حملة عسكرية ضد «القاعدة» في أبين... ومقتل 3 جنود يمنيين في كمين

أباتشي «التحالف» تمشط سواحل الحديدة وتعز وتودي بعشرات الانقلابيين

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب في اليمن يستعرضون ما اكتسبوه من خبرات خلال حفل تخرجهم في عدن الأسبوع الماضي (أ. ف. ب)
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب في اليمن يستعرضون ما اكتسبوه من خبرات خلال حفل تخرجهم في عدن الأسبوع الماضي (أ. ف. ب)
TT

حملة عسكرية ضد «القاعدة» في أبين... ومقتل 3 جنود يمنيين في كمين

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب في اليمن يستعرضون ما اكتسبوه من خبرات خلال حفل تخرجهم في عدن الأسبوع الماضي (أ. ف. ب)
عناصر من قوات مكافحة الإرهاب في اليمن يستعرضون ما اكتسبوه من خبرات خلال حفل تخرجهم في عدن الأسبوع الماضي (أ. ف. ب)

لقي ثلاثة جنود يمنيين مصرعهم وجرح سبعة آخرون في كمين لعناصر مسلحة تنتمي لتنظيم القاعدة في محافظة أبين، في حين شن الجيش اليمني حملة عسكرية كبرى ضد التنظيم المتطرف في المحافظة الواقعة شرق عدن.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحي «القاعدة» أعدوا كمينا لعناصر ضمن حملة عسكرية موسعة على مناطق جبال المراقشة في المحافظة، التي تعد المعقل الرئيسي للتنظيم في جنوب اليمن، منذ مطلع عقد تسعينات القرن الماضي. وقال مصدر محلي إن الحملة العسكرية، التي انطلقت فجر أمس، جاءت في ضوء معلومات استخباراتية عن تمركز تلك العناصر المتطرفة في تلك المناطق وتخطيطها لمداهمة مدن وبلدات محافظة أبين شاركت فيها طائرات «الأباتشي» التابعة لقوات التحالف، في المحافظة، التي جرت استعادة السيطرة عليها من قبل قوات الجيش اليمني، منتصف العام الماضي. وبحسب المصدر، فإن الحملة تهدف إلى تطهير المنطقة من تلك الجماعات، التي يعتقد أنها تتلقى أموالا وأسلحة من جهات نافذة في صنعاء، وفقا للاتهامات المتكررة من قبل مسؤولين في الحكومة الشرعية في عدن.
وتعد منطقة جبال المراقشة واحدة من أهم معاقل «القاعدة» في جنوب اليمن، منذ مطلع عقد تسعينات القرن الماضي، عندما لجأ إليها المتشددون العائدون من أفغانستان الذين نفذوا سلسلة عمليات إرهابية ضد المصالح الأجنبية في اليمن. ومنذ أكثر من عام، والحكومة الشرعية تنفذ حملات عسكرية واسعة النطاق لمداهمة المدن والمناطق التي تسيطر عليها «القاعدة»، والتي يعتقد أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح سهل لها تلك السيطرة. وتمكنت السلطات اليمنية الشرعية خلال عام 2016 من طرد «القاعدة» من محافظتي حضرموت وأبين، وأجزاء واسعة من محافظة شبوة، غير أن التنظيم أبقى على وجود له في بعض المناطق الجبلية الوعرة في أبين وشبوة.
على صعيد آخر، هاجمت طائرات «الأباتشي» التابعة لقوات التحالف مواقع للميليشيات الانقلابية في مدن وبلدات على ساحل البحر الأحمر، غرب البلاد، وتحديدا مدن الحديدة والخوخة (محافظة الحديدة) والمخا (تعز). وأكدت المصادر أن الغارات المكثفة التي نفذتها المروحيات، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في المدن المستهدفة. وقالت المصادر إن المناطق التي شنت «الأباتشي» غاراتها عليها، كانت عبارة عن ثكنات عسكرية على السواحل، وتعزيزات بالعتاد والسلاح والجند وصلت من مناطق مختلفة تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إنهم «شاهدوا طيران (الأباتشي) يحلق على مستوى منخفض على ساحل مدينة الحديدة في تمشيطه لمواقع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، واستهدف مواقع للميليشيات الانقلابية المخا الساحلية التابعة لمحافظة تعز، حيث كانت تجمعا للميليشيات ومخازن للأسلحة».
إلى ذلك، تواصل الميليشيات الانقلابية قصفها للأحياء السكنية ومواقع الجيش اليمني في مختلف الجبهات، علاوة على قصفها مستشفى تعز للعظام بمنطقة بير باشا، غرب المدينة، وسقط على أثرها قتيل وعدد من الجرحى، بينهم أطفال. وبينما تستهدف الميليشيات الانقلابية الأحياء السكنية، وتجدد محاولاتها التقدم إلى مواقع قوات الجيش اليمني، تصدت الأخيرة لهجمات الميليشيات في حذران ومحيط تبة الخلوة وقرية مانع ومواقع شرق جبل المنعم وغرب جبل هان الاستراتيجي وبير باشا وحي المرور، وأجبرتهم على الفرار بعد سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم.
في سياق متصل، تمكنت قوات الجيش اليمني، أمس، من تحرير مواقع جديدة في جبهة بيحان بمحافظة شبوة. ونقل مركز إعلام القوات اليمنية المسلحة عن قائد كتيبة الحزم قوله، إن وحدات من الجيش طهرت جبهة الساق، وحررت منطقة تلال مقيربة شمال بيحان. وأكد العقيد أحمد صالح العقيلي أن التقدم مستمر باتجاه منطقة الصفحة لقطع إمداد الميليشيات الانقلابية إلى منطقة عسيلان وتضييق الخناق عليها جنوب وغرب بيحان.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.