الحكومة والمسلحون يتبادلان الاتهامات بشأن مجزرة في دارفور

الحكومة والمسلحون يتبادلان الاتهامات بشأن مجزرة في دارفور
TT

الحكومة والمسلحون يتبادلان الاتهامات بشأن مجزرة في دارفور

الحكومة والمسلحون يتبادلان الاتهامات بشأن مجزرة في دارفور

لقي 10 أشخاص مصرعهم وجرح أكثر من 60 في أحداث عنف دامية بمدينة نيرتتي بولاية وسط دارفور السودانية، وتبادلت المعارضة المسلحة والحكومة الاتهامات حول المسؤولية عن الحادث الذي دفع ثمنه العشرات من المدنيين الأبرياء.
وذكرت تقارير صحافية أن بلدة نيرتتي، التي تبعد زهاء مائة كيلومتر شرق عاصمة ولاية وسط دارفور، شهدت أول أيام السنة، هجومًا شنته قوات مسلحة، أدى لمقتل 9 أشخاص إثر العثور على جندي مقتول في أحد أحياء البلدة، واتهمت القوات الحكومية بشن هجوم واسع على أهالي البلدة استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والخفيفة، لكن الخرطوم نفت تلك الرواية. واستبقت «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور التقارير الرسمية واتهمت من سمتهم الميليشيات الحكومية، بارتكاب الجريمة، بيد أن والي الولاية جعفر عبد الحكم ذكر في مؤتمر صحافي، أمس، أن التحقيقات الأولية التي أجرتها سلطات الأمن المحلية أثبتت تورط مجموعة تابعة لـ«حركة تحرير السودان» بزعامة عبد الواحد محمد نور، فيما سماها أحداث الشغب.
ونقلت «الشروق نت» الحكومية عن الوالي عبد الحكم قوله، إن أسباب الحادث تعود لورود بلاغ الجمعة الماضي بالعثور على جندي تابع للجيش النظامي مقتولاً في منطقة غابات بالمدينة، ثم نقل الجثمان لأحد أحياء المدينة لغرض التمويه. ووفقًا للوالي، فإن اليوم التالي شهد تعرض طبيب يتبع التأمين الصحي للضرب والنهب، وإن معلومات البلاغين تؤكد ضلوع 6 مسلحين ينتمون لـ«حركة تحرير السودان» التابعة لعبد الواحد محمد نور.
وذكر الوالي أن مواطنين من أسرة واحدة قتلا برصاص أطلقه المتهمون، وأن القوات المشتركة ألقت القبض على اثنين منهم، وأضاف: «المسلحون قاموا بقتل الجندي، والاعتداء على الطبيب والنهب، والمجموعة كانت تقصد استفزاز القوات المسلحة وإحداث الفوضى كما حدثت في منطقة طور العام الماضي».
وأوضح أن قوة مشتركة من الشرطة والجيش تحركت لمكان الحادث للقبض على الجناة الستة، فبادروا بإطلاق النار، وحرضوا المواطنين على مواجهة القوات بالشغب، بيد أنها تصرفت بمسؤولية وواجهت الجمهور الهائج بالهراوات ومقابض البنادق، مما عرض 28 رجلاً؛ 4 منهم شرطة، و19 من النساء للإصابة بجراح طفيفة، ونقلوا إلى المستشفى.
وتعهد الوالي بتنفيذ خطة مشددة لإزالة المهددات الأمنية في المنطقة والبلد، وتحقيق الاستقرار، استنادا إلى توصيات اللجنة المكلفة بالتحقيق، وبحصر الخسائر وتعويض المتضررين، مؤكدًا عودة الأوضاع لطبيعتها في البلدة.
من جهتها، استبقت حركات دارفور المسلحة التي تحارب القوات الحكومية في إقليم دارفور منذ عام 2003، التقارير الحكومية واتهمت، في بيانات منفصلة، من سمتهم قوات حزب المؤتمر الوطني والميليشيات التابعة لها بارتكاب المجزرة، ونقلت رواية مخالفة للراوية الرسمية، ترجع أسباب الحادث إلى العثور على أحد أفراد الميليشيات قتيلاً في أحد أحياء البلدة، لكنها تتهم «الميليشيات الحكومية بتنفيذ مجزرة جماعية انتقامًا من المواطنين».
واتهمت أحزاب الأمة والمؤتمر السوداني والبعث العربي المعارضة، في بيانات متتالية، من سمتها الميليشيات الحكومية بارتكاب مجزرة جديدة في اليوم الأول من العام الجديد، وأدانت الجريمة وعدّتها «ترقى لمصاف جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية». كما أدانت كل من «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، الأحداث.
ويشهد إقليم دارفور حربًا بين الحكومة وحركات مسلحة متمردة منذ 2003، وتقول الحكومة إنها قضت على التمرد في الإقليم المضطرب، وإنها تعمل على جمع السلاح، لكن الحركات المسلحة تقول إنها لا تزال تقاتل القوات الحكومية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.