقد الأجنبي إذا رغبت في تحقق الاستقرار للعملة.
وقال متعامل لدى بنك صيني في شنغهاي: «البنك المركزي يتدخل في السوق للحيلولة دون هبوط اليوان بسرعة شديدة»، مضيفًا: «جرى تحديد سعر اليوان (نقطة المنتصف) اليوم (أمس) عند مستوى أقوى من المتوقع، والبنوك الحكومية أيضا تواصل طرح الدولارات في السوق».
وجرى تداول اليوان في الأسواق الخارجية بزيادة 5 في المائة عن سعره الفوري في البر الصيني البالغ 6.9231 يوان للدولار.
وشددت الصين مؤخرًا من إجراءات تحويل العملة للخارج، في محاولة للحفاظ على الاحتياطي النقدي الأجنبي في البلاد، الذي تراجع إلى أدنى مستوى في نحو 6 سنوات، بالإضافة إلى سعيها إلى إبقاء العملة مستقرة، في وقت يشهد إصلاحا ماليا ضخما لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
واعتبارًا من يوم الأحد، 1 يناير الحالي، سيتحتم على الصينيين الذين يرغبون في شراء عملات أجنبية من البنوك ملء استمارة لتحديد الغرض من الشراء، وبيانات أخرى. وقالت مصلحة الدولة للنقد الأجنبي في بيان على موقعها الإلكتروني إنها ستراجع هذه المعلومات والبيانات عن كثب وبشكل مستمر. وبلغت الاستثمارات المباشرة غير المالية للصين في الخارج 1.12 تريليون يوان (161.19 مليار دولار) في 2016، بينما يبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين 785 مليار يوان.
وقال «بنك الشعب» الصيني (المركزي) الجمعة الماضي، إن البنوك وبقية المؤسسات المالية الأخرى في الصين سيتعين عليها الإبلاغ عن جميع المعاملات النقدية المحلية والخارجية التي تتجاوز قيمتها 50 ألف يوان (7201 دولار) مقارنة مع مائتي ألف يوان في السابق اعتبارًا من يوليو (تموز) المقبل. وسيتعين على البنوك أيضًا الإبلاغ عن أي تحويلات إلى الخارج من أفراد بقيمة عشرة آلاف دولار فأكثر.
وتأتي هذه التحركات بينما يواصل الدولار ارتفاعاته أمام سلة العملات الرئيسية نتيجة رفع أسعار الفائدة على العملة الأميركية في آخر اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ديسمبر الماضي، وتعني قرارات البنك المركزي الصيني بأنه يتخوف من انهيار عملته بشكل مفاجئ في حال زادت التحويلات بالدولار من بلاده، وهو ما يترتب عليه خلل في بعض بنود الموازنة الصينية، رغم أن الصين من أكبر المصدّرين في العالم، وتستفيد من تراجع عملتها بشكل كبير، إلا أن التوازن في مرحلة الإصلاح يأتي بنتائج ثابتة على المدى البعيد.
وقد يؤدي قرار البنك المركزي الصيني إلى زيادة تخوفات المستثمرين الأجانب في البلاد، وهو ما حاولت الصين تقليله من خلال بيان نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية، قالت فيه نقلاً عن الحكومة الصينية، إن القواعد الجديدة على تحويلات العملة للخارج لا تمثل قيودًا رأسمالية؛ في وقت أخطرت فيه بعض البنوك عملاءها بأن شراء العملة الأجنبية لأغراض اقتناء العقارات والأوراق المالية والتأمين على الحياة، غير مسموح به.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).